حزب الليكود الإسرائيلي يقرر رفض حل الدولتين

TT

حزب الليكود الإسرائيلي يقرر رفض حل الدولتين

إزاء القناعة الشاملة في إسرائيل بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «خنع للضغوط الفلسطينية الشعبية والرسمية، وللضغوط العربية في أزمة الأقصى»، أطلق قادة اليمين المتطرف حملة استيطان وتهويد جديدة، تمثلت في السيطرة على بيت في مدينة الخليل بالضفة الغربية، وفي إثارة جلبة أدت إلى قرار عسكري بإغلاق الحرم الإبراهيمي، وإلى سن قانونين عنصريين يضعان العراقيل أمام حل الدولتين. وتوج المكتب السياسي لحزب الليكود الحاكم هذه الحملة، بقرار يلزم رئيس الحكومة بالامتناع عن أي تسوية تتيح إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن.
ففي جلسة مفاجئة، دعا إليها رئيس المكتب السياسي وزير السياحة زئيف إلكين، المعروف بقربه من رئيس الحزب، بنيامين نتنياهو، اتخذ قرار بغالبية 33 مقابل صوتين، ينص على معارضة إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن، وعلى دعوة جميع ناخبي حزب الليكود (وبينهم نتنياهو) إلى معارضة المبادرات السياسية المطروحة حاليا، مثل المبادرة العربية أو الفرنسية، التي هدفها العودة إلى حدود عام 1967، وإخلاء مستوطنات، وتقسيم القدس، وعودة اللاجئين. كما تضمن القرار مطالبة الحكومة بتفعيل الضغوطات الكبيرة الموجعة على السلطة الفلسطينية، لمنع نشاطاتها في المنظمات الدولية مثل اليونيسكو والأمم المتحدة، وكذلك الاستعداد لليوم التالي لانهيار سلطة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن).
وأكد أحد قادة الليكود، أن هذا القرار سيطرح على الاجتماع القريب للمجلس المركزي في حزب الليكود، الذي يضم 3 آلاف عضو. وقد قدمت عريضة بهذا الخصوص وقع عليها 800 عضو مركز من جميع أنحاء إسرائيل. ويضيف بندا آخر، هو فرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ومنح حرية البناء الاستيطاني من دون أي قيود.
لكن المستوطنين لم ينتظروا قرارات رسمية، وبادروا إلى عدد من النشاطات التي تدل على محاولة لاستغلال الانشغال بالأزمة الحالية في الأقصى، واستغلال وجود «إدارة يمينية في البيت الأبيض بقيادة الرئيس ترمب ترفض اعتبار الاستيطان عقبة أمام السلام». وفي هذا الإطار سجلت النشاطات التالية:
* قيام 15 عائلة استيطانية بالاستيلاء على عمارة فلسطينية في البلدة القديمة في الخليل، مؤلفة من ثلاث طبقات، بدعوى أنهم اشتروها من أصحابها الفلسطينيين من عائلة أبو رجب. وقد أكد شهود عيان أنهم حملوا أسلحة رشاشة بشكل واضح. وأن هذا الاستيلاء جرى بوجود مواقع عسكرية إسرائيلية في الجوار، وفي وضح النهار، من دون أي اعتراض. وقد ادعوا أنهم حصلوا على مصادقة من وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان. وفقط عندما أنهوا احتلال العمارة، حضرت قوات كبيرة من الشرطة والجيش وباشرت حمايتهم من «خطر اعتداءات فلسطينية» مزعومة.
في أعقاب ذلك، تدفق عشرات الفلسطينيين إلى المكان للاحتجاج، فأصدر القائد العسكري لمنطقة الخليل في جيش الاحتلال، يتسحاق كوهين، أمرا يعلن فيه عن منطقة الحرم الإبراهيمي منطقة عسكرية مغلقة يحظر على الفلسطينيين الوصول إليها، بما في ذلك منع دخولهم الحرم للصلاة. وقد برر هذه الخطوة بأنها ضرورية لمنع دخول مستوطنين آخرين إلى المبنى.
* أعلن المستوطنون في منطقة بيت لحم، أنهم سيتمردون على قرار المحكمة الإسرائيلية العليا، أول من أمس، الذي يمنعهم من القيام بأي أعمال بناء وتطوير للبنى التحتية في القسائم التي أقيمت عليها مؤخرا، بؤرة جديدة في منطقة غوش عتصيون، تدعى «سديه عوز» (حقل القوة) القائمة على أراضي قرية الخضر.
* بعد نقاش عاصف، صادقت لجنة القانون البرلمانية، أمس، على طرح قانون القدس للتصويت عليه في القراءة الأولى. وجرت المصادقة على طرح القانون بغالبية تسعة نواب مثلي الائتلاف مقابل 7 مثلي المعارضة. وطرح مشروع القانون لإقراره في الهيئة العامة للكنيست وحظي هناك بأكثرية. ووفقا لمشروع القانون، فإن «التنازل عن مناطق من القدس لصالح كيان أجنبي» يحتم تحشيد تأييد من قبل 80 نائبا على الأقل، بدلا من 61 كما في القانون السابق.
* عقدت اللجنة الخاصة بإعداد قانون القومية، أول جلسة لها أمس، بهدف وضع الأسس لاعتبار إسرائيل دولة يهودية. ومع أن نتنياهو شخصيا تغيب عن الجلسة بدعوى اضطراره إلى عقد جلسة طارئة للمجلس الوزاري الأمني المصغر، إلا أن رئيس اللجنة النائب أمير أوحانا (الليكود)، قال إنه حصل على مباركته. وأضاف: «لأول مرة بعد 70 سنة، ستحصل إسرائيل على بطاقة هوية تقول ما هي وما هي أسسها. هذا أهم قانون سيصادق عليه الكنيست منذ 1992 على الأقل. إن ما نطمح إليه في النهاية، هو تحقيق بشائر البلورة المشتركة للفكرة الصهيونية، وآمل أن ينجح الزملاء في المعارضة، خصوصا في الأحزاب الصهيونية، بالالتفاف حولها». وتضم اللجنة الخاصة 16 نائبا، 8 من الائتلاف و8 من المعارضة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.