مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون: مباحثات ماراثونية حول الأقصى

خلاف بين {الشاباك} والشرطة حول بقاء البوابات... و5 كتائب إسرائيلية إضافية لمواجهة الجمعة

فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط في القدس لليوم الخامس في ظل إجراءات إسرائيلية مشددة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط في القدس لليوم الخامس في ظل إجراءات إسرائيلية مشددة (أ.ف.ب)
TT

مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون: مباحثات ماراثونية حول الأقصى

فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط في القدس لليوم الخامس في ظل إجراءات إسرائيلية مشددة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يؤدون الصلاة خارج باب الأسباط في القدس لليوم الخامس في ظل إجراءات إسرائيلية مشددة (أ.ف.ب)

قال مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون إن مباحثات ماراثونية جرت أمس، من أجل التوصل إلى اتفاق حل وسط من أجل إزالة البوابات الإلكترونية وإعادة فتح المسجد الأقصى أمام المسلمين.
وقال مسؤول فلسطيني، فضل عدم نشر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودولا عربية وتركيا، دخلت على خط الأزمة حول المسجد الأقصى، وقدمت نصائح لإسرائيل، لكن المفاوضات المباشرة والطويلة تركزت بين تل أبيب وعمان.
وبحسب المسؤول الفلسطيني، فإن مباحثات عميقة وماراثونية جرت بين إسرائيل والأردن، وفق اتفاق سابق، باعتبار إسرائيل مسؤولة خارج المسجد الأقصى، والأردن مسؤولة في داخله. وقال المسؤول إن الأردن تمسك بإزالة البوابات الإلكترونية بشكل كامل، ورفض حلولا من قبيل إبقائها واستثناء فئات محددة من المصلين من التفتيش عبرها، كما رفض الاستبدال بالبوابات أجهزة شخصية لكشف المعادن، باعتبار ذلك تغييرا للوضع القائم وإلغاء أي سيادة لوزارة الأوقاف على المسجد. ووفقا لما قاله، فقد جرى تبادل أفكار مثل إجراء تفتيش شخصي لمشتبهين فقط، مع تركيب كاميرات إضافية داخل المسجد.
وقال المسؤول إنه حتى وقت متأخر، أمس: «لم تتضح نتيجة المباحثات التي أظهرت تعنتا إسرائيليا». وأضاف أن السلطة والأردن والولايات المتحدة ودولا عربية وأوروبية وإقليمية، تتابع عن كثب، مجريات المشاروات، وتتدخل كذلك في محاولة للوصول إلى اتفاق قبل صلاة الجمعة اليوم. وأكد مسؤول إسرائيلي، احتمال التوصل إلى اتفاق بشأن الأقصى.
وتوقع وزير الأمن الداخلي في الحكومة الإسرائيلية، غلعاد أردان، التوصل إلى اتفاق في أي وقت.
وأقر أردان بوجود اتصالات مكثفة لتهدئة الوضع، لكنه دافع عن وضع البوابات الإلكترونية، قائلا إنه يهدف إلى منع وقوع هجوم جديد. وأضاف: «نتطلع إلى حل وسط». وظلت الشرطة الإسرائيلية مصرة على إبقاء البوابات، لكن جهاز الشاباك (الأمن العام) الإسرائيلي، أوصى بإزالتها لمنع فتيل التوتر.
وجاءت كل الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء التوتر في القدس قبل يوم الجمعة الذي ينتظر أن يكونا حاسما، والذي أعلنه الفلسطينيون يوم غضب ونفير عام. وقررت الأوقاف غلق جميع مساجد القدس، على أن يتوجه المصلون لأداء الصلوات أمام الأقصى.
واستعدادا ليوم صعب، قررت قيادة الجيش الإسرائيلي، وضع 5 كتائب عسكرية تابعة للجيش في حالة تأهب، تحسبا لتدهور الموقف.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي: «بعد تقدير موقف في هيئة الأركان، تقرر وضع 5 كتائب كقوة احتياط استعدادا ليوم الجمعة. قرار آخر بإلغاء هذا الإجراء سيتخذ بناء على تقدير آخر للموقف يوم الجمعة». وإضافة لقرار الجيش، قالت مصادر إسرائيلية، إن الشاباك يدرس منع عرب الداخل من الوصول للأقصى اليوم، لتفادي حشود كبيرة. وكانت المرجعيات الدينية دعت جميع المسلمين إلى النفير إلى الأقصى يوم الجمعة، من أجل الصلاة على بواباته وفي الشوارع والأزقة، كما دعت كل الذين لا يستطيعون الوصول للأقصى، إلى الصلاة على بوابات القدس.
لكن الأمر لن يتوقف عند الصلاة وحسب، إذ من المتوقع أن تنفجر مواجهات، على نطاق واسع، في القدس ومناطق في الضفة الغربية.
وقال مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني: «إذا كان يخشى الاحتلال على نفسه فليرحل، فالأقصى للمسلمين وحدهم بقرار إلهي منذ 1400 عام، وهناك قرارات دولية تؤكد ذلك وآخرها قرار اليونيسكو».
وحذر الكسواني الاحتلال من التصعيد يوم الجمعة، ما قد يؤدي لارتكاب مجزرة بحق المصلين والمرابطين من أجل الأقصى.
وقرر مرابطون أمس، المبيت في باب الأسباط خشية غلقه الجمعة.
ويرفض المصلون ولليوم الخامس على التوالي، الدخول عبر البوابات الإلكترونية التي نصبتها الشرطة الإسرائيلية أمام المسجد، وصلوا على أبواب المسجد. وأدى مئات الفلسطينيين الصلوات عند بابي الأسباط والمجلس.
ويرابط رجال دين وسياسيون وناشطون أمام أبواب المسجد في تحد لقرار وضع البوابات.
وتحول باب الأسباط إلى ساحة اعتصام وتضامن.
وحضر أمس، وفد من مجلس الكنائس العالمي للتضامن مع المسلمين، وندد المتحدث باسمهم زغبي الزغبي، بوضع البوابات الإلكترونية، ووصفها بفتنة حرب دينية.
وفي هذا الوقت، أرسلت السلطة الفلسطينية رسائل إلى الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية وإسلامية، وطلبت تدخلا عاجلا.
وتحدث الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أمس، مع التركي رجب طيب إردوغان، وطالبه بالضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل إنهاء التوتر، فاتصل إردوغان بالرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، من أجل الضغط عليه لحل أزمة المسجد الأقصى، وهو ما أغضب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مقربين من مكتب نتنياهو قولهم إن «إردوغان اجتاز رئيس الحكومة ووزير الخارجية نتنياهو، واختار التحدث مع الرئيس الذي لا يملك أي صلاحية حقيقية في هذا الملف».
وكان عباس حث إردوغان على العمل من أجل «إلزام إسرائيل بالتراجع عن إجراءاتها الخطيرة في القدس والأقصى، وعلى رأسها تركيب بوابات التفتيش الإلكترونية، التي تعتبر انتهاكا للوضع القائم».
ومن جهته، طالب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، الاتحاد الأوروبي باتخاذ خطوات فورية وعاجلة للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها بحق الفلسطينيين ومقدساتهم.
وجدد الحمد الله تحذيره من تدهور الأوضاع الأمنية جراء التصعيد الإسرائيلي في القدس، لا سيما إجراءاتها في تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى والانتهاكات المستمرة بحق المقدسيين. وقال الحمد الله أثناء استقباله سفراء وممثلي دول الاتحاد الأوروبي، إن السلطة ستتصدى لمحاولة عزل الأقصى أو تغيير الوضع القائم فيه.
أما إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، فدعا إلى يوم غضب داخل الأراضي الفلسطينية، وفي المنافي والشتات: «دفاعا عن القدس والأقصى، وتأكيدا على وحدة الشعب في هذه المعركة، وعلى أننا نعد العدة من أجل العودة وتحرير مسرى رسولنا».
ووجه هنية رسالة للاحتلال الإسرائيلي، قال فيها: «أقول للعدو: الأقصى والقدس خط أحمر، إن سياسة الإغلاق وفرض الإجراءات العقابية على المقدسيين والمقدسات لن تمر. أنتم لا تتعلمون من التاريخ، وأعمتكم غطرسة القوة. أقول لكم وبكل وضوح: توقفوا؟ أنتم تشعلون النار، ولن تمر جريمتكم ولا عدوانكم ولا غطرستكم. شعبنا بكل قواه، وفي مقدمته حماس، لن يسمح بتمرير مخططاتكم، هذه معركة عقيدة وشعب وأمة، ولذلك على العدو أن يتوقف عن غيه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.