إذا كانت الموضة، كما نكرر دائما، لغة تعبر عن شخصية صاحبها، فإنها في حالة بريجيت ماكرون تعبر عن الثقة بالنفس والرغبة في تكسير التابوهات والخروج عن المتعارف عليه. لم تختر كسابقاتها في قصر الإليزيه، بمن فيهن العارضة السابقة كارلا بروني، التصاميم الكلاسيكية العصرية، بل رسمت لنفسها خطا جديدا يتمثل في الطول القصير الذي يُظهر سيقانها الممشوقة ولسان حالها يقول إن العمر مجرد رقم لا يعني لها شيئا.
أسلوبها أو بالأحرى طول فساتينها يثير الكثير من الانتباه والإعجاب على حد سواء. فالحديث عن كونها أكبر من زوجها بأكثر من عقدين، أصبح خبرا قديما. مظهرها في المقابل تحول إلى مادة دسمة تتناولها الصحف والمجلات بنهم. فهو مظهر مثير بالنسبة لزوجة سياسي من جهة، ولامرأة تتعدى الستين بأربع سنوات من جهة ثانية. بعض المجلات تتغنى برشاقتها وتشبهها بالنجمة المخضرمة جاين فوندا. فهذه أيضا سبق وأصدرت عدة أشرطة فيديوهات عن اليوغا والتمارين الرياضية بعد أن تعدت الستين من العمر. وإذا كانت المجلات والصحف تُركز في حال بريجيت ماكرون على سيقانها بالذات، فإنها تتغزل بها تماما كما تغزلت بذراعي أوباما المصقولتين سابقا، فإن مواقع التواصل الاجتماعي لها رأي آخر. فهي ترى أنها تحاول أن تتبنى مظهرا شبابيا بشكل مبالغ فيه. وسواء اتفقنا مع الفريق الأول أو الثاني، فإن اللافت في الأمر أن بريجيت ماكرون تختلف عن كل من دخلن قصر الإليزيه قبلها. ليس فيما يتعلق بالأسلوب الذي تبنته فحسب، بل أيضا فيما يتعلق بالدار التي ارتبطت بها لحد الآن. فقد ظهرت في عدة مناسبات رسمية في تصاميم من دار «لويس فويتون» عوض «شانيل» أو «ديور» اللتين احتكرتا هذه المهمة لحد الآن. السبب كما يفسره البعض يعود إلى علاقتها الجيدة بديلفين أرنو، ابنة برنار أرنو مالك مجموعة «إل.في.إم. إتش» التي تنضوي «لويس فويتون» تحتها. قد تكون أيضا لأن برنار أرنو، أغنى رجل في فرنسا كان من الداعمين لزوجها خلال حملته الانتخابية. وسواء كان هذا أو ذاك، فإن النتيجة واحدة تتلخص في أن علاقتها بمصمم الدار نيكولا غيسكيير ناجحة أثمرت على عدة فساتين وتايورات أنيقة تتميز بأسلوب جد عصري. المشكلة الوحيدة فيها تتلخص في طولها ومدى مناسبة هذا الطول للسيدة ماكرون. في الأسبوع الماضي تحديدا استدعى الأمر وقفة، لأن عالم الموضة تابع، وخلال شهر واحد، عدة إطلالات لها ولميلانيا ترمب، وكايت دوقة كامبريدج والملكة الإسبانية ليتسيا. كلهن اخترن فساتين أو تنورات تغطي الركبة أو تلامسها، باستثناء بريجيت ماكرون. فهي إن لم تظهر ببنطلون ضيق جدا، فضلت فساتين ناعمة ومحددة على الجسم تعلو الركبة بنحو عشرة سنتمترات.
الموضة حاليا تميل إلى التصاميم التي تُغطي الركبة والأكمام الطويلة والياقات العالية. لكنها أيضا تحاول أن تنأى بنفسها عن لغة الاستثناء والإلغاء. فكل شيء جائز ومقبول ما دام هناك ذوق. من هذا المنظور لا ترى مانعا أن تلبس امرأة ستينية أو سبعينية بنطلونات ضيقة ولا حتى جاكيتات من الجلد أو فساتين ناعمة. فهذا خيار شخصي يُعبر عن ذوق خاص، لكنها لا تنسى التذكير بضرورة الأخذ بعين الاعتبار ما يناسب مقاييس الجسم وأسلوب الحياة والمكان والزمان. وفي هذا الصدد لا بأس من التذكير بمقولة الراحلة غابرييل شانيل تُندد فيها بإظهار الركبة تحديدا. كان هذا الجزء بالنسبة لها من أقبح أجزاء الجسم لدى المرأة وبالتالي نادت بإخفائه عن العيون بأي شكل. صحيح أن غابرييل شانيل قالت هذه المقولة منذ عقود بينما شهدت ثقافة الموضة عدة تغيرات، بما ذلك نظرتها إلى المرأة، إلا أن صور بريجيت ماكرون في فساتين قصيرة إلى جانب صور ميلانيا ترمب والملكة ليتسيا ودوقة كامبريدج، تؤكد لنا أن الطول الذي يغطي الركبة، أو على الأقل يلامسها، أكثر جمالا ورقيا.
فميلانيا ترمب مثلا اختارت قطعة من دار «ديور» في غاية الأنوثة بتنورة واسعة. دوقة كامبريدج ظهرت هي الأخرى، وفي الأسبوع نفسه، بفستان بسيط بتنورة واسعة تنسدل إلى الركبة من ماركة «ثورنتون برين»، بينما ظهرت الملكة ليتيسيا خلال زيارتها الأخيرة لبريطانيا بتنورة واسعة بطيات ومطرزة من تصميم كارولينا هيريرا. هنا أيضا كانت التنورة تلامس أسفل الركبة. صور تجعلنا نتفق مع غابرييل شانيل إلى حد كبير مهما تغنى البعض وهلل لسيقان بريجيت ماكرون، التي لا تشكو فعلا من شيء وقد تحسدها عليها فتاة في العشرينات من العمر. شئنا أم أبينا فإن التنورة القصيرة تبقى ملكا شبابيا. وهذا يعني أنه مهما تمتعت المرأة الخمسينية والستينية بالرشاقة والمقاييس الرياضية وحتى إذا نجت من تهدل الجلد حول ركبتيها، فإنه من الواجب عليها أن تفكر عدة مرات قبل الظهور بها. بريجيت ماكرون فرنسية، ومن المفترض أن الذوق الرفيع يجري في عروقها بالفطرة، إلا أن اختياراتها منذ أن دخلت قصر الإليزيه تعيد إلى الذهن الجدلية الأزلية بين الموضة وبين الأناقة، وكيف أن تحقيق المعادلة بينهما صعبة قد تستعصي حتى على الفرنسيات.
«قَصَّة طويلة».. كل ما يفرق بين بريجيت وميلانيا والملكة ليتسيا ودوقة كامبريدج
التنورة القصيرة شبابية.. لكن عُمرها قصير
«قَصَّة طويلة».. كل ما يفرق بين بريجيت وميلانيا والملكة ليتسيا ودوقة كامبريدج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة