كفاح محمود

كفاح محمود

بين التلوث الفكري والتلوث البيئي!

منذ سنوات طويلة والعالم يتحدث عن التلوث البيئي في كوكبنا وما سينتجه من كوارث مناخية وبيولوجية تسقط ظلالها على إنتاج البشر وتفاصيل حياتهم وربما مصائرهم، وفي حينها لم يكترث الكثير لمغبّة ما تفعله الصناعات الثقيلة ومخرجاتها، والأنشطة النووية والكيماوية والجرثومية وتجاربها السرية والعلنية، ناهيك بالتلوث الرهيب في دول آسيا وأفريقيا وأميركا الشمالية الذي ينافس التلوث في أوروبا وأميركا رغم الفارق الحضاري، وذلك بسوء استخدام الطبيعة ومواردها، ورغم كل دعوات المنظمات والحكومات وأحزاب الخضر فإن ذلك لم يجدِ نفعاً، حيث بدأت الكارثة تتحقق فيما يجري اليوم من أزمة خانقة للمياه والتغييرات الخطيرة في المناخ وارت

الثلاثي الأعمى: التعصب والتشدد والتطرف!

ثلاثة مفاهيم وسلوكيات يمارسها البعض من دون دراية مسبقة أو كرد فعل انعكاسي، أو ربما للتغطية على أمر يتقاطع كلياً عن فكرة التشدد والتعصب والتطرف في محاولة لإخفاء جملة حقائق لا يريد أصحابها انفضاح أمرها، ولعل أبرز الذين يمارسون هذه السلوكيات هم من أصحاب التوجه الأحادي الذي لا يقبل الرأي الآخر، بل ينفيه بالمطلق أو يحاول إلغاءه، والأمر لا يقتصر على الأفكار والآراء السياسية فحسب، بل يمتد إلى أنماط من السلوكيات الأخرى، خاصة تلك التي تتعلق بالعادات والتقاليد، والتعصب الأعمى للانتماء القبلي أو القومي وما يتمخض عنه من تطرف في الأفعال وتشدد في التعامل مع الآخرين، وباختصار فإن التعصب هو شعور داخلي يجعل ال

الانتحار وتداعياته الاجتماعية والسلوكية

تختلف عملية الانتحار وأسبابها، ما بين انتحار فردي لأسباب خاصة، أو انتحار عقائدي يذهب ضحيته كثير من الأبرياء، وانتحار سياسي نتيجة عمل ما يؤدي لإنهاء موقع صاحبه، أو انتحار فردي يحرض فيه صاحبه الأهالي على رفض النظام السياسي، وفي معظم هذه الأنواع يكون الانتحار عملية إنهاء الحياة، ويتم ذلك غالباً بسبب اليأس، الذي كثيراً ما يُعزى إلى اضطراب نفسي مثل الاكتئاب أو الكآبة الاضطهادية أو الفصام أو إدمان الكحول أو تعاطي المخدرات، إضافة إلى عوامل الإجهاد المفرط مثل الصعوبات المالية أو موت شخص عزيز أو إشكاليات اجتماعية تتعلق بالسمعة، خصوصاً موضوع الشرف الشخصي، وفي كل الحالات هو جريمة قتل محرمة دينياً، وقانون

النخب الثقافية والزوايا الضيقة!؟

لم توضع النخب الثقافية على مختلف اختصاصاتها وتوجهاتها في زوايا ضيقة، كما وُضعت فيه منذ إسقاط نظام حزب البعث في العراق وما تلاه بعد ذلك في ليبيا وغيرهما، والتي كانت تعيش في ظل أنظمة شمولية سرعان ما تهاوت بمجرد تدخل أجنبي أحدث تغييراً فوقياً حاداً انعكس بشكل كبير على تلك النخب التي أُصيبت بالذهول والحيرة والإحباط والإحراج إزاء العاصفة التي اكتسحت تلك الأنظمة الفاسدة وزعماءها الذين أذلوا شعوبهم وخدّروهم بشعارات كاذبة، تم تمريرها من خلال أجهزة إعلامهم التي اختزلت الأوطان بأشخاصهم وأحزابهم، واستغلوا حالات الانكسار والهزيمة لدى الكثير من هذه النخب في عنترياتهم التي تكشفت وانفضحت بعد ساعات من انهيار

هل لا يزال طلب العلم من الصين متاحاً؟

رغم أن المقارنات لا تعطي نتائج مقبولة إذا ما كانت الظروف بين طرفي المقارنة مختلفة، إلا أنها تضع خريطة طريق تُظهر نقاط الضعف والقوة ومكامن الخلل والمتانة بين الطرفين إذا ما كانا متقاربين في ظروفهما، خصوصاً ما يتعلق بنمو وتطور المجتمعات وبيئتها الاقتصادية والاجتماعية، وصولاً إلى تطور نظامها السياسي كدول أو كيانات، وهذا ما يبدو جلياً في مقارنتنا بين مجموعتين من الدول والمجتمعات، فما بين الصين وبعض من شقيقاتها في جنوب شرقي آسيا، وبين العراق ومصر وشقيقاتهما من دول الشرق الأوسط، مسافات بعيدة جغرافياً لكنها قريبة جداً في طبيعة مجتمعاتها ومواصفاتها التكوينية وموروثاتها الحضارية والفلكلورية، ورغم هذا ا

إقليم كردستان العراق وتحديات التعايش!

هنا في بلاد الرافدين، تحديداً في إقليم كردستان العراق، وعبر تاريخ هذه المنطقة من العالم، من أقصى ممالك ميديا إلى أقصاها في ممالك آشور، نزولاً إلى أور وطيات الهجرات الأولى لشعوب وأقوام شمال ما بين النهرين إلى جنوبه، حيث أولى بصمات الحضارة وحرفها السومري الأول في مقامات الكلام وباكورة أنسنة الإنسان البدائي، صعوداً إلى تلك الهضاب بين أكد وبابل الحضارة والجمال وأختام القوانين وبدايات عصر النواميس والدساتير، كان التعايش هو التحدي الأكبر بين الأقوام والأعراق والأديان، التي أخذت أشكالها وطيّات سيكولوجيتها من تضاريس هذه البلاد واختلاف أشكالها وألوانها، جبالها ووديانها، حيث توزعت مشارب البشر وانتماءاته

الميكافيلية بين السلطة والآيديولوجيا

المكيافيلية نظرية أو مبدأ تبناه المفكر والفيلسوف والسياسي الإيطالي نيكولو مكيافيلي في القرن السادس عشر، حيث يعتقد أن صاحب الهدف باستطاعته أن يستخدم الوسيلة التي يريدها أياً كانت وكيفما كانت دون قيود أو شروط، وباختصار كان هذا المبدأ الأساس الذي بنيت عليه فكرة الغاية تبرر الوسيلة التي أصبحت لدى الكثير من النظم السياسية وأدواتها من الأحزاب والأفراد نهجاً وقاعدة للتسلق واستجداء الشرعية عبر سلوك إعلامي ودعائي أقل ما يقال عنه إنه مكيافيلي لا يهمه في تحقيق أهدافه انتهاج أي وسيلة من الوسائل مهما كانت في طبيعتها عدائية أو شوفينية أو كارثية كما حصل في مراحل كثيرة من تاريخ البشرية القديم والحديث، حيث أدت

الزينة السياسية

واحد من أهم أوجه الصراع في حقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي ومجموعته الأوروبية الشرقية وبين الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا الغربية كان موضوع النظام الديمقراطي الذي تباهت به أميركا وبريطانيا وحلفاؤهما أمام الروس، ومجموعتهم من الدول التي استنسخت النظام الشمولي تحت شعار دكتاتورية البروليتاريا التي بَشَّر بها الفيلسوف الألماني كارل ماركس (1818 - 1883) وتوقعها في بريطانيا على فرضية وجود طبقة عمالية مقهورة، إلا أن ذلك لم يحدث، إذ نجحت ثورة أكتوبر (تشرين الأول) 1917، في أن تشرع بتطبيقات حكم طبقة العمال والفلاحين، وفي الجانب الثاني كانت الرأسمالية تتطوّر لتنافس ذلك النظام بمنظومة سياسية و

بين الاغتراب القسري والاختياري!

من الصعوبة بمكان إيجاد تعريف شامل لفكرة الاغتراب، لاختلاف مفهومه واستخداماته في الفلسفة والاجتماع والسياسة، وفي التحليل النفسي أيضاً، ناهيك عن السلوك الاجتماعي المتعدد الأوجه بيئياً وجغرافياً، رغم أنه، أي الاغتراب، فكرة قديمة، وقد تناولها الكتاب والفلاسفة منذ القدم حتى عصرنا هذا من زاويتين؛ إحداهما الاغتراب عن المكان، سواء كان ذلك الاغتراب عن الوطن اختيارياً أو قسرياً، حيث وقفوا على ما يصاحبه من أمور تمس النفس الإنسانية وعلاقتها بطبيعة الحكم والنظام السياسي في الوطن الأم من جهة، وبينها وبين النظام الاجتماعي وما تصبو إليه من علاقات مغايرة، ومن زاوية أخرى التفتوا إلى ذلك الإحساس بالاغتراب الذي ي

جورج أورويل وأنظمة النقيق السياسي!

لم يكن الروائي البريطاني جورج أورويل، يدرك أن توقعاته لشكل النظام السياسي في روايته 1984 التي كتبها في 1949 قد جاءت متأخرة كثيراً عمّا أنتجه الشرق الأوسط من أنظمة (الزعيم الأوحد وملك الملوك والقائد الضرورة وإمام الأمة) والتي كانت متفوقة أو مطابقة أو ربما أكثر توحشاً من (الأخ الأكبر)، الذي جاء كناتج تطوري على طريقة تشارلز داروين صاحب نظرية التطور، وبدلاً من أخ كبير واحد أصبح لدينا بالتكاثر العشرات من ذلك الأوحد ممن يحملون ذات الجينات ولكن أكثر تطوراً، والتطور هنا ليس بالضرورة إلى الأمام، بل ربما يكون عكسياً كما يرى الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه!