«غوتشي» تغزو لندن

لمدة شهر كامل تتبرع بخدمات شخصية وتوفير أزياء وإكسسوارات حصرية

سترة مفصلة  بتطريزات جريئة - من تصاميم الدار لموسم الصيف الحالي - من عرض  الدار لموسم الصيف الحالي
سترة مفصلة بتطريزات جريئة - من تصاميم الدار لموسم الصيف الحالي - من عرض الدار لموسم الصيف الحالي
TT

«غوتشي» تغزو لندن

سترة مفصلة  بتطريزات جريئة - من تصاميم الدار لموسم الصيف الحالي - من عرض  الدار لموسم الصيف الحالي
سترة مفصلة بتطريزات جريئة - من تصاميم الدار لموسم الصيف الحالي - من عرض الدار لموسم الصيف الحالي

لن تحتاج لدخول محلات «هارودز» هذا الشهر لكي تعرف أنها تعرضت لعملية غزو من قبل دار «غوتشي». فواجهاتها الـ16 تحولت إلى غابة صغيرة تتفتح فيها الورود والأزهار وتتعايش فيها الفراشات مع الثعابين والأسود وغيرها من الكائنات الحية والبرية على حد سواء. الغزو لم يقتصر على الواجهات وامتد إلى الداخل وإلى طوابق أخرى. وهذا يعني أن المحلات اللندنية الشهيرة ستنبض طوال شهر أغسطس (آب) بكل ما أصبح ماركة مسجلة للدار الإيطالية، بدءا من أسلوب الماكسيماليزم الرومانسي إلى لمسات الـ«فينتاج» المعاصر وغيرها.
من أول نظرة ستشعر بأن «حديقة غوتشي» كما ترجمها الرسام المعاصر أليكس ميري ما هي سوى انعكاس لروح الدار كما شكلها مصممها الفني أليساندرو ميشيل منذ أن التحق بها في عام 2015. فهي ترجمة تسلط الضوء على أسلوب يُشجع على التعبير على الذات، وفي الوقت ذاته يحمل بين طياته إيحاءات من حركة الـ«بانكس» التي وُلدت في لندن وشهدت أوجها في السبعينات من القرن الماضي. انطلاقا من هذه الفلسفة المشجعة على التعبير عن الذات، وإلى حد ما التمرد على المتعارف عليه، سيستفيد الزوار الموجودون في لندن من خدمة، توفرها الدار لأول مرة في لندن، هي DIY GUCCI.
بموجب هذه الخدمة سيتمكنون من وضع لمساتهم الخاصة على أي إكسسوار، سواءً كان حذاء «لوفر» أو «سنيكر» أو أي حقيبة يد، باختيار تطريزات جاهزة بألوان وموتيفات زخرفية متنوعة يمكنهم وضعها عليها. فمن يحب الورود والأزهار قد لا يميل إلى الثعابين مثلا والعكس. المهم أنها عملية من شأنها أن تُضفي على القطعة تفردا وخصوصية. بعد أن تتم عملية الاختيار في «هارودز» تُرسل المعلومات إلى إيطاليا حيث تستغرق نحو ستة أسابيع لتنفيذها في معامل الدار قبل أن يتسلمها صاحبها. إذا لم يستطع الزبون إلى أي من هذه المنتجات سبيلا، فبإمكانه أن يحصل على باقة ورد معبأة في «غوتشي بلوم»، أول عطر يصدر في عهد أليساندرو.
لكن المتعة لن تتوقف عند الطابق الأرضي أو الأول أو الثاني، بل تتفرع إلى أركان وطوابق أخرى. فإلى جانب ما قدمه المصمم في ميلانو مؤخرا من إكسسوارات وأزياء جاهزة، هناك مجموعة محدودة وحصرية تشمل مجموعة من حقائب اليد وإكسسوارات الشعر في الطابق الأرضي، إلى جانب مجموعة من الأزياء تحاكي الـ«هوت كوتير» في أناقتها وترفها. هذه المجموعة معروضة في الطابق العلوي، وفي ركن لا يدخله إلا الشخصيات المهمة. بمعنى الشخصيات المتذوقة للتفرد والقادرة في الوقت ذاته على تقييم الأناقة وتقديرها بغض النظر عن ثمنها. ففنيتها ترتقي بها عن مستوى السؤال عن السعر. بعضها من الفرو الملون وبعضها مطرز بحرفية عالية لا تعترف بالحلول الوسطى. فهي سخية ليس بألوانها فحسب، بل أيضاً بخاماتها وموادها، التي تتضارب في تناغم يلعب على العصري و«الفينتاج». فموادها مثلا تتراقص على الموسلين والتول كما على المخمل والفرو والبروكار، وتطريزاتها تأتي أحياناً بجرعات قوية ومع ذلك لا تصيب بالتخمة. السبب أن جرأتها وشقاوتها إلى حد ما يزيدانها عصرية، قد لا يفهمها الزبون التقليدي بسهولة لكن يُقبل عليها الزبون الشاب بنهم.
فعندما قدم أليساندرو أول تشكيلته له بعد التحاقه بها في عام 2015، صدم أوساط الموضة بجرأته. كانت تشكيلته تحمل نكهة غريبة فيها بعض المرح والكثير من الشقاوة التي افتقدتها الموضة قبل ذلك. بعد الصدمة الأولية أفاق عالم الموضة على خبر نجاحها على المستويين الفني والتجاري. فقد حققت للمجموعة المالكة «كيرينج» أرباحاً غير مسبوقة وتدفع على التفاؤل. فنجاحه يمني النفوس بأن الأزمة التي ألمت بصناعة الموضة مؤخراً في طريقها إلى الزوال.

> تشهد مجموعة «كيرينغ» المالكة لـ«غوتشي» و«سان لوران» و«بوتيغا فينيتا» و«ألكسندر ماكوين» و«ستيلا ماكارتني» وغيرها من بيوت الأزياء المهمة، ارتفاعا في مبيعاتها. وتشكل «غوتشي» 60 في المائة من أرباح المجموعة بفضل إقبال الشباب على منتجاتها الجلدية وأزيائها الجريئة. فقد شهدت ارتفاعاً بنسبة 39.3 في المائة فاقت التوقعات التي كانت تتوقع نموا بنسبة 32 في المائة. إعلانها ارتفاع مبيعاتها في الشطر الأول من العام يدعو إلى تفاؤل حتى بالنسبة للمنافسين. فهو مؤشر بأن الأزمة التي ألمت بصناعة الموضة في السنوات الأخيرة قد تزول قريباً.



أولمبياد باريس: الصراع على الذهبية بين المجموعات الضخمة والمصممين المستقلين

الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
TT

أولمبياد باريس: الصراع على الذهبية بين المجموعات الضخمة والمصممين المستقلين

الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)
الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)

كل الأنظار ستتوجه اليوم نحو باريس. فالكل موعود بمشهد لا مثيل له. يقال إنه سيتضمن موكباً لأكثر من 160 قارباً، يحمل 10500 رياضي على طول نهر السين يتألقون بأزياء تُمثل بلدانهم. لكن المناسبة ليست عرض أزياء كما تعوَّدنا عندما يُذكر اسم باريس، بل مناسبة رياضية ربما تكون أهم نظراً لقاعدتها الجماهيرية الكبيرة: ألا وهي الألعاب الأوليمبية لعام 2024.

على مدى 16 يوماً، سيعيش عشاق كل أنواع الرياضات مباريات، سترفع من نسبة الأدرينالين في الجسم، وتُمتع العيون بمنافسات عالمية على الميداليات.

المنافسات على الميداليات تحتدم... والمصممون المستقلون هم الفائزون حتى الآن (د.ب.أ)

ومع ذلك لا يمكن أن نكون في باريس لأي حدث كان، ولا تحضر الموضة. فبموازاة هذه المنافسات الرياضية، سنتابع صراعاً على مستوى آخر يدور بين مصممين مستقلين نجحوا في استقطاب رياضيين شباب إلى صفهم، أو حصلوا على دعم من بلدانهم مثل لورا ويبر من آيرلندا وستيفان أشبول من فرنسا ولولوليمون من كندا، وعلي الإدريسي من المغرب، والمجموعات ذات الإمكانات الضخمة التي تُخوّل لها اقتحام أي فعالية أو حدث بسهولة، مثل مجموعة «أرماني» التي صممت ملابس الفريق الإيطالي، ومجموعة LVMH الفرنسية.

فريق المغرب على متن قارب في العرض العائم على نهر السين خلال حفل الافتتاح بأزيائه أزياء المستوحاة من رمال الصحراء والعلم المغربي (رويترز)

هذه الأخيرة، تنضوي تحتها 75 شركة منها «ديور» و«بيرلوتي» و«لوي فويتون» و«كنزو» وغيرها إلى جانب عدد من دور مجوهرات مثل «شوميه» التي ستصمم الميداليات الذهبية تحديداً. لهذا ليس غريباً أن يتوقَّع أن يكون لها نصيب الأسد.

ثم إن المجموعة لا تملك الإمكانات المادية واللوجيستية التي تخوِّل لها التعاقد مع أي فريق أو رياضي فحسب، بل تمتلك أيضاً الدعم الحكومي لما ضخّته من ملايين لتمويل هذا الحدث. في صورة تاريخية تداولتها وسائل الإعلام، في شهر يوليو (تموز) من العام الماضي، ظهر برنار آرنو، أغنى رجل في فرنسا وصاحب مجموعة «إل في إم آش» ليعلن في مؤتمر صحافي، مشاركة كلٍّ من «ديور» و«بيرلوتي» و«لوي فويتون» و«شوميه» وغيرهم في الأوليمبياد. كلٌّ حسب اختصاصه. «ديور» و«بيرلوتي» بتوفير الأزياء والإكسسوارات، و«لوي فويتون» بالعلب التي ستقدَّم فيها الميداليات الذهبية، و«شوميه» بتصميم الميداليات الذهبية تحديداً.

الأزياء التي صمَّمتها دار «بيرلوتي» للفريق الفرنسي (بيرلوتي)

مصممون مستقلون يدخلون المباريات

هذا الخطاب وكون الفعالية تجري في عقر عاصمة الموضة العالمية، التي تحتكرها المجموعة تقريباً، خلّف الانطباع بأنها ستأكل الأخضر واليابس، لكن ما حدث كان غير ذلك. اكتسبت الأزياء نكهات متنوعة مستمدة تارةً من التراث مثل ملابس فريق منغوليا التي سرقت الأضواء، أو من خبرات مصممين محليين، كما هو الحال بالنسبة لفرق كل من كندا وآيرلندا وإسبانيا.

فريق منغوليا على متن قارب في العرض العائم على نهر السين خلال حفل الافتتاح

حتى الفريق الفرنسي لم يكتفِ بما ستقدمه «ديور» أو «كنزو» أو «بيرلوتي» من منتجات، بعد أن تولت اللجنة الأوليمبية، ولأول مرة في تاريخ الأولمبياد، اختيار مصمم مستقل يقوم بهذه المهمة لأكثر من 60 رياضة.

يحمل رياضيو فريق إسبانيا الأعلام الإسبانية خلال حفل الافتتاح ويرتدون أزياء استوحتها شركة «جوما» الرياضية من العَلم الإسباني (أ.ف.ب)

كانت هذه اللفتة من نصيب الفرنسي ستيفان أشبول، مؤسس «بيغال»، ماركة طليعية متخصصة في الأزياء الرياضية. طُلب منه توفير ملابس عالية التقنية لمشاركين في أكثر من 60 رياضة عبر الألعاب الأولمبية والبارالمبية، من ركوب الدراجات إلى الرماية مروراً بكرة السلة على الكراسي المتحركة، علماً بأن هذه مهمة كانت تحتكرها شركات كبيرة مثل «نايكي» و«أديداس» من قبل. وفيما استغرق تصميم هذه المجموعات نحو ثلاث سنوات من أشبول، حسب قوله، فإن تصنيعها نفذته شركة فرنسية أخرى لها إمكانات لوجيستية لإنتاجها هي «لوكوك سبورتيف Le Coq Sportif».

شركة «جوما» الرياضية استوحت من العَلم الإسباني ألوانه للفريق ووردة القرنفل لرمزيتها الثقافية (موقع الشركة)

الفريق الإسباني أيضاً ظهر بأزياء من علامة إسبانية متخصصة في الأزياء الرياضية هي «جوما Joma»، التي تأسست عام 1965 في طليطلة.

مجموعة «تجمع بين التقاليد الكلاسيكية والحداثة، وهو أسلوب ظهر في الأقمشة عالية الأداء التي تم اختيارها». من الناحية الجمالية، زينتها زهرة القرنفل، كونها رمزاً متجذراً في الثقافة الإسبانية، واللونين الأحمر والأصفر، ألوان العَلم الإسباني.

المصممة الآيرلندية لورا ويبر، التي صممت أزياء فريق آيرلندا وباقي إكسسواراته، حرصت هي الأخرى على أن تجمع الأناقة بالراحة، مضيفةً لمسة شخصية على كل زي، من خلال تطريزات على طرف الأكمام تشير إلى المقاطعة التي ينتمي لها كل رياضي.

علي الإدريسي اختار للفريق المغربي أزياء مستوحاة من رمال الصحراء والعلم المغربي

المصمم المغربي علي الإدريسي الذي صمم ملابس الفريق الأولمبي المغربي هو أيضاً فكّر في تفاصيل تجعل هذه الأزياء خاصة. طرَّز على الجزء الداخلي من السترات أسماء لأبطال أولمبيين سابقين لتكريمهم من جهة وفتح حوار بين الأجيال من جهة ثانية. اختار للسترات لون البيج وطرّز أحد جوانبه بنجمة خضراء، فيما اختار للبنطلونات اللون الأحمر، في إشارة إلى العَلم المغربي. حتى الأحذية، التي جاءت ثمرة تعاونه مع فنان «بوب آرت» محمد أمين البلاوي، المعروف بـ«ريبل سبيريت»، غلبت عليها هذه الألوان من خلال أربطة حمراء وخضراء.

فريق كندا اختار ماركة «لولوليمون» لتصميم ملابس وإكسسوارات لاعبيه (أ.ب)

العلامة الكندية، «ليفت أون فرايداي Left On Friday»، التي أسسها مديرون تنفيذيون سابقون لشركة «Lululemon» في عام 2018، كان لها دور في تصميم أزياء وإكسسوارات فريق كرة الطائرة، فيما تولت «لولوليمون» تصميم باقي الملابس والإكسسوارات.

يلوح رياضيو فريق كندا بأعلامهم (رويترز)

هولندا أيضاً اختارت علامة محلية هي «ذي نيو أوريجينلز The New Originals» لتصميم ملابس فريق رقص «البريك دانس» الهولندي، فيما اختارت اللجنة الأولميبية النيجيرية علامة «أكتيفلي بلاك Actively Black»، للملابس الرياضية ومقرها لوس أنجليس.

ستيلا جين أبدعت مجموعة أنيقة استعملت فيها رسمة للفنان فيليب دودار (من موقعها على «إنستغرام»)

لا يختلف اثنان على أن تفويض الاتحادات الرياضية مسؤوليات التصميم للعلامات التجارية المتخصصة في المجال الرياضي، وغير المعروفة على المستوى العالمي، خطوة شجاعة من شأنها أن تسلط الأضواء عليها، وتنعش تجارتها بالنظر إلى الجمهور العالمي الذي يتابع هذه الفعاليات.

حفل الافتتاح وحده يتوقع أن يستقطب نحو مليار شخص من المشاهدين، في حين سيحضره 326000 شخص، بعد أن تم تقليص العدد من 600000 لأسباب أمنية، وهذا ما صرحت به المصممة الهايتية ستيلا جين، التي صممت أزياء فريق هايتي وكرمت من خلالها الفنان فيليب دودار، أيضاً ابن تاهيتي، باستعمال إحدى رسماته، ليأخذ هو الآخر نصيبه من الشهرة.

بداية علاقة الموضة بالأولمبياد

في عام 1992، دخلت الموضة أول مرة الألعاب الأولمبية. كان ذلك عندما طُلب من الياباني إيسي مياكي تصميم أزياء فريق ليتوانيا لحضور أولمبياد برشلونة. كانت هذه أول مرة تشارك فيها ليتوانيا كبلد مستقل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. حينها تبرع المصمم بخدماته من دون أي مقابل. حازت التصاميم الكثير من الإعجاب لا سيما أنه دمج فيها أسلوبه الحداثي المتطور بعناصر ثقافية جسد فيها كيف يمكن أن تُعبِّر الرياضة عن حالة فنية.

كانت هذه هي نقطة التحول. بعدها بدأت مشاركات بيوت الأزياء والمصممين لتصبح منافساتهم تقليداً إلى اليوم.