الأردن: أول انتخابات للبلديات اللامركزية اليوم

TT

الأردن: أول انتخابات للبلديات اللامركزية اليوم

يتوجه أكثر من 4 ملايين ناخب أردني إلى صناديق الاقتراع اليوم لاختيار أعضاء المجالس البلدية ومجالس المحافظات، التي تحظى بصلاحيات لا مركزية غير مسبوقة.
وترشح لهذه الانتخابات التي تجرى للمرة الأولى، وتتخذ طابعاً عشائرياً بسبب ضعف الأحزاب، 6955 مرشحاً، رفض منهم 83، وانسحب 240، وتوفي 3، ليصبح العدد النهائي 6629، يتنافسون على 2489 مقعداً، بينهم 2109 لمجالس البلديات، و380 لمجالس المحافظات.
وأعلن رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخابات خالد الكلالدة فوز 64 امرأة و22 مجلساً محلياً بالتزكية، مبيناً أنه سيتم إعلان أسماء الفائزين رسمياً مع نتائج الانتخابات. وكشف الكلالدة أن جميع المجالس ستضم نساء، وفي حال لم تفز أي امرأة في بعضها، سيتم تعيينها، وأعرب عن أمله في أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات جيدة.
وأكد أن عملية الفرز ستحتاج يوماً، بحسب التقديرات الأولية، مؤكداً أن الصندوق الذي يتم فتحه لبدء الفرز لن يتم إغلاقه بعد ذلك، وشدد على أن «حماية العملية الانتخابية تتم بالتكامل مع الأجهزة الأمنية، وتحديد الأماكن الساخنة».
وأوضح أنه في حال حدوث مشكلات في دائرة انتخابية، سيعلّق الاقتراع فيها إلى حين عودة الهدوء، والتمكن من إجراء الانتخابات بلا مشكلات، مشيراً إلى وجود نحو 6 آلاف مراقب للعملية الانتخابية. ورأى الكلالدة أن تواصل المرشحين مع ناخبيهم أقل نسبياً من الانتخابات النيابية، مرجعاً ذلك إلى زيادة عدد الدوائر الانتخابية.
ويبلغ عدد غرف الاقتراع 4062، موزعة على 1440 مركز اقتراع. وزودت كل غرفة بكاميرا مراقبة وجهاز حاسوب بشاشتين، واحدة للعاملين وأخرى للمراقبين. ويشارك في تنظيم الاقتراع أكثر من 33 ألف شخص، يساندهم نحو 30 ألفاً آخرين من مختلف الأجهزة الأمنية. ودعت قيادة الجيش أفرادها إلى عدم التدخل في الانتخابات أو الاقتراع لأن القانون يمنع أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية من ذلك.
ويرى مراقبون أن «ارتكاز مرشحي المجالس البلدية والمحافظات على إجماعاتهم العشائرية والمناطقية يأتي نتيجة غياب الأحزاب السياسية الفاعلة القادرة على الفوز بغالبية مقاعد المجالس، إضافة إلى غياب القوانين الانتخابية التي تفرز مرشحين ذوي كفاءات وخبرات».
وعلى هذا الأساس، لم تكن مفاجئة النتائج التي كشف عنها فريق برنامج أداء المجالس المنتخبة (راصد)، مطلع الشهر الحالي، وأفادت بأن «47.3 في المائة من المرشحين يرتكزون على إجماعاتهم العشائرية، فيما يرتكز 41 في المائة على إجماعاتهم المناطقية، و2.8 في المائة على قواعدهم الحزبية».
وأرجع المنسق العام لـ«التحالف المدني لرصد الانتخابات» (راصد)، عامر بني عامر، ذلك إلى «عدم وجود قوانين تربط بين الانتخابات والتحالفات الحزبية، لتبقى آلية الانتخاب وطريقتها هي ذاتها المتبعة لاختيار المرشحين والتصويت، بحيث لا يتيح ذلك وجود قوائم حزبية تتآلف مع بعضها بعضاً».
ويرى بني عامر أن «هذا الأمر يدفع بالمرشح إلى البحث عن بدائل لكسب أصوات الناخبين، وأهمها الارتكاز على العشائر والمنطقة الجغرافية، بدل الأحزاب»، لكنه نوه إلى أن «ذلك الأمر لا يعني أن مخرجات الانتخابات ستكون سلبية، وأن مرشحي القواعد العشائرية لن يتمكنوا من تقديم إنجازات على أرض الواقع»، ويعتقد أنه «لا بد من خوض التجربة في البداية لمعرفة العيوب والسلبيات التي يمكن من خلالها فيما بعد وضع خطة متكاملة لتطوير القوانين والصلاحيات، ووضع أفضل السياسات للانتخاب».
ويعزو النائب أندريه حواري ارتكاز المترشحين على القواعد العشائرية إلى «عدم وجود إعلانات تثقيفية كافية، وقبل وقت كاف من صدور قانون اللامركزية والمهام والأدوار المنوطة بمجالس المحافظات»، وأوضح أن «انخفاض المكآفات المالية الممنوحة لأعضاء مجالس المحافظات والرؤساء لم يكن حافزاً كافياً للعاملين في القطاع العام لترك أشغالهم، والترشح للانتخابات الحالية».
أما وزير البلديات الأسبق حازم قشوع، فيرى أن «عدم نجاح أي حزب سياسي في التجارب الانتخابية السابقة، دفع كثيراً من المرشحين إلى تفضيل الارتكاز على القواعد العشائرية لكسب أصوات الناخبين»، موضحاً أنه «لغاية الآن، لم تتفوق البرامج على الشخصيات التي تطرحها، وإنما العكس»، ولفت إلى أن النظامين الانتخابيين في البلديات واللامركزية «لم يوسعا الدوائر لتقليل نسبة اعتماد المترشحين على القواعد العشائرية، وإنما لا تزال الدوائر ضيقة، لذلك نرى دوراً كبيراً للعشائر فيها».
ورغم تعهدات الهيئة المستقلة للانتخاب بمكافحة ظاهرة المال السياسي في هذه الانتخابات، إلا أن ناخبين ومرشحين أكدوا وجود حالات لشراء الأصوات قبل موعد الاقتراع بأيام، من دون قدرة الجهات المعنية على متابعتها لصعوبة ضبطها. وما يعزز من انتشار الظاهرة في بعض المناطق الفقيرة استغلال حاجة ناخبين يعانون من تردي أوضاعهم المعيشية بسبب الفقر.
وأكد مدير الدائرة القانونية في الهيئة المستقلة محمد القطاونة أن «الهيئة تراقب المشهد الانتخابي عن كثب، وتقف بكل قوة ضد أي عمليات لشراء الأصوات، أو التأثير على إرادة الناخبين»، ودعا المواطنين إلى الإبلاغ عن أي شبهة تتعلق بالمال السياسي، والتعاون مع الهيئة لإنجاح الانتخابات.
وكان قانون الانتخاب قد غلظ العقوبة على استخدام المال السياسي، والتأثير على إرادة الناخبين، وتعطيل العملية الانتخابية، ورفعها إلى السجن بالأشغال الشاقة لمدة لا تزيد على 7 أعوام. وحرمت دائرة الإفتاء العام شراء الأصوات، في فتوى نصت على أنه «يحرم على المرشح أن يدفع المال للناس مقابل انتخابه، وحشد الأصوات لصالحه، سواء أكان نقداً أم هدايا، ومن يفعل ذلك، فكيف يؤتمن على مصالح وطنه ومقدراته؟».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».