اتهامات للحوثيين بخطف قيادي في حزب صالح

استراتيجية «انتقامية» للميليشيات بزرع 16 ألف لغم في مأرب

TT

اتهامات للحوثيين بخطف قيادي في حزب صالح

توسعت دائرة الخلافات بين حليفي الانقلاب، في محافظة حجة غرب اليمن، ليسود معها توتر جديد من المرجح أن يؤدي إلى انفجار مواجهات مسلحة، بعد اختطاف جماعة الحوثي قيادياً في حزب علي صالح (المؤتمر الشعبي العام - جناح صالح)، وواجه قبلية ذات ثقل في المحافظة، حسب ما قالته مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط».
واختطف مسلحون حوثيون أمس، الشيخ القيادي المؤتمري صالح القرسوس، عقب مداهمة منزله، واحتجازه في أحد السجون في مديرية عبس بالمحافظة.
وقالت مصادر محلية، فضلت عدم الإشارة إليها، لـ«الشرق الأوسط»، إن قبائل «كشر» تجمعت للمطالبة بالإفراج عن القرسوس في أسرع وقت ما لم ستقم بإخراجه من معتقله بالقوة.
ويأتي ذلك، في وقت ساد فيه التوتر الشديد بين مسلحي القبائل، من جهة، وميليشيات الحوثي، من جهة ثانية، ورجحت المصادر تطور الخلاف إلى مواجهات مسلحة خلال الساعات المقبلة في المديرية.
وجاء اختطاف القرسوس بعد أقل من أسبوع من اختطاف ميليشيات الحوثي وكيل محافظة البيضاء الموالي لصالح في صنعاء.
ويرى المحلل السياسي، ياسين التميمي، أن الخلاف بين طرفي الانقلاب «مفتوح على احتمالات سيئة خلال المرحلة المقبلة، والعوارض الخطيرة للانسحاب من حلف كهذه في الظروف الراهنة، هو الذي يجبر الطرفين على البقاء في الواجهة في شكل حليفين تقطعت بينهما كل عُرى التحالف، إلى حد يمكن معه القول إن هذا التشظي انتقل إلى جبهات القتال، وهو أخطر مظاهر الانهيار في التحالف التكتيكي الذي فرضته ظروف الانقلاب الذي تأسس منذ البداية على أهداف وغايات متناقضة». وقال التميمي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخلوع صالح يشعر اليوم بأن الخطر يحيط به وبرجاله، لأنه يدرك أن استفراد الميليشيا بأنصاره يؤثر على مكانته ونفوذه، ويساهم في هدم الثقة التي يتمتع بها المخلوع؛ باعتباره زعيما لا يزال يتحكم بمفاصل القوة والسلطة».
ويتفق الناشط والمحلل السياسي، ميزار الجنيد، مع التميمي حول أن «الخلافات بين حليفي الانقلاب مفتوحة على احتمالات عدة»، غير أنه يؤكد أن «هذا تحالف حرب وليس تحالفا استراتيجيا أنتجته لحظة معينة لم تكن في حسابات الجميع عندما اقتحم الحوثي صنعاء وجرد مؤسسات الدولة من كل إمكاناتها لم يستثنِ، أيضا، القوات العسكرية التي كانت تدين بالولاء لعلي صالح وعائلته، وبعد أن تمكن الحوثي من كل هذا لم يذهب في اتجاه التخلص من علي صالح». وقال الجنيد إن «مساهمات صالح تلك كانت تهدف إلى توسيع رقعة الحرب لإشباع رغبة صالح السيادية، وتحقيق رغبته التي أعلن عنها منذ بدء مطالب شباب الثورة بإسقاطه، عندما وضع اليمنيين أمام خيارين «يا أنا يا الصوملة»، وبعد وصول الحوثي إلى صنعاء وتمكنه من السيطرة على كل ممكنات الدولة المادية والعسكرية، تمكن علي صالح من خلال دوره في السلطة، ولعبة المتناقضات التي أدار بها البلد خلال فترة حكمه ونتيجة لتشابك المصالح المناطقية ولمذهبية خلق هذا التحالف. وتابع: «بعد فترات من الحرب ينظر الحوثي إلى مشاركة صالح في هذه المعركة بأنها فقط استثمار لخبرته ومهاراته وليس لما يقدمه في المعركة، لأن من يقودون المعارك ومن يخوضون صراع الحلف هم قوة الحوثيين».
إلى ذلك، قال رئيس شعبة الهندسة العسكرية في المنطقة العسكرية الثالثة العقيد صالح طريق إن الميليشيا الانقلابية زرعت نحو 16 ألف لغم أرضي حول مأرب (شرق صنعاء) قبل انسحابها.
وأضاف طريق «إن الميليشيا تقوم بنثر وزرع الألغام والمتفجرات في المناطق التي يخسرونها بشكل واسع ويعتبرونها استراتيجية انتقامية لقتل النازحين والمهجرين العائدين إلى منازلهم»، وذلك في تقرير نشرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ).
وأشار إلى أن الفريق الهندسي تمكن من نزع 4500 لغم من منطقة المخدرة التي تم تحريرها قبل أسابيع وتطهير مساحة لا تتجاوز 5 كيلومترات من المنطقة التي تتجاوز مساحتها 25 كيلومترا.
وناشد العقيد طريق الحكومة ومنظمات المجتمع المدني تقديم الدعم للفرق الهندسية في المنطقة لنزع الألغام والمتفجرات التي تفوق عملية نزعها قدرات وإمكانات الفرقة الهندسية، كون بعض الألغام والمتفجرات دفنت بفعل سيول الأمطار، وهو ما يهدد حياة المواطنين الذين بدأوا بالعودة إلى منازلهم.
شنت مقاتلات التحالف غاراتها المكثفة خلال الـ48 ساعة الماضية على مواقع وتجمعات وأهداف عسكرية تابعة لميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، في مختلف المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.
وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» في العاصمة صنعاء، بأن مقاتلات التحالف استهدفت، أمس السبت، بسلسلة من الغارات الجوية مخازن أسلحة وذخائر للانقلابيين في قاعدة الديلمي الجوية بصنعاء ومواقع أخرى، وسمعت أصوات الانفجارات التي كانت شديدة من الموقع المستهدف مع تصاعد أعمدة الدخان.
وقصفت مقاتلات التحالف آليات ومواقع وتجمعات للميليشيات الانقلابية في مناطق متفرقة في محافظة الجوف، منذ مساء الجمعة الماضي، بما فيها غارات على تجمعات بجبل الربطة، والأخرى على معسكر حام الأعلى بسلسلة جبال جبهة حام، مع استمرار تحليق المقاتلات المكثف، وغارات أخرى استهدفت تجمعات للانقلابيين في منطقة المدفون في نهم، شرق صنعاء، وتعزيزات وآليات عسكرية في مزارع الجر ومنطقة الكرس وميدي بمحافظة حجة المحاذية للسعودية.
ورافق الإسناد الجوي للجيش الوطني، تجدد المواجهات بين الجيش الوطني والميليشيات الانقلابية في مديرية صرواح، غرب مأرب. وبحسب مصادر ميدانية فقد تجدد المواجهات منذ مساء الجمعة، وحتى السبت، في جبهات الربيعية وتباب البراء مع تبادل للقصف المدفعي بين الطرفين، في ظل تقدم قوات الجيش الوطني من المديرية والاقتراب من تطهيرها بعد السيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية في المحافظة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.