البرلمان التونسي يصادق على مشروع قانون المصالحة المثير للجدل

توجه لخصم 100 دينار من راتب البرلمانيين المتغيبين عن العمل

البرلمان التونسي يصادق على مشروع قانون المصالحة المثير للجدل
TT

البرلمان التونسي يصادق على مشروع قانون المصالحة المثير للجدل

البرلمان التونسي يصادق على مشروع قانون المصالحة المثير للجدل

صادقت لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي أمس، على مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع رموز النظام السابق، وهي خطوة أولى في انتظار عرضه على أنظار نواب البرلمان في جلسة عامة مبرمجة خلال الأسبوع المقبل.
واقتصرت المصادقة على المصالحة مع الموظفين، فيما تم سحب الفصول المتعلقة بجرائم الصرف، والجزء المتعلق أيضا بلجنة المصالحة، التي كانت ستعد قائمة المتمتعين بالعفو المالي، والتي كانت ستلغي دور لجنة التحكيم والمصالحة في هيئة الحقيقة والكرامة المشرفة على منظومة العدالة الانتقالية.
وبذلك تكون المعارضة داخل البرلمان وخارجه قد نجحت في الضغط على مختلف الأطراف المرتبطة بالمصالحة المالية والاقتصادية، وخاصة رئاسة الجمهورية، التي بادرت إلى طرح المصالحة منذ شهر يوليو (تموز) 2015، واستثنت رجال الأعمال الذين تورطوا مع النظام السابق في قضايا فساد مالي.
واعتمدت المعارضة في انتقاداتها للمقترح الرئاسي على التعارض الصارخ بين مشروع قانون المصالحة المالية والاقتصادية مع رموز النظام السابق من ناحية، والحملة التي يقودها يوسف الشاهد رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تونس ضد رجال أعمال متهمين بالفساد والإثراء من عمليات التهريب.
وفي هذا السياق قالت يمينة الزغلامي، القيادية في حركة النهضة وعضو لجنة التشريع العام في البرلمان، إن القانون المصادق عليه يشمل الموظفين الذين لم تحم حولهم شبهات الرشوة أو الاستيلاء على المال العام، وهذه المصادقة تمتد من الأول من يوليو 1955 إلى 14 يناير (كانون الثاني) من سنة 2011.
كما أكدت الزغلامي أن فترة حكم «الترويكا» بزعامة حركة النهضة، والفترة التي تلتها لن يشملها مشروع قانون المصالحة، مبرزة أن حركة النهضة هي التي قدمت مقترح المدّة الزمنية المحددة للمنتفعين بهذا القانون.
على صعيد آخر، وبعد جدل سياسي واسع حول مشروع تنقيح النظام الداخلي للبرلمان، ينتظر أن يبدأ هذا الأخير الاقتطاع من منح النواب المتغيبين دون مبرر، وسيشمل هذا الإجراء 14 نائبا.
وأقر مشروع تنقيح النظام الداخلي للبرلمان اقتطاع نسبة 100 دينار (نحو 40 دولارا) في حال تغيب البرلمانيين عن الجلسات العامة وعن اجتماعات اللجان البرلمانية، ومن المنتظر أن تكون مبالغ الاقتطاعات في حدود 35 ألف دينار تونسي.
وشرعت لجنة النظام الداخلي والحصانة البرلمانية أمس، في مناقشة مشروع تنقيح النظام الداخلي للمجلس، وتعديل بعض الفصول، ومن ضمنها تلك المتعلقة بالغيابات واقتطاع منح النواب وعدد من الفصول الأخرى، على غرار تحديد سلطات رئيس المجلس وآليات المراقبة والأسئلة الشفوية الموجهة إلى الحكومة.
وسبق لعدد من الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية، مثل منظمة «بوصلة»، وهي منظمة حقوقية مستقلة، أن انتقدت في أكثر من مناسبة استفحال ظاهرة غياب نواب البرلمان وتأخرهم عن أشغال الجلسات العامة، وعن أعمال اللجان البرلمانية، مما عطل عمل البرلمان، وأثر على أداء أعضائه، وأجل عدة جلسات برلمانية لعدم اكتمال النصاب القانوني.
من ناحية أخرى، انتقد تحالف الجبهة الشعبية المعارض بطء القضاء في الكشف عن ملابسات اغتيال محمد البراهمي، النائب في البرلمان، وذلك بعد مرور نحو أربع سنوات عن عملية الاغتيال السياسي. وبهذا الخصوص قال حمة الهمامي، المتحدث باسم الجبهة الشعبية، في مؤتمر صحافي عقده أمس في العاصمة، إن سيطرة بعض الأطراف السياسية على مفاصل الدولة هي التي تعرقل حتى الآن مسار كشف حقيقة اغتيال البراهمي، على حد قوله.
وفي السياق ذاته، أكدت مباركة عواينية، أرملة البراهمي، أن تعهد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بكشف الحقيقة في اغتيال زوجها يوم 25 يوليو 2013 ما زال قائما، مشددة على أنها ما زالت تنتظر تقدم الأبحاث القضائية، وكشف الحقيقة الكاملة لما جرى في ملف اغتيال زوجها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.