دعوة أممية إلى حوار بين أربيل وبغداد حول مصير كردستان

طهران تحذر أكراد العراق من «عزلة» استفتاء الاستقلال

TT

دعوة أممية إلى حوار بين أربيل وبغداد حول مصير كردستان

دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش، أمس، بغداد وأربيل للدخول في حوار بشأن مصير إقليم كردستان العراق. وقال كوبيش في جلسة مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في العراق، إننا «ندعو بغداد وأربيل للدخول في حوار بشأن مصير إقليم كردستان العراق».
وأضاف كوبيش في كلمته بجلسة مجلس الأمن، التي أوردتها شبكة «رووداو» الإعلامية: «نطالب بغداد وحكومة إقليم كردستان بتطبيق المادة 140 بشأن المناطق المتنازع عليها».
إلى ذلك, نددت كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني (حزب رئيس الإقليم مسعود بارزاني) في مجلس النواب العراقي أمس بتصريحات رئيس الأركان الإيراني محمد باقري التي أعلن فيها عن رفض بلاده للاستفتاء الذي تستعد كردستان العراق لإجرائه على الاستقلال في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، وشددت الكتلة على أنه ليس لإيران الحق في رفض الاستفتاء أو الاعتراض عليه.
وقال رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي، عرفات كريم، لـ«الشرق الأوسط»: «رسالتنا لإيران هي أن إقليم كردستان خلال هذه السنوات الطويلة كان عامل خير واستقرار في المنطقة، فإذا ما تحول إلى دولة مستقلة فستكون هذه الدولة أكثر تأثيرا في الاستقرار والأمن في هذه المنطقة»، مشيرا إلى أنه لا ينبغي لطهران أن تقف في طريق الاستفتاء، مبينا أن الكرد لطالما مدوا أيديهم للسلام والتعايش والمحبة والإخوة للعالم وخاصة لدول المنطقة، ولم يتدخلوا في شؤونهم. وشدد: «لن نقبل من الدول الأخرى أن تتدخل في شؤوننا، الاستفتاء والاستقلال شأن داخلي بيننا وبين بغداد. فبأي حق تتدخل إيران وتركيا أو دول أخرى في هذه المسألة».
وأضاف كريم أن شعب كردستان وغالبية الأحزاب الكردية قررت أن تلجأ إلى الاستفتاء وهذا القرار لا رجعة عنه، لافتا إلى أن «الدول الديمقراطية لا تستطيع أن تقف حجر عثرة في طريق الاستفتاء فقط الدول التي ليس فيها مبادئ الديمقراطية هي التي تعترض، وعلى هذه الدول التي لا ديمقراطية فيها، أن تنشر هذه الديمقراطية وتعطي الحرية لمواطنيها وأن لا تركز على مشاكل غيرها فمشاكلنا تكفينا، فلذلك نحن نطلب من هذه الدول ألا تعادينا ولا تقف عقبة في طريق الاستفتاء، نحن لا نريد منهم المساندة أو الموافقة، الموافقة من الشعب، الشعب هو الذي سيقرر، فإرادة الشعب من أقوى الإرادات».
في غضون ذلك، أجرى وفد من الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة النائب الأول لأمينه العام جلال طالباني، كوسرت رسول، أمس، مشاورات مع سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني. وحذر شمخاني من إجراء استفتاء كردستان العراق وقال إنه يتسبب في «عزلة الأكراد وتضعيف دور الإقليم والعراق رغم ظاهره الجذاب» وقال شمخاني إن «متابعة الاستفتاء يسبب الانشقاق في العراق» معتبرا الاستفتاء «لا يتلاءم مع إدارة وسياسة المسؤولين العراقيين». ووصف شمخاني مشروع استفتاء كردستان العراق بـ«المشروع الاستعماري ومستورد على غرار الشرق الأوسط الكبير». وزعم شمخاني أن بلاده «كانت الوحيدة التي وقفت إلى جانب كردستان لوقف تقدم (داعش) في أراضي الإقليم»، وفق ما نقلت عنه وكالة إيسنا الحكومية.
وجاءت تصريحات شمخاني بعد ساعات من تعليق رئيس الأركان محمد باقري على الأوضاع في المنطقة خلال مؤتمر لقادة الحرس الثوري بمدينة مشهد أمس. وهاجم باقري مشروع الاستفتاء قائلا إن بلاده «ترفض الاستفتاء في كردستان وانفصال جزء من العراق» ووصف مناقشة استقلال كردستان بـ«الأمر المثير للشكوك بعد هزيمة (داعش)»، محذرا من مخاطره على الأوضاع في المنطقة والعراق. وكان باقري يعلق على دور الحشد الشعبي في العراق عندما تطرق إلى موضوع كردستان، معتبرا أن استفتاء كردستان «بداية مشكلات وتحديات جديدة في المنطقة». مؤكدا أن الموضوع «لا يمكن القبول به من جيران العراق»، وكان المرشد الإيراني علي خامنئي أول مسؤول رفيع يعلن معارضة إيران إجراء استفتاء في كردستان العراق.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.