الأزمة مع ألمانيا تلقي بظلالها على الحوار التركي ـ الأوروبي

برلين تُطمئن الجالية التركية وأنقرة تركّز على إلغاء تأشيرة «شينغن»

صورة التُقطت في 13 يوليو الحالي لعناصر من الشرطة التركية لدى اعتقالها ضابطاً سابقاً متهماً بالتورط في محاولة اغتيال الرئيس إردوغان خلال محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي (أ.ف.ب)
صورة التُقطت في 13 يوليو الحالي لعناصر من الشرطة التركية لدى اعتقالها ضابطاً سابقاً متهماً بالتورط في محاولة اغتيال الرئيس إردوغان خلال محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي (أ.ف.ب)
TT

الأزمة مع ألمانيا تلقي بظلالها على الحوار التركي ـ الأوروبي

صورة التُقطت في 13 يوليو الحالي لعناصر من الشرطة التركية لدى اعتقالها ضابطاً سابقاً متهماً بالتورط في محاولة اغتيال الرئيس إردوغان خلال محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي (أ.ف.ب)
صورة التُقطت في 13 يوليو الحالي لعناصر من الشرطة التركية لدى اعتقالها ضابطاً سابقاً متهماً بالتورط في محاولة اغتيال الرئيس إردوغان خلال محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي (أ.ف.ب)

بينما يتواصل التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي من جانب، وتتعمق الأزمة بين الأولى وبرلين من جانب آخر لتلقي بظلالها على جهود استئناف مفاوضات عضوية تركيا في التكتل الأوروبي، يعقد في بروكسل بعد غد الثلاثاء اجتماع الحوار السياسي الرفيع المستوى بين تركيا والاتحاد الأوروبي على مستوى الوزراء.
وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس، إن الاجتماع سينعقد بمشاركة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي كبير المفاوضين الأتراك عمر تشيليك، ومن الجانب الأوروبي سيشارك في الاجتماع كل من فريدريكا موغيريني المفوضة السامية للاتحاد الأوروبي لشؤون العلاقات الخارجية والأمن ونائب رئيس المفوضية الأوروبية ويوهانس هان وهو مفوض الاتحاد الأوروبي المسؤول عن مفاوضات التوسعة وسياسات الجوار من الجانب الأوروبي.
ويأتي هذا الاجتماع عقب اجتماع للحوار عقد على مستوى كبار المسؤولين في 13 يونيو (حزيران) الماضي في بروكسل كان بمثابة تحضير لهذا الاجتماع بناء على ما تم التوصل إليه خلال اللقاءات التي جرت في العاصمة البلجيكية بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ورؤساء المؤسسات الأوروبية على هامش اجتماعات قادة الناتو في 25 مايو (أيار) الماضي، حيث تم التوصل إلى توافق على برنامج زمني مدته 12 شهراً لتقويم العلاقة بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
وأوضحت الخارجية التركية أن جدول أعمال الاجتماع يتضمن مسار المفاوضات التركية، إضافة إلى التعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة ومكافحة الإرهاب، وآخر المستجدات بالنسبة لإلغاء تأشيرات الدخول إلى دول الاتحاد للمواطنين الأتراك بموجب اتفاق الهجرة الموقّع بين تركيا والاتحاد في مارس (آذار) 2016، والتطورات الإقليمية والدولية.
وقالت مصادر في الخارجية التركية لـ«الشرق الأوسط»، إن تركيا تولي أهمية خاصة لمسألة إلغاء تأشيرة الدخول (لا سيما إلى دول شنغن) التي يشترط الاتحاد الأوروبي لإقرارها إجراء تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب في تركيا لكون الجانب الأوروبي يعتقد أن هذا القانون يُستغل أداة للضغط على المعارضة، في حين ترفض أنقرة المساس به.
ولا يزال التوتر يخيّم على علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد العام الماضي والاتهامات الموجهة من الرئيس إردوغان للاتحاد بدعم الانقلابيين والإرهابيين، وهي الاتهامات التي كررها قبل أيام في مقال كتبه لصحيفة «الغارديان» البريطانية، إذ قال إن «على قادة الدول الغربية الاختيار بين الفوز مجدداً باحترام الشعب التركي أو مواصلة الوقوف إلى جانب الإرهابيين».
ولفت إلى أن ما سماه بـ«النفاق وازدواجية المعايير» التي انتهجتها تلك الحكومات والمؤسسات الغربية بعد المحاولة الانقلابية، أثارت انزعاجاً شديداً لدى شعبه الذي «ضحى بكل ما لديه من أجل الحرية»، على حد قوله. وأضاف أن انتقاد الإجراءات التي تتخذها تركيا بحق أتباع فتح الله غولن (الداعية التركي الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب) في المؤسسات الحكومية، يضع علامات استفهام حول الدعم الذي تقدمه الدول الغربية للديمقراطية والأمن في تركيا، لافتاً إلى حصول بعضهم على حق اللجوء في دول غربية «تقول إنها حليفة وصديقة لتركيا»، في إشارة إلى ألمانيا.
وينتقد الاتحاد الأوروبي حملة الاعتقالات الموسعة التي طالت أكثر من 50 ألفاً والإيقاف عن العمل والإقالات التي طالت أكثر من 155 ألفاً والتضييق على المعارضة والصحافيين وانتهاكات حقوق الإنسان وحرية التعبير، التي يرى الاتحاد أنها باتت في وضع سيئ في تركيا بعد فرض حال الطوارئ عقب الانقلاب الفاشل.
كما شهدت العلاقات التركية - الأوروبية توتراً حاداً خلال فترة الاستفتاء على تعديل الدستور للانتقال إلى النظام الرئاسي الذي أجري في تركيا في 16 أبريل (نيسان) الماضي، حيث منع بعض الدول الأوروبية الوزراء الأتراك من اللقاء مع الجاليات التركية.
ويأتي اجتماع بروكسل أيضاً في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين أنقرة وبرلين أزمة حادة جديدة تضاف إلى الأزمات المتعاقبة بين البلدين على خلفية حبس 6 ناشطين حقوقيين بارزين في تركيا، أحدهم أستاذ جامعي ألماني، وهي الأزمة التي بدأت أنقرة في اتجاه السعي إلى امتصاصها. وأجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس اتصالاً هاتفياً مع نظيره الألماني زيغمار غابرييل لبحث الوضع بين البلدين بعد تصريحات الأخير الحادة في شأن «المسار الجديد» في العلاقات مع تركيا وتشديد تحذير السفر على المواطنين الألمان إلى تركيا والتلويح بفرض عقوبات مالية وأخرى تتعلق بتزويد تركيا بالسلاح. وجه غابرييل رسالة إلى الأتراك في بلاده، الذين يزيد عددهم على 3 ملايين، قال فيها: «أنتم منا ولو لم تحملوا جوازات سفر ألمانية». ووصف الصداقة القائمة بين الشعبين التركي والألماني بـ«الخزينة الكبيرة»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن برلين لا يمكن أن تقبل توقيف مواطنيها في تركيا.
وفي السياق نفسه، أعرب المفوض الأوروبي للتوسع يوهانس هان، وهو أحد المسؤولين الأساسيين عن ملف المفاوضات مع تركيا، عن تأييده لتشديد ألمانيا سياستها حيال تركيا بسبب القبض على حقوقيين وصحافيين.
وقال في تصريحات لصحيفة «فيلت» الألمانية أمس، إن رد فعل ألمانيا «مفهوم»، مشيراً إلى أن أوروبا أثبتت تحليها بكثير من الصبر تجاه تركيا. ورأى أن هذا الصبر يبدو أنه ليس موضع تقدير من قبل الحكومة التركية.
واتهم هان تركيا، المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بالابتعاد عن مبادئ دستورية. وأضاف أن واقعة إلقاء القبض مؤخراً على ناشطين حقوقيين «أثبتت، للأسف، النهج المدمر الذي تخوضه تركيا منذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، وهذا النهج ندينه بأشد العبارات». وعبّر هان عن اعتقاده بأن تركيا آخذة في الابتعاد أكثر فأكثر عن المعايير الأوروبية، على الرغم من أن لغة خطابها تخالف ذلك.
من جانبه، طالب زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا الألمانية هورست زيهوفر، أمس، الاتحاد الأوروبي بالتوقف عن دفع أموال لتركيا، على خلفية التطورات السياسية الراهنة مع حكومة أنقرة.
ويشكل حزب زيهوفر مع حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، ما يعرف بالتحالف المسيحي، الشريك الأكبر في الائتلاف الحاكم في ألمانيا.
وفي مؤتمر لحزبه في مدينة غرمرينغ، قُرب ميونيخ، قال رئيس حكومة بافاريا إن «ما يحدث منذ أشهر في تركيا، لا يمكن احتماله أو مناقشته».
وطالب زيهوفر الاتحاد الأوروبي بالتوقف عن دفع 4.2 مليار يورو، المنصوص على دفعها إلى تركيا بحلول 2020.
إلى ذلك، قال مستشار الصناعات الدفاعية التركي، إسماعيل دمير، إن أي قرار قد تتخذه ألمانيا باتجاه مراجعة أو تجميد مشروعات دفاعية مشتركة، سيدفع الأتراك أكثر نحو مشروعات وطنية ومحلية. ورداً على تقارير إعلامية أشارت إلى أن الحكومة الألمانية تنوي مراجعة وتجميد مشروعات دفاعية مشتركة مع نظيرتها التركية، على خلفية توتر العلاقات بين البلدين، قال دمير إن تركيا تواصل مسيرتها، وإن أي قرار من هذا القبيل قد يتسبب بتباطؤ بعض المشروعات لكنه لن يؤثر على النتائج. وأضاف أن «مثل هذا القرار من شأنه أن يزيد من معنوياتنا فيما يخص مشروعات الأنظمة (الدفاعية) الوطنية والمحلية، وبما أنها صناعة بشرية فنحن قادرون على تصنيع أفضل منها».
وتشهد العلاقات التركية - الألمانية توتراً ازدادت حدّته على خلفية قرار القضاء التركي سجن المواطن الألماني بيتر شتيودتنر، مع 6 أشخاص آخرين، بتهمة «تقديم الدعم لمنظمة إرهابية مسلحة». وطالبت الخارجية الألمانية بإطلاق سراح مواطنها المتهم بدعم حزب العمال الكردستاني، قائلة إن مواطنيها القادمين إلى تركيا ليسوا في مأمن وإن شركاتها هناك تعيش حالة من القلق، وهو ما رفضته أنقرة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».