رئيسا أركان تركيا وإيران يبحثان التطورات في سوريا والعراق

تناولا التعاون الأمني والاستخباراتي وضبط الحدود

TT

رئيسا أركان تركيا وإيران يبحثان التطورات في سوريا والعراق

سيطرت التطورات في سوريا والعراق والتعاون الاستخباراتي في مكافحة الإرهاب على المباحثات بين رئيسي هيئتي أركان الجيشين التركي خلوصي أكار والإيراني محمد باقري، الذي بدأ زيارة لتركيا أمس الثلاثاء، هي الأولى من نوعها لرئيس أركان إيراني منذ 28 عاما بدعوة من نظيره التركي.
وقالت مصادر قريبة من المباحثات لـ«الشرق الأوسط» إن التطورات في سوريا، ولا سيما ما يتعلق بمناطق خفض التصعيد، وفي مقدمتها منطقة إدلب التي شهدت سيطرة جبهة النصرة على مساحة واسعة منها بالقرب من الحدود التركية.
وأضافت المصادر أن رئيسي الأركان تناولا التعاون الأمني الاستخباراتي في مجال أمن الحدود والتصدي لنشاطات حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا وإيران وامتداده في سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي السوري وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب الكردية».
وأضافت المصادر أنه في هذا السياق تناول الجانبان التدابير المشتركة لضبط الحدود بين البلدين ومنع تسلل العناصر الإرهابية والقضاء على أنشطة التهريب.
وبدأت تركيا مؤخرا بناء جدار إسمنتي على حدودها مع إيران في إطار تشديد التدابير الأمنية على الحدود، وتطرق الجانبان إلى التفاصيل المتعلقة بهذا الأمر وسبل تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بينهما.
وتشكو أنقرة من تسلل مقاتلين قادمين من إيران وتنفيذهم عمليات إرهابية في أراضيها، واتخاذ حزب العمال الكردستاني مواقع له في مخيمات بالمناطق الحدودية داخل إيران.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، أكد أن طهران ترحب بكل مبادرة ترمي إلى زيادة الأمن الحدودي مع تركيا، لافتا إلى أن السلطات التركية أبلغتهم بالمعلومات بهذا الشأن، مضيفا أن الجدار المذكور لن يكون عند نقطة الصفر على الحدود وإنما داخل الأراضي التركية.
وأشار قاسمي إلى أنهم يأملون في إجراء مفاوضات أكثر تفصيلاً بهذا الشأن، مؤكدا أن ضمان أمن الحدود هو في كل الأحوال مسألة مهمة بالنسبة لكل من إيران وتركيا وينبغي على البلدين اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق هذه الغاية.
وتطرق رئيسا الأركان التركي والإيراني أيضا إلى التطورات في العراق والعملية العسكرية لتحرير تلعفر من تنظيم داعش الإرهابي، التي يقوم بها الجيش العراقي بالتعاون مع ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية، حيث أكد الجانب التركي ثوابته المتعلقة بعدم المساس بوضع التركمان في تلعفر.
وبحث الجانبان أيضا الاستفتاء المزمع إجراؤه في إقليم كردستان العراق في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل على استقلال الإقليم وتداعياته على كل من العراق وتركيا وإيران والمنطقة بشكل كامل، فضلا عن بحث تطورات أزمة قطر مع الرباعي العربي وتداعياتها على المنطقة.
وسيلتقي باقري خلال الزيارة وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي ويستقبله الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
وكان إردوغان أكد في تصريحات الأسبوع الماضي، أن بلاده ستواصل التنسيق مع كل من موسكو وطهران بشأن التطورات في سوريا والوضع في إدلب، مشددا على أنها لن تسمح بقيام دولة إرهابية على حدودها الجنوبية (في إشارة إلى سعي الأكراد لإقامة كيان خاص بهم في شمال سوريا).
وكان باقري صرح لدى وصوله إلى العاصمة التركية أنقرة، أمس، بأن تركيا من الدول الجارة المهمة بالنسبة لبلاده وتحتل مركزا مهما في المنطقة وعلى صعيد العالم الإسلامي، لافتا إلى أن البلدين يرتبطان بعلاقات طيبة منذ مئات السنين وحدودهما المشتركة يعمها الأمن والسلام.
وقال باقري، بحسب وسائل الإعلام الإيرانية إن زيارته لأنقرة تهدف إلى تبادل وجهات النظر مع المسؤولين الأتراك حول تعزيز التعاون العسكري المشترك، إضافة إلى بحث مختلف قضايا المنطقة، وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.