الرئيس الفرنسي... حضور على كل الجبهات الدبلوماسية ومبادرات لسوريا وليبيا وفلسطين

الكاتب رينو جيرار: إيمانويل ماكرون يسعى لإعادة فرنسا إلى خريطة الاتصالات الدولية

الرئيس الفرنسي ماكرون يريد استعادة ما يسمى «خط ديغول - ميتران» القائم على اتباع سياسة مستقلة واعتماد «الواقعية السياسية» في التعاطي مع الأزمات (رويترز)
الرئيس الفرنسي ماكرون يريد استعادة ما يسمى «خط ديغول - ميتران» القائم على اتباع سياسة مستقلة واعتماد «الواقعية السياسية» في التعاطي مع الأزمات (رويترز)
TT

الرئيس الفرنسي... حضور على كل الجبهات الدبلوماسية ومبادرات لسوريا وليبيا وفلسطين

الرئيس الفرنسي ماكرون يريد استعادة ما يسمى «خط ديغول - ميتران» القائم على اتباع سياسة مستقلة واعتماد «الواقعية السياسية» في التعاطي مع الأزمات (رويترز)
الرئيس الفرنسي ماكرون يريد استعادة ما يسمى «خط ديغول - ميتران» القائم على اتباع سياسة مستقلة واعتماد «الواقعية السياسية» في التعاطي مع الأزمات (رويترز)

بعد شهرين ونصف الشهر من وصوله إلى رئاسة الجمهورية، بدأت شعبية إيمانويل ماكرون بالتداعي، وفق ما أظهرته 3 استطلاعات للرأي في الأيام العشرة الأخيرة. فالاستطلاع الذي أجراه معهد «إيفوب»، في 23 يوليو (تموز)، بيّن أن شعبية ماكرون تراجعت بنسبة 10 نقاط عما كانت عليه في شهر يونيو (حزيران)؛ من 64 في المائة إلى 54 في المائة. وبيّن استطلاع آخر لمعهد «هاريس» مزيداً من التراجع (51 في المائة). وآخر مؤشر مقلق للرئيس الفرنسي جاء في استطلاع معهد «إيبسوس» الذي أظهر تقلصاً لم يعرفه رئيسا الجمهورية السابقان (نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند)، إذ انحدرت شعبية الرئيس الشاب (39 عاماً) إلى 43 في المائة من العينة. وقد دفع هذا التطور بإيمانيول ماكرون إلى أن يصب جام غضبه على وزرائه، في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، وفق ما نقلته صحيفة «لو فيغارو» اليمينية. وحث ماكرون وزراءه على ألا يكونوا «رهائن» في أيدي إداراتهم، وأن يغيروا «منهجهم» في العمل. ويعزو المراقبون المرحلة الصعبة التي يمر بها الإليزيه إلى الإجراءات والتدابير التقشفية التي أقرتها الحكومة لمواجهة عجز الميزانية، ولكن أيضاً للطريقة الفجة التي تعامل بها ماكرون مع قائد أركان القوات المسلحة الجنرال بيار دو فيليه، ودفعه إلى الاستقالة. وبالمقابل، فإن ميل ماكرون للالتقاء بعدد من نجوم الغناء والسينما لم يكن موضع تقبل من الفرنسيين.
لكن ثمة ميداناً يحظى فيه الرئيس الفرنسي بالثناء من جانب مواطنيه، وهو الميدان الدبلوماسي وسياسته الخارجية. وقد برز ذلك مباشرة بعد توليه مسؤولياته الدستورية، ولقاءاته المتلاحقة الناجحة مع كبار قادة العالم، أكان ذلك في قمة السبع في صقلية أو قمة العشرين في هامبورغ. وما بين القمتين، جاءت دعوته للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قصر فرساي، نهاية مايو (أيار). ولاحقاً، يومي 13 و14 يوليو، لنظيره الأميركي دونالد ترمب، لتصقل صورة ماكرون على المستوى العالمي، ولتعيد فرنسا إلى قلب اللقاءات الدولية. وحتى تكتمل الصورة، لا بد من الإشارة إلى استضافته في قصر الإليزيه، تباعاً، رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، في يونيو، ناهيك بعشرات من رؤساء الدول والحكومات الذين يأتون إلى باريس للتعرف على الرئيس الجديد، والتشاور معه.
يقول الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي رينو جيرار، الذي تحدثت إليه «الشرق الأوسط»، تعليقاً على دينامية ماكرون في السياسة الخارجية، إن الأخير «يريد أن يعيد فرنسا إلى خريطة الاتصالات الدولية، بعد نحو 5 أعوام من الغياب»، في ظل الرئيس السابق فرنسوا هولاند. ويضيف جيرار، صاحب كتاب «أية دبلوماسية لفرنسا؟»، الصادر في عام 2016، إن ما يقوم به الرئيس الجديد «لا يمكن أن يلام عليه، بل يتعين تشجيعه، خصوصاً أنه يحمل أفكاراً وتصورات للتعاطي مع البؤر المتوترة» عبر العالم. وفيما يخص العامل العربي والشرق الأوسط، فإن ما ظهر حتى الآن من ماكرون هو رغبته في أن يلعب دوراً في ملف الحرب في سوريا والعراق، والملف الفلسطيني - الإسرائيلي، والحرب في ليبيا، ومكافحة الإرهاب. وقبل ذلك كله، يسعى ماكرون - كما يؤكد الكاتب - إلى رسم مسار جديد للتعاطي مع القوتين العظميين في العالم، وهما الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، لما لهما من تأثير حاسم على مصير الملفات الملتهبة.
ويرى المحللون الاستراتيجيون أن ما يميز ماكرون ليس فقط «رغبة» فرنسية جديدة بأن يكون لباريس، الدولة النووية العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي القوة الاقتصادية الخامسة في العالم، «وجود» على المسرح العالمي، بل «منهج» مختلف في التعامل. وينهض هذا المنهج، وفق جيرار، على أساسين: الأول، استعادة ما يسمى خط ديغول – ميتران، القائم على اتباع سياسة مستقلة. والثاني، اعتماد «الواقعية السياسية» في التعاطي مع الأزمات والقوى المؤثرة فيها. ولعل أبلغ مثلين لتوجهات ماكرون أنه استقبل بوتين في قصر فرساي، وفرش السجاد الأحمر تحت رجليه، وبذل من أجله كل ما يتيحه البروتوكول، وهو بذلك تصرف على عكس تصرف الرئيس السابق فرنسوا هولاند، العام الماضي. فهولاند ناور العام الماضي بشكل دفع معه الرئيس الروسي إلى إلغاء زيارته المقررة لباريس لتدشين الكاتدرائية الأرثوذكسية والمركز الثقافي الروسي في العاصمة الفرنسية، بسبب قصف الطيران الروسي لمدينة حلب، واستهدافه المدنيين.
وقبل ذلك، ألغى هولاند صفقة دفاعية، كانت موسكو ستحصل بموجبها على فرقاطتين حديثتين من طراز «ميسترال»، بسبب تدخلها في أوكرانيا، وضمها شبه جزيرة القرم. وبنهاية المطاف، ذهبت الفرقاطتان إلى مصر، التي اشترتهما من فرنسا بتمويل خليجي. أما المثل الثاني الذي يعكس واقعية ماكرون، فتوفره سياسته إزاء الأزمة السورية، إذ إنه لم يتردد في تغيير البوصلة الفرنسية، وتأكيد أن باريس التي كانت من أشد مناصري المعارضة السورية لم تعد تطالب برحيل الأسد، بل ذهب ماكرون إلى حد اعتبار أن الأسد هو الوحيد الذي يتمتع بالشرعية، رغم الجرائم التي ارتكبت في عهده، مضيفاً أن أحداً «لم يقدم له بديلاً يتمتع بالشرعية»، الأمر الذي أغاظ بطبيعة الحال المعارضة السورية.
ولا يتردد الرئيس الفرنسي في استخدام الرموز والمناسبات التاريخية وتوظيفها في إطار البحث عن دينامية لدبلوماسيته. هكذا فعل عندما استخدم ذكرى المئوية الثالثة لزيارة القيصر بطرس الأكبر لفرنسا من أجل دعوة بوتين. وكذلك استغل ذكرى مرور مائة عام على دخول الولايات المتحدة الأميركية الحرب العالمية الأولى لدعوة ترمب لحضور العرض العسكري الضخم، بمشاركة جنود أميركيين، في جادة الشانزليزيه. وفي السياق عينه، استفاد ماكرون من الذكرى الـ75 لعملية ترحيل آلاف اليهود الفرنسيين إلى معسكرات الموت النازية لدعوة نتنياهو للمشاركة في الاحتفالات. وبحسب المحللين الفرنسيين، فإن ماكرون «يوظف» المناسبات التاريخية ليبني علاقات مباشرة مع مدعويه، وليتفحص الفرص المتاحة للقيام بتحرك ما.
وحقيقة الأمر أن ماكرون، من خلال التقارب مع ترمب وبوتين، يريد أن يلعب، بحسب مصادر دبلوماسية فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، دور الوسيط، خصوصاً أنه يعتبر أنه «الوحيد» بين القادة الأوروبيين المؤهل لهذا الدور بسبب انشغال المستشارة الألمانية بانتخاباتها التشريعية الشهر المقبل، ورئيسة الوزراء البريطانية بعملية الخروج من الاتحاد الأوروبي. وكشفت هذه المصادر أن ماكرون حصل بفضل لقاءاته مع بوتين وترمب على «الضوء الأخضر» لإطلاق مبادرته الخاصة بسوريا، القائمة على إطلاق «مجموعة اتصال» تضم الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن، وعدداً من الدول الإقليمية (السعودية، وتركيا، والأردن، وإيران، وربما مصر والعراق) من أجل الوصول إلى حل سياسي شامل في سوريا، بعد إخفاق جنيف ومراوحة آستانة مكانها.
وفي الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، يراهن ماكرون على العلاقات «الخاصة» التي نسجها مع محمود عباس ونتنياهو، لمحاولة تحريك مفاوضات السلام المجمدة منذ عام 2014، مستبقا ذلك بالتراجع عما كان الرئيس هولاند قد التزم به، وهو المؤتمر الدولي والاستعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية، في حال أخفقت جهود السلام. كذلك فإن ماكرون نشط على صعيد الملف الليبي الذي يعتبر أنه يهدد فرنسا وأوروبا، ليس فقط على صعيد الإرهاب وضرب استقرار بلدان الساحل وأفريقيا الشمالية، بل أيضاً بسبب الهجرات الكثيفة المتدفقة من الشواطئ الليبية باتجاه الشواطئ الإيطالية. وقد نجح ماكرون في جمع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس حكومة الاتحاد الوطني الليبية فائز السراج، ودفعهما إلى التوقيع على ورقة تفاهم، تشمل وقف إطلاق النار، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الربيع المقبل. هكذا، يبدو الرئيس ماكرون راغباً في أن تكون بلاده في قلب الاتصالات. لكن الرغبة والإرادة شيء وتحقيق النتائج شيء آخر. وحتى الآن، ما زلنا في المراحل «التمهيدية» التي تسبق التحرك الحقيقي، باستثناء الملف الليبي. لكن الثابت أن ماكرون نجح حتى الآن في اجتياز اختبار الدبلوماسية الدولية، وما يبقى عليه أن ينجح فيه هو اختبارات السياسة الداخلية والإصلاحات من كل نوع، التي وعد بها الفرنسيين خلال الحملة الرئاسية... لكن هذه قصة أخرى.



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.