إيمانويل وبريجيت... تصدرا عناوين الصحف وشغلا الناس

رئيس الجمهورية الفرنسي اختار مرسيليا لقضاء إجازته الصيفية

الرئيس الفرنسي وزوجته يمضيان إجازتهما الصيفية في مرسيليا ويقيمان بمقر محافظ المدينة (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي وزوجته يمضيان إجازتهما الصيفية في مرسيليا ويقيمان بمقر محافظ المدينة (أ.ف.ب)
TT

إيمانويل وبريجيت... تصدرا عناوين الصحف وشغلا الناس

الرئيس الفرنسي وزوجته يمضيان إجازتهما الصيفية في مرسيليا ويقيمان بمقر محافظ المدينة (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي وزوجته يمضيان إجازتهما الصيفية في مرسيليا ويقيمان بمقر محافظ المدينة (أ.ف.ب)

الخبر الذي يأتي مقرونا بالصور يحتل هذه الأيام صفحات الجرائد الأولى ويتصدر أخبار القنوات التلفزيونية الفرنسية. كان سرا مخفيا حتى أماطت اللثام عنه أول من أمس صحيفة تصدر نهاية الأسبوع اسمها «في إس دي» (أي الجمعة، السبت والأحد).
وقبل الكشف عن السر، كثرت التكهنات وذهبت في كل اتجاه. وككل حدث، تبارى المحللون في تفسير ما قد يعنيه هذا الخيار أو ذاك وما يتضمنه من إشارات ومعان. ولا بد في مناسبات كهذه أن تربط بالوضع السياسي والاقتصادي، وبعضهم لا يتردد في ربطه بالوضع الدولي وبالأزمات الملتهبة في العالم. ولم تتوقف عمليات البحث والتقصي بعد أن شاع الخبر وأصبح يقينا. وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، خصوصا تلك التي تبث 24 ساعة في اليوم وتحتاج لـ«مادة» في هذا الصيف الجاف، انتدبت «مراسليها الخاصين» لمتابعة التطورات واستجلاء آراء الناس: أين رأوه؟ مع من؟ ماذا كان يرتدي؟ هل ابتسم وصافح؟ أين تناول الغداء أو العشاء؟ كم رجل أمن ومخابرات لحراسته؟ كم من الوقت سيقضي في هذا المكان؟ وما تأثير ذلك على حياتهم اليومية؟
ككل عام، عندما يقترب موعد العطلة الصيفية السنوية وتفرغ قصور الدولة ووزاراتها ودوائرها من ساكنيها، يطرح السؤال التقليدي: أين سيقضي رئيس الجمهورية عطلته التي تحل عادة في النصف الثاني من شهر أغسطس (آب)؟ أما إذا كان الرئيس جديدا، فإن أهمية السؤال تتضاعف.
الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي لصقت به صفة الرجل «حديث النعمة» الساعي وراء كل ما «يلمع»، بعد أن اختار في أولى عطلاته الصيفية، في عام 2007 بعد انتخابه أن يذهب إلى الشاطئ الشرقي للولايات المتحدة ويشغل فيلا مفرطة في الفخامة وباهظة الإيجار. وخليفته في قصر الإليزيه أخذ عليه أن أنعم على نفسه بعطلة صيفية زادت زمنيا على المألوف، ما فسر على أنه ميل للترفه والمتعة الفردية على حساب مصالح الناس ومشاغلهم.
ثم جاء دور الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون. وطرح السؤال: أين سيمضي مع زوجته بريجيت عطلته؟ هل في المنزل الذي يملكانه في منتجع «لو توكيه» البورجوازي المطل على بحر المانش؟ أم فيما يسمى «حصن بريغونسون» الذي تملكه الدولة الفرنسية والقريب من مدينة سان ماكسيم وسان تروبيز؟ أم في «جناح لانتيرن» الملاصق لقصر فرساي التاريخي؟ أم في إحدى مدن «الشاطئ اللازوردي» وبحره الأزرق مثل مدن نيس وكان وأنتيب؟ أم في مكان آخر في فرنسا أو خارجها؟
كان ممنوعا على أي كان من دائرة الرئيس الضيقة أن يذيع السر. فالرئاسة تمر في مرحلة مطبات هوائية بعد البدايات الواعدة، خصوصا على المسرح الدولي. استطلاعات الرأي حنت رأسها وماكرون تراجعت شعبيته بسرعة لم يكن أحد يتوقعها. ثم إن صورة ماكرون، الرئيس التكنوقراطي الثري، الحريص على إيجاد مسافة بينه وبين الآخرين لا تستطيع تحمل اختيار خاطئ، بحيث تزداد صورته تصدعا لدى الناس للسنوات الخمس المقبلة، وهي فترة الولاية الرئاسية كما حصل مع ساركوزي وهولاند. لذا، تم استبعاد تمضية الإجازة خارج فرنسا لغرض إظهار أن ماكرون يفعل ما تفعله غالبية الفرنسيين «العاديين».
وفي السياق عينه، استبعد منتجع «لو توكيه» و«جناح لانتيرن» ونيس وأنتيب. وأخيرا وبعد بحث وتدقيق، رسا الخيار على مدينة مرسيليا المتوسطية التي يغلب عليها الطابع الشعبي، كما أنها معروفة كمرفأ كبير منفتح منذ القدم على المتوسط وحضاراته وسكانه.
لكن برز عقب ذلك مباشرة سؤال رئيسي؛ أين في مدينة مرسيليا؟ إذ يتعين توفير سلامة وأمن الرئيس وراحته من جهة، وتحاشي النزول في أحد الفنادق الفخمة المطلة مثلا على المرفأ القديم مثل فندق سوفياتيل القريب من قصر «لو فارو» التاريخي الذي أهداه الإمبراطور نابليون الثالث لزوجته الإمبراطورة أوجيني دو مونتيخو. غير أن الأخيرة حلت فيه لليلة واحدة، ثم هجرته بحجة أنه معرض للرياح بسبب موقعه المرتفع.
أخيرا وبعد تفحص الاحتمالات كافة، اختار الطاقم الرئاسي مقر إقامة محافظ مدينة مرسيليا الذي تملكه الدولة الواقع على تلة تظللها الأشجار ويطل على المتوسط الساحر. ثم هناك حوض للسباحة والكثير من الهكتارات التي تتيح للزوج الرئاسي التنزه بكل راحة وأمان.
لكن ماكرون الذي يشهد له الجميع بأنه يحسن «لعبة التواصل» لم يذهب إلى مرسيليا ليبقى محصورا داخل مقر إقامته. إنه يحب مفاجأة مواطنيه: فقد شوهد للمرة الأولى، أي ثاني يوم لوصوله، يمارس رياضة الركض على شاطئ «باردو» القريب من ميدان سباق الخيول وحديقة «بوريلي». ثم شوهد ممتطيا دراجة هوائية، ومرة أخرى مع زوجته بريجيت. وهكذا، كل يوم تصل إلى مسامعنا تفاصيل أنشطة إيمانويل وماكرون. هنا يزوران قصرا تاريخيا، وهناك معرضا، وهنالك الرئيس يقبل التقاط صورة «سيلفي» مع مواطنين ومواطنات عاديين وعاديات. وربما غدا أو بعد غد، سنراه بلباس البحر يستحم، إنه واحد من أفراد الشعب.
بيد أن إيمانويل هو أيضا الرئيس ماكرون الذي لا ينسى شؤون الناس ومشاكل العالم. وقصر الإليزيه ساهر على ذلك، ويحرص على أن يكون معلوما لدى الناس. لذا، فإن دائرة الإعلام في القصر تبث أخبار اتصالاته ونشاطاته «غير الترفيهية» يوميا. تارة يهاتف الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتأكيد على ضرورة تلافي «حرب نووية» تكون بمثابة كارثة على العالم أجمع. وتارة أخرى يكتب منددا باستهداف «القبعات البيضاء» شمال سوريا، أو يندد بالعملية الإرهابية التي ضربت واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو، والتي أوقعت ليل الأحد 18 قتيلا بينهم فرنسي واحد.
هكذا تمر أيام العطلة الرئاسية. مزيج من الترفيه والسياسة. وستنتهي عطلة ماكرون في 23 من الشهر الحالي، حيث سيقوم بجولة في ثلاث دول شرق أوروبية، ثم يحين الموعد الدبلوماسي التقليدي وهو الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم وهي مناسبة ليرسم بدقة ملامح سياسته الخارجية ويكشف بعضا من مبادراته الدبلوماسية قبل الغوص في مشاكل الداخل، حيث ينتظره خريف يبدو أنه سيكون «حارا» اجتماعيا واقتصاديا.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.