حملة لإلغاء امتيازات سجناء حقبة «البعث» في العراق

نتيجة إهمال ضحايا الحرب ضد «داعش»

عراقية تنثر الحلوى في حفل تخرج دفعة من عناصر الشرطة في بغداد أمس (إ.ب.أ)
عراقية تنثر الحلوى في حفل تخرج دفعة من عناصر الشرطة في بغداد أمس (إ.ب.أ)
TT

حملة لإلغاء امتيازات سجناء حقبة «البعث» في العراق

عراقية تنثر الحلوى في حفل تخرج دفعة من عناصر الشرطة في بغداد أمس (إ.ب.أ)
عراقية تنثر الحلوى في حفل تخرج دفعة من عناصر الشرطة في بغداد أمس (إ.ب.أ)

التحق عشرة أعضاء من مجلس النواب العراقي بقافلة المطالبين بتعديل أو إلغاء الامتيازات التي يمنحها قانون مؤسسة السجناء السياسيين بنسخته المعدلة والمقرة عام 2013. ويشمل القانون الذي يعطي امتيازات ومنافع مالية ومعنوية كل من احتجز أو اعتقل أو سجن منذ عام 1963 وحتى عام 2003. على أن لا يكون عليه قيد جنائي. وقد تأسست بعد 2003، مؤسسة خاصة بفئة السجناء تتعامل حصريا مع سجناء وضحايا حقبة «حزب البعث». كما شمل القانون ضحايا عمليات الأنفال وأضيفت إليه لاحقا فقرة تتعلق بـ«الرفحاويين»، في إشارة إلى العراقيين الذي لجأوا إلى مخيم رفحا للاجئين بالسعودية بعد انتفاضة عام 1992.
ورغم إقرار تعديل القانون عام 2013، ونشره في جريدة الدولة الرسمية، فإن الامتيازات الممنوحة «المبالغ فيها» بنظر المعترضين، في مقابل «ضآلة» التعويضات التي تحصل عليها أسر المقاتلين والضحايا في الحرب ضد «داعش»، أثارت «حفيظة» كثيرين ودفعتهم للمطالبة بإعادة النظر في القانون.
ويرى المحامي والإعلامي حسام الحاج، وهو أحد الناشطين والمطالبين بتعديل القانون، أن «الموضوع أثير نتيجة تأخر مرتبات المقاتلين وعوائل الشهداء في الحرب ضد داعش، في مقابل حصول المنتمين إلى مؤسسة السجناء على امتيازات ومرتبات عالية وكاملة». ويقول الحاج لـ«الشرق الأوسط»: «الامتيازات تذهب للمقربين من السلطة الحالية والمعارضين لنظام صدام حسين، وجميع الامتيازات والقوانين التي شرعت استهدفت هذه الشريحة فقط». ويلفت إلى أن الحملة الحالية «انطلقت من مجموعة من الإعلاميين والبرلمانيين، لدراسة تعديلات ووضع خطة عمل لتعديل قانون السجناء السياسيين، بهدف إنهاء التمييز بين المواطنين العراقيين».
وتثير فقرات كثيرة من قانون السجناء السياسيين هذه الأيام جدلا واسعا داخل أوساط عراقية مختلفة، حيث يحصل من تنطبق عليه مواصفات القانون (الفئة أ ممن سجن لأكثر من سنة) على ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للراتب التقاعدي، إلى جانب مبلغ نقدي مقطوع يبلغ نحو 80 مليون دينار (نحو 65 ألف دولار أميركي)، كما يحصل هو وأفراد أسرته من الدرجة الأولى على تفضيل بالقبول في الجامعات والدراسات العليا وتكون أجور دراسته في الكليات والجامعات المسائية مجانا، ويحصل على مبالغ مالية للسفر والعلاج خارج البلاد من أموال المؤسسة، وله اصطحاب أحد المرافقين معه، ولم يحدد صلة القربى بالشخص المرافق ويمكن أن يكون أحد الأصدقاء أو الصديقات كما يؤكد المحامي طارق حرب الذي يستشهد بفقرة في القانون تتعلق بتعويض من سجنوا لمدة 30 يوما في عهد البعث ويقول: «كيف يسجن معارض سياسي في زمن البعث لهذه المدة فقط، إن ذلك شيء مستحيل».
كما تثير مادة تتعلق بحصول المعتقل لمدة سنة واحدة على راتب مؤسسة السجناء لمدة 25 سنة إلى جانب راتب الوظيفة في حال عمله في مؤسسات الدولة، فيما يحصل المسجون أو المعتقل لأقل من سنة على راتب 10 سنوات إلى جانب أجور الوظيفة الحكومية.
ولعل مادة في القانون جاء فيها «تستحق زوجات المشمولين بهذا القانون المتوفين وأولادهم منه نفس حقوق الزوجة الأولى وأولادها» من بين أكثر المواد إثارة للجدل، حيث تفسر على أن «جميع أفراد الشخص المتوفى يحصلون على الراتب المخصص، كل على حدة، وحتى لو تزوج بثلاث نساء أو أربع». ويشير كثيرون إلى وصول مرتبات عالية إلى أشخاص حاصلين على جنسيات أجنبية مختلفة.
ويثير شمول «الرفحاويين» في النسخة المعدلة للقانون تحفظات واسعة، حيث يشير كثيرون إلى أن أغلبهم يعيش في الغرب والولايات المتحدة ويتقاضون مع نسائهم وأولادهم مرتبات شهرية عالية، رغم أن عددا كبيرا منهم لم يسجن أو يعارض نظام صدام حسين، إنما أراد الهروب والحصول على لجوء خارج العراق.
التفاوت الحاد بين أجور المتقاعدين العاديين ونظرائهم المشمولين بقانون مؤسسة السجناء السياسيين، يثير نقمة الكثيرين، وقد عمد موظفو أحد المصارف في محافظة النجف إلى تسريب صك مصرفي يتعلق بالفارق الكبير بين الاثنين، حيث ظهر أن إجمالي المبلغ الذي حصل عليه المتقاعدون في محافظة النجف في شهر مايو (أيار) الماضي نحو 12 مليار دينار عراقي، بينما حصل المتقاعدون المنتمون إلى مؤسسة السجناء في نفس المحافظة على 82 مليار دينار عراقي.
ويرى البعض أن ممثل مرجعية النجف مهدي الكربلائي، ربما أشار إلى بعض بنود قانون السجناء هذا، حين قال أثناء خطبة يوم الجمعة الماضي، في معرض مطالبته برعاية الجرحى والمعوّقين وعوائل الشهداء وتوفير الحياة الكريمة لهم: «لا يصحّ التذرّع عن التقصير في حقّهم بقلّة الموارد الماليّة، فإنّ هناك الكثير من الأبواب التي يمكن تقليص نفقاتها لتوفير ما يفي بذلك، وقد تمّ تخصيص رواتب وامتيازات لأناس لم يتحمّلوا من الأذى والمعاناة في سبيل وطنهم بمقدار يسير مما تحمّله هؤلاء الأعزّاء».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.