لؤي عبد الإله
كاتب عراقي مقيم في لندن

قفزة إلى المجهول

يرى الروائي التشيكي في كتابه «خيانة الوصايا» أن البشر يتحركون في الحاضر وكأنهم «يتحركون في الضباب» فهم لا يستطيعون أن يروا أكثر من أمتار قليلة، وهذا الضباب لن ينجلي إلا بعد أن يصبح الحاضر ماضياً، عند ذلك فقط نستطيع نحن القادرين على رؤية الماضي بوضوح تحديد الخطوات الضالة التي اتبعها أسلافنا عند التفاتنا إلى الوراء. وكم يبدو هذا الحال منطبقاً على القوميين العرب، خلال الجزء الأكبر من القرن العشرين.

الطريق نحو الانقراض الثقافي

لا أجد أي غرابة في صعود «داعش»، فقبلها سبقتها «القاعدة»، وقبلها سبقهما سيد قطب، الذي أدار ظهره على عصرنا معتبراً إياه جاهلية جديدة، مطالباً بالقطيعة مع العالم في إنجازاته العلمية والثقافية والفنية، لأنها في نهاية المطاف جزء من جاهلية مقيتة. عرف الغرب منذ القرن السابع عشر تطوراً في مجال العلوم التطبيقية والنظرية، وشهدت أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين ثورة علمية هائلة في مجال ما سمي فيزياء الكم، التي تمكنت من تفكيك الذرة وفهم ما تحتويه من أسرار كثيرة ترتبت عليها عدة ثورات (غير دموية) في مجال المنتجات الإلكترونية من راديو وتلغراف وتلفزيون إلى عصر الترانسستور، الذي سمح بتحويل