أوروبا تزيد مشترياتها من الغاز الروسي مع استمرار البحث عن بديل

بلغت نسبته نحو 50 % في الـ7 أشهر الأولى من 2023

فني لدى أحد خطوط الغاز الروسية (رويترز)
فني لدى أحد خطوط الغاز الروسية (رويترز)
TT

أوروبا تزيد مشترياتها من الغاز الروسي مع استمرار البحث عن بديل

فني لدى أحد خطوط الغاز الروسية (رويترز)
فني لدى أحد خطوط الغاز الروسية (رويترز)

زادت دول الاتحاد الأوروبي كميات الغاز الطبيعي المسال الروسي التي تشتريها، رغم استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية، ما يعكس تعقيدات إيجاد بديل لمصدر الطاقة الحيوي مع اقتراب فصل الشتاء.

وبعد بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022، قلّصت موسكو بشكل حاد من صادرت الغاز عبر الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي، ما دفع دوله الـ27 إلى البحث عن مصادر بديلة في ظل اعتمادها على الوقود الأحفوري.

واستثمرت دول الاتحاد في البنى التحتية لموانئها، وزادت العام الماضي كميات الغاز الطبيعي المسال التي تشتريها بنسبة 70 في المائة. وتشكل الولايات المتحدة مصدر 40 في المائة من كميات الغاز المنقول عبر السفن.

لكنّ الدول الأوروبية زادت أيضاً من كميات الغاز الطبيعي المسال الروسي، خصوصاً عبر «توتال إنرجي» الفرنسية التي استثمرت بشكل كبير في سيبيريا.

ويُستثنى الغاز من العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بسبب الحرب، لكن نسبته من إجمالي الواردات الأوروبية تراجعت خلال العامين الماضيين. وبات الغاز الروسي (عبر الأنابيب أو بشكله الطبيعي المسال) يشكل 15 في المائة فقط من إجمالي وارداته إلى الاتحاد الأوروبي في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقابل 24 في المائة في 2022 و45 في المائة في 2021.

لكنّ هذا التراجع الإجمالي لا يعكس صورة فعلية بشأن الغاز الطبيعي المسال من روسيا، إذ بلغت كمياته 12.4 مليار متر مكعب خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة (17 في المائة من إجمالي الواردات الأوروبية)، مقابل 19.3 مليار طوال عام 2022 و13.5 مليار في 2021. وشكّل الغاز الطبيعي المسال نصف كمية الغاز التي استوردها الاتحاد الأوروبي من روسيا بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز)، مقابل الربع في 2022.

وقال المفوض الأوروبي للطاقة قدري سيمسون، منتصف سبتمبر (أيلول)، في وارسو: «يمكننا ويتوجب علينا تقليص واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي وصولاً إلى إلغائها بالكامل. أحضّ الشركات والدول الأعضاء على القيام بدورها».

وتبدو دول الاتحاد مستعدة للشتاء، إذ إن مخزوناتها من الغاز امتلأت بنسبة 90 في المائة اعتباراً من منتصف أغسطس (آب)، وجددت تأكيد خفض الاستهلاك.

وقال المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة فاتح بيرول، في 18 سبتمبر: «نحن في وضع أفضل» هذه السنة، مبقياً على حذره نظراً لأن شتاء 2023 قد يكون «أشد من العام الماضي».

واقع تجاري

ودعت منظمة «غلوبال ويتنس» غير الحكومية في أغسطس، «الحكومات إلى إعداد خطة طوارئ لوضع حد لتجارة الغاز الروسي التي تملأ جيوب المقربين من (الرئيس فلاديمير) بوتين»، مؤكدةً أن واردات أوروبا من الغاز الروسي هي أعلى فعلياً من المعلن رسمياً. لكنَّ الخبراء يرون أنه من الصعوبة بمكان أن تستغني القارة عن الغاز الروسي بشكل فوري.

وقال الباحث في معهد «بروغل» سيموني تاليابييترا، وفق وكالة «فرنس برس»: «ثمة واقع تجاري: للشركات الأوروبية عقود طويلة الأجل مع المزوّدين الروس»، ولا يمكنها بالتالي خفض الكميات التي تشتريها سوى بشكل تدريجي مع انتهاء مدة هذه العقود.

وأوضح أن «الحل الوحيد لتجاوز هذه العقبة هو حظر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي أو خفض كمياته إلى مستوى متفق عليه وفق منصة مشتركة وسقف للسعر، وبالتالي تقليص اعتماد أوروبا على المزوّد الروسي الذي يشكل خطراً جيوسياسياً على التكتل القاري».

وتابع: «حتى في حال توقف شراء أي غاز طبيعي مسال من روسيا اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول)، يمكن لأوروبا تمرير الشتاء بسبب تراجع الطلب (على الغاز) من الصين»، ما يخفف من الضغوط على سوق الغاز العالمية ويتيح للقارة إيجاد مصادر بديلة للطاقة.

وفي حين يسهل تحويل وجهة الغاز الطبيعي المسال المنقول عبر السفن، لا تزال الكميات المعروضة عالمياً «محدودة»، والمشاريع الجديدة المرتقبة «لن تبصر النور قبل أعوام»، وفق «فرنس برس» نقلاً عن الخبير في «إي آي» معز عجمي.

وفي حال أرادت أوروبا استبدال بالغاز الطبيعي المسال الروسي آخر من الولايات المتحدة أو قطر، ستصبح تكلفة هذا المصدر أعلى، إذ ستضطر لدفع مبالغ أكبر في الشحن نظراً لأن المسافة الفاصلة بين القارة الأوروبية وهذين البلدين، هي أطول من التي تفصلها عن روسيا.

وإلى الآن، لم يطرح حظر الغاز الروسي بالكامل على طاولة البحث الأوروبية. إلا أن احتمال الإجازة للدول الاعضاء تقليص الكميات التي تشتريها مدرج ضمن تشريع أوروبي بشأن أسواق الغاز تتم دراسته في الوقت الراهن.

وسبق لدول أوروبية عدة أن خفضت مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي في 2022، مثل البرتغال والسويد، في حين أن دول أساسية مثل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا زادتها بنسبة 55 في المائة، وفق مركز «آي إي إي إف إيه» البحثي.


مقالات ذات صلة

10 دول في الاتحاد الأوروبي تدعو لحظر الغاز الروسي

أوروبا فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على واردات النفط المنقولة بحراً من روسيا لكنّه لم يحظر حتى الآن واردات الغاز من موسكو (رويترز)

10 دول في الاتحاد الأوروبي تدعو لحظر الغاز الروسي

دعت 10 دول في الاتحاد الأوروبي التكتل المكون من 27 دولة إلى حظر واردات الغاز الذي يصل عبر خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال من روسيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا عمال يقفون بالقرب من أنبوب في موقع بناء لتمديد خط أنابيب الغاز الروسي «ترك ستريم» عام 2022 (أرشيفية - رويترز)

الكرملين: هجوم أوكرانيا على خط أنابيب «ترك ستريم» عمل «إرهابي»

قالت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، إن الكرملين اتهم أوكرانيا اليوم (الاثنين)، بمهاجمة خط الأنابيب «ترك ستريم»، واصفاً ذلك بأنه «عمل إرهابي في مجال الطاقة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا عمال يقفون بالقرب من أنبوب في موقع بناء لتمديد خط أنابيب الغاز الروسي «توركستريم» عام 2022 (أرشيفية-رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بمهاجمة محطة تابعة لخط أنابيب «توركستريم» للغاز

اتهمت روسيا، اليوم الاثنين، أوكرانيا بشن هجوم بواسطة مُسيّرات على محطة لتوزيع الغاز تابعة لـ«توركستريم»؛ خط الأنابيب الوحيد لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال لقائه مهندسين وفنيين في حقل ريفين البحري (وزارة البترول المصرية)

مصر: «بي بي» تنتهي من حفر بئرين لإنتاج الغاز بحقل «ريفين» البحري

أعلنت وزارة البترول المصرية، الأحد، انتهاء شركة «بي بي» البريطانية، بنجاح، من أعمال الحفر واستكمال الآبار، للبئرين الإضافيتين بحقل غاز «ريفين» بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد شعار «شل» خلال المؤتمر والمعرض الأوروبي لطيران رجال الأعمال في جنيف (رويترز)

«شل» تحذر من ضعف تداول الغاز الطبيعي المسال والنفط في الربع الأخير من العام

قلّصت شركة شل توقعاتها لإنتاج الغاز الطبيعي المُسال للربع الأخير وقالت إن نتائج تداول النفط والغاز من المتوقع أن تكون أقل بكثير من الأشهر الـ3 الماضية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الخريّف: قطاع المعادن العالمي يحتاج لاستثمارات بقيمة 6 تريليونات دولار

وزير الصناعة والثروة المعدنية بدر الخريف أثناء الكلمة الافتتاحية للاجتماع الوزاري (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية بدر الخريف أثناء الكلمة الافتتاحية للاجتماع الوزاري (الشرق الأوسط)
TT

الخريّف: قطاع المعادن العالمي يحتاج لاستثمارات بقيمة 6 تريليونات دولار

وزير الصناعة والثروة المعدنية بدر الخريف أثناء الكلمة الافتتاحية للاجتماع الوزاري (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية بدر الخريف أثناء الكلمة الافتتاحية للاجتماع الوزاري (الشرق الأوسط)

أعلن وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بدر الخريّف، أن قطاع المعادن العالمي يحتاج إلى استثمارات تقدر بـ6 تريليونات دولار، لتلبية الطلب على مدى العقد المقبل.

وقال في مستهل الاجتماع الوزاري الدولي الرابع للوزراء المعنيين بقطاع التعدين المنعقد في الرياض تحت شعار «تحقيق الأثر»، على هامش مؤتمر التعدين الدولي، إن الاجتماع عبارة عن منصة فريدة للتصدي للتحديات ووضع حلول قابلة للتنفيذ.

ولفت إلى التقدم المحرز في 3 مبادرات رئيسية تم الاتفاق عليها العام الماضي، وهي: وضع إطار دولي للمعادن الحيوية لسلاسل إمداد مرنة، وإنشاء شبكة من مراكز التميز لبناء القدرات الإقليمية، وتعزيز التوريد المسؤول من خلال الشهادات والشفافية.

صورة جماعية للوزراء قبيل انطلاق الاجتماع في الرياض (الشرق الأوسط)

وأشار الخريف إلى تنوع وعمق التمثيل الموجود اليوم في الاجتماع الوزاري، حيث يشارك 87 حكومة، من بينها 16 دولة من دول مجموعة العشرين، و50 وزيراً، و13 نائب وزير، بالإضافة إلى ممثلين عن القطاع الخاص والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، عادّاً «هذا التنوع الواسع في المشاركين يعزز الالتزام المشترك بالتعاون والحاجة المُلحة للوحدة العالمية. فالمعادن تُعدّ جوهر سلاسل الإمداد، وهي حاسمة لتلبية الطلب المزداد الناتج عن التحول في مصادر الطاقة، ولتحقيق المرونة. وسلاسل الإمداد المسؤولة تعتمد على قدرتنا على العمل معاً، حكومات وقطاع صناعي ومجتمعات على حد سواء».

وتطرق الوزير إلى التحديات التي تواجه قطاع المعادن، مثل تقلب أسواق السلع وأهمية مشاركة أصحاب المصلحة والفجوة في المواهب الناتجة عن شيخوخة القوى العاملة.

واختتم كلمته بالتشديد على أن الجهود الدولية لمواجهة هذه التحديات يجب أن تُترجم إلى نتائج ملموسة.