انشقاق 4 أحزاب تونسية عن الحزب الحاكم

قد تشكل منافساً لحركة «النهضة» في الانتخابات المقبلة

TT
20

انشقاق 4 أحزاب تونسية عن الحزب الحاكم

تمخضت الخلافات السياسية داخل حزب النداء، الفائز في الانتخابات البرلمانية التونسية لسنة 2014 والمشارك الأساسي في تركيبة حكومة الوحدة الوطنية، عن «ولادة» أربعة أحزاب سياسية جديدة أسستها قيادات غاضبة على مسار حزب النداء، خاصة إثر تحالفه السياسي مع حركة النهضة، وتوافقهما على قيادة مؤسسات الدولة، وسيطرتهما على القرار السياسي من خلال ضمان أغلبية مريحة داخل البرلمان (أكثر من 130 عضوا بين حزبي النداء والنهضة).
وأنشأ هذه الأحزاب الأربعة مؤسسون من حزب النداء، وهي «حركة مشروع تونس»، التي يقودها محسن مرزوق الذي كان يشغل منصب أمين عام «النداء» قبل استقالته بسبب خلافات عميقة مع حافظ قائد السبسي نجل رئيس تونس الحالي والمدير التنفيذي لحزب النداء، وظهر بعد ذلك بفترة وجيزة حزب «مستقبل تونس»، الذي يقوده الإعلامي الطاهر بن حسين، ثم أسس سعيد العايدي، وزير الصحة السابق، حزب «بني وطني»، ثم قبل أيام وجد حزب جديد يحمل اسم «حركة تونس أولا»، بزعامة رضا بلحاج الذي يعد من أوائل المؤسسين لحزب النداء إلى جانب الرئيس الحالي الباجي قائد السبسي.
وتنهل هذه الأحزاب الأربعة، إلى جانب حزب النداء (الحزب الأم)، من المنهل نفسه، أي الحداثة والوسطية والحفاظ على مكاسب الفكر البورقيبي، نسبة إلى الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، ولا تفصل بينها إلا بعض النقاط البسيطة.
ومن المنتظر وفق متابعين للشأن السياسي التونسي، أن تتوزع وتتشتت أصوات الناخبين خلال المحطات الانتخابية لصالح قوى سياسية منافسة، وعلى رأسها حركة النهضة، الحزب الإسلامي المشارك في الائتلاف الحاكم الحالي.
وبخصوص أسباب تكاثر الأحزاب وتناسلها من الحزب السياسي نفسه، قال المحلل السياسي التونسي ناجي العباسي لـ«الشرق الأوسط»، إن البحث عن الزعامة السياسية يعد من بين أكثر الأسباب التي دفعت إلى انشطار الحزب الحاكم، وعدة أحزاب أخرى بعد نجاحه في إخراج الترويكا الحاكمة من الحكم. وأضاف العباسي موضحا أن حزب النداء الذي تأسس سنة 2012 كان بالأساس «تجمعا انتخابيا»، ضم أطرافا سياسية من مختلف المشارب والتيارات السياسية، وقد أعلنت هذه القوى تكتلها لسد الطريق أمام عودة النهضة إلى الحكم، ولكنها اكتشفت بعد نجاحها في هذا الهدف أن الفضاء لا يتسع لجميع القيادات المؤسسة لحزب النداء، خاصة بعد إخراج النهضة عبر الانتخابات، لتعود إلى الواجهة السياسية من النافذة، أي عبر التحالف مع النداء، على حد تعبيره.
وترى عدة قيادات سياسية، سواء منها المنتمية إلى الائتلاف الحاكم أو الموجودة في صفوف المعارضة، أن «النداء» يبقى حزبا قويا رغم الانشقاقات التي طالته خلال السنوات الماضية، وأنه ما زال يحظى بدعم فئات كثيرة من المواطنين، خاصة منها المعارضة للإسلام السياسي، أو التي تخشى ضياع مكاسبها وحقوقها الاجتماعية، كالعنصر النسائي، كما يجمعون على أنه يبقى «آلة انتخابية ضخمة» يمكن استنفارها في أي لحظة، باعتباره وريث حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، والمنتشر في كامل أنحاء تونس، على اعتبار أن معظم قواعده من داعمي النظام السابق، ومن المتخوفين من سيطرة التيارات الإسلامية على السلطة.
ويرى مراقبون أن هذه الأحزاب السياسية الأربعة التي خرجت من رحم حزب النداء قادرة على أن تشتت انتباه الناخبين بعض الشيء، لكنها لن تكون مؤثرة في نهاية السباق الانتخابي، وقد تجد هذه الأحزاب أرضية مشتركة لتشكيل جبهة سياسية جديدة تنافس حركة النهضة خلال الانتخابات البلدية المقبلة.



مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
TT
20

مصريون يلتمسون «تدخلاً رئاسياً» لحل مشاكلهم

أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)
أحد فروع محلات «بلبن» عقب إغلاقها (صفحة الشركة - فيسبوك)

حفّز تدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أزمة سلسلة محال «بلبن»، التي أثارت ضجة كبيرة الأيام الماضية، قطاعات واسعة من المصريين، التمسوا حل مشاكلهم عند رئيس البلاد.

ووجَّه مصريون استغاثات مرئية ومكتوبة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يطلبون فيها تدخل الرئيس لحل شكاوى «يُفترض حلها على مستويات تنفيذية أقل»، وهو ما دعا برلمانيون لمطالبة الجهات المعنية بـ«التخفيف عن كاهله».

كانت السلطات المصرية قد أغلقت سلاسل محال «بلبن» للحلوى، وأرجعت ذلك إلى «استخدام مكونات ضارة»، و«عدم استيفاء الأوراق الرسمية لتشغيل بعض الفروع»، وهو ما دعا الشركة إلى نشر استغاثة للرئيس السيسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في 18 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أن غلق 110 فروع لها يضر بنحو 25 ألف عامل وعائلاتهم.

وفي اليوم التالي، أعلن مجلس الوزراء المصري، وفق «توجيهات رئاسية»، عن التواصل مع مالكي السلسة لعقد اجتماع تنسيقي لإيضاح الإجراءات التصحيحية والوقائية المطلوب اتخاذها نحو إعادة النشاط في حال توفيق وتصحيح الأوضاع في أقرب وقت، وهو ما دعا الشركة لتوجيه رسالة شكر إلى الرئيس.

ومع سرعة حل الأزمة، توالت الاستغاثات الموجهة إلى السيسي، كل يلتمس حل أزماته عند بابه، بداية من أهالي قرية سرسنا في محافظة الفيوم جنوب العاصمة الذين شكوا إليه «قلة المشروعات» في القرية، وأزمة المواصلات بها، مروراً بمعلمين تتعاقد معهم وزارة التربية والتعليم بنظام «الحصة»، مطالبين بتعيينهم.

وصمم المعلمون شعاراً لحملتهم على غرار تصميم شعار محل «بلبن»، وبألوانه نفسها.

وكتب المعلم تامر الشرقاوي على مجموعة تواصل خاصة بهذه الفئة من المدرسين أنهم يريدون أن يرسلوا استغاثة للرئيس للاهتمام بقضيتهم على غرار ما حدث مع شركة «بلبن»، وهو اقتراح لاقى تفاعلاً كبيراً.

شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)
شعار صممه معلمون مؤقتون مستلهمين شعار محلات «بلبن» الشهيرة (فيسبوك)

ولم تقتصر الاستغاثات على طلبات موجهة من مجموعات، فكانت بعضها شخصية، مثل استغاثة وجهها الدكتور جودة عواد بعد صدور قرار من نقابة الأطباء يمنعه من مزاولة المهنة لمدة عام، لـ«ترويجه عقاقير» عبر صفحاته، واستخدامه «أساليب جديدة في التشخيص والعلاج لم يكتمل اختبارها بالطرق العلمية»، حسب بيان وزارة الصحة.

وناشد عواد الرئيس بالتدخل لرفع «الظلم عنه»، وقال إن «صفحات استغلت صورته وركَّبت فيديوهات تروج للأدوية».

وحملت بعض المناشدات اقتراحات مثل عودة «عساكر الدورية» ليجوبوا الشوارع، مع زيادة الحوادث، حسب استغاثة مصورة وجهها أحد المواطنين للرئيس عبر تطبيق «تيك توك».

وبينما أقر أعضاء بمجلس النواب بحقيقة أن تدخل الرئيس يسرع بالحل فعلياً، أهابوا بالقطاعات المختلفة سرعة التحرك لحل المشاكل المنوطة بها تخفيفاً عن كاهله.

ومن هؤلاء النواب مصطفى بكري الذي قال إن تدخل الرئيس في بعض المشاكل وقضايا الرأي العام «يضع حداً للإشاعات والأكاذيب، ويرد الاعتبار لحقوق الناس التي يسعى البعض إلى إهدارها»، لكنه طالب الجهات المعنية عبر منصة «إكس» بالتخفيف عنه والتحرك لحل المشاكل وبحث الشكاوى.

اتفق معه النائب فتحي قنديل، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «الرئيس على عاتقه الكثير من المسؤوليات والأعباء. يجب على المواطنين أن يدركوا ذلك، وألا يوجهوا كل استغاثة إليه، خصوصاً أن بعض هذه المشاكل تكون مفتعلة»، وطالب موظفي الدولة «بعدم التعنت أمام المواطنين والعمل على حل مشاكلهم».

ويرى النائب البرلماني السابق ومنسق الاتصال بأمانة القبائل والعائلات المصرية بحزب «الجبهة الوطنية»، حسين فايز، أنه على الرغم من الأعباء التي تُلقى على عاتق الرئيس بكثرة المناشدات «فإن ذلك أيضاً يعزز مكانته لدى الشارع».

وسبق أن تدخل السيسي لحل أزمات أو تحقيق آمال مواطنين بعدما ظهروا عبر مواقع التواصل أو في أحد البرامج التلفزيونية. ففي سبتمبر (أيلول) 2021، أجرى اتصالاً على القناة الأولى المصرية، عقب عرض تقرير مصور عن سيدة تعمل في مهنة «الحدادة» لإعالة أسرتها وتطلب توفير شقة، وهو ما استجاب له الرئيس.

ويعدّ أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، أن نمط توجيه استغاثات إلى الرئيس «راسخ في المجتمع المصري»، إيماناً بأن مجرد تدخله سيحل المشاكل فوراً. وعدّ أن ذلك يعكس «مركزية الدولة».