الأردن ومصر يشددان على التزام إسرائيل عدم تغيير الوضع التاريخي والقانوني للأقصى

أكدا تنسيقهما على مستوى عالٍ في مواجهة التحديات

TT

الأردن ومصر يشددان على التزام إسرائيل عدم تغيير الوضع التاريخي والقانوني للأقصى

اتفق الأردن ومصر، خلال اجتماعات اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة، التي عقدت دورتها السابعة والعشرين في عمان، أمس، برئاسة رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، ونظيره المصري، شريف إسماعيل، على زيادة التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة، والتركيز في المرحلة المقبلة على تنفيذ كل ما جرى الاتفاق عليه بين البلدين.
وأكد الجانبان على العلاقات الاستراتيجية التي تربطهما، والحرص على تعزيز أوجه ومجالات التعاون المشترك، خدمة لمصالح البلدين والشعبين، وتذليل أي عقبات قد تعترض مسيرة التعاون بينهما.
واستعرض رئيسا حكومتي الأردن ومصر تطورات الأوضاع في المنطقة، ولا سيما ما يتعلق بالوضع في مدينة القدس والمسجد الأقصى. وأكدا أنهما يتابعان بشكل دؤوب، قرار الحكومة الإسرائيلية رفع البوابات الإلكترونية، وإلغاء الكاميرات وإزالة قواعدها، وإزالة ممرات التفتيش عن مداخل المسجد الأقصى. وشددا على ضرورة التزام إسرائيل عدم اتخاذ أي خطوات من شأنها تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد.
وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أكد الجانبان الأردني والمصري، على أن علاقاتهما تشكل نموذجا للعلاقات العربية - العربية. كما جرى التأكيد على موقف البلدين تجاه التحديات التي تواجه الأمة العربية، والمستوى العالي من التنسيق بينهما تجاه هذه التحديات، وفي مقدمتها موضوع الإرهاب الذي تعاني منه الكثير من الدول العربية وشعوبها، والحرص على محاربته بكافة الوسائل.
واتفق البلدان على اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تعزيز التبادل التجاري بينهما، وتسهيل حركة الاستثمار، وإقامة المشروعات المشتركة، وإزالة أي عقبات قد تعترض مسيرة التعاون المشترك.
كما اتفقا على تشكيل مجلس تنسيقي استثماري أردني - مصري، يضم مجموعة من المستثمرين في المجالات كافة، كالزراعة والصناعة والخدمات، على أن يجري عقد اجتماعات في البلدين بالتناوب.
واتفق الجانبان على تجديد الاتفاق الموقع بينهما بخصوص تخفيض رسوم عبور السفن من خلال قناة السويس التي تخدم ميناء العقبة. وكذلك تسهيل إجراءات دخول الدواء الأردني إلى مصر قبل نهاية العام الحالي، وزيادة عدد الأدوية الأردنية المسجلة في السوق المصرية، من 32 صنفا إلى 60 صنفا، بالتزامن مع إجراءات لإعادة النظر بتسعيرة الأدوية المصرية في السوق الأردنية.
واتفقا على إقامة معرض للبيع المباشر لمنتجات البلدين وبسقف مليون دولار، وإقامة معرض لمنتجات البحر الميت في القاهرة، وإيجاد منافذ بيع لها في السوق المصرية.
كما اتفق الجانبان على تمديد العمل بالاتفاق المتعلق بزيادة عدد المقاعد للرحلات الجوية بين عمان والقاهرة لمدة سنة، وتقييم التجربة قبيل اجتماعات الدورة الثامنة والعشرين للجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة. وحول العمالة المصرية في الأردن، أكد رئيس الوزراء الأردني أنها محط ترحيب وعناية من الحكومة، وأن الإجراءات التي اتخذتها لتصويب أوضاع العمالة، هي إجراءات تنظيمية لسوق العمل، ومن شأنها المحافظة على حقوق العمال ومكتسباتهم، ولا تستهدف العمالة المصرية إطلاقا.
وبحث الجانبان في سبل تعزيز وتطوير التعاون في المجالات المرتبطة بالثقافة، والسياحة، والمياه، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة، والثروة المعدنية، وفي المجال الإعلامي، والأمني، والقضائي، والشؤون الجمركية، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، والمواصفات والمقاييس والمجال الصناعي، والمدن الصناعية، والنقل.
من جهته، أعرب رئيس مجلس الوزراء المصري عن تقديره لما تلقاه العمالة المصرية من رعاية واهتمام في الأردن، وتحقيق الاستقرار لها، في ضوء مراعاة الضوابط والالتزام بالقواعد التي تضعها المملكة.
ولفت إلى أهمية تضافر الجهود المشتركة في مواجهة المصاعب والتحديات التي تحيط ببلدينا وبالمنطقة العربية كلها، وبخاصة خطر الإرهاب الذي يهدف إلى تخريب البلاد وتعطيل خطط التنمية وإهدار فرص التقدم، مؤكدا أن جهود البلدين المشتركة في الوقوف في وجه الإرهاب من شأنها أن تحافظ على استقرار الوطن ودعم جهود الإصلاح الاقتصادي في بلدينا.
وأشار إلى أن الحكومة المصرية تسعى لإعادة بناء اقتصادها، من خلال بذل جهود مكثفة لحل المشكلات المتعلقة بالاستثمارات. وأفاد بأن أرقام التبادل التجاري بين مصر والأردن، تشير إلى 587 مليون دولار خلال عام 2016، وبلغت الاستثمارات الأردنية في مصر، حتى مطلع العام الحالي، نحو 526 مليون دولار. كما بلغ حجم الاستثمارات المصرية في الأردن نحو 310 ملايين دولار، حتى نهاية عام 2016، مؤكدا أن هذه الأرقام «لا ترقى لما نطمح أن نصل إليه، حيث إن المجالات أمامنا واسعة وكفيلة بمضاعفة هذه الأرقام أضعافاً كثيرة».
وفي ختام الاجتماعات، وقّع البلدان سبع مذكرات تفاهم، وبرنامجا تنفيذيا.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.