وفاة موقوفين سوريين تتفاعل ولجنة التحقيق تجمع المعلومات

الجيش اللبناني يؤكد المضي في «محاربة الإرهاب»

TT

وفاة موقوفين سوريين تتفاعل ولجنة التحقيق تجمع المعلومات

تفاعلت قضية وفاة 4 موقوفين سوريين، ممن اعتقلهم الجيش اللبناني خلال تنفيذ عملية أمنية داخل مخيمات النازحين السوريين في بلدة عرسال، قضائياً وأمنياً، وحظيت باهتمام ومتابعة المنظمات الحقوقية والإنسانية، وحتى السفراء الدوليين المعتمدين في لبنان، في وقت تعمل فيه لجنة التحقيق التي كلّفتها قيادة الجيش عملها بإشراف المراجع القضائية المختصة، لجمع المعلومات وكشف حقيقة ما حصل.
وفي انتظار صدور تقارير اللجنة الطبية المولجة بتبيان الأسباب الحقيقية للوفاة، أكد مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك وفوداً أجنبية تزور قيادة الجيش، وتنقل تمنياتها بمراعاة الجانب الإنساني العائد للنازحين، وتطالب بفتح تحقيق موضوعي وشفاف، لكشف حقيقة ما حصل خلال المداهمات الأخيرة في مخيمات عرسال»، موضحاً في الوقت نفسه، أن الوفود «ثمنت دور الجيش اللبناني وتضحياته على صعيد محاربة الإرهاب، والعمليات الاستباقية، التي تحمي لبنان من هجمات إرهابية خطيرة للغاية».
وقال المصدر إن «قيادة الجيش أبلغت كل الوفود الأجنبية المهتمة، بمن فيهم سفراء دوليون، بأن الجيش ماضٍ في عملياته لمكافحة الإرهاب والمخلين بالأمن، رغم كل السهام التي توجّه إليه»، مشدداً على أن الجيش «يقوم بتحقيق داخلي، بإشراف المراجع القضائية المختصة، لإظهار الحقيقة وتقديم نتائج التحقيق للرأي العام بكل وضوح وشفافية»، مشيراً إلى أن «لجنة التحقيق لديها الحرية المطلقة بالتحقيق وجمع المعلومات الدقيقة، منذ اللحظات الأولى لدخول الجيش إلى عرسال، وبدء معركته مع الانتحاريين، إلى حين وفاة الموقوفين الأربعة، الذين ماتوا قبل بدء التحقيق معهم».
وأعلنت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني، أنه «بناء على إشارة القضاء المختص، أحالت مديرية المخابرات لغاية تاريخه (أمس)، 13 موقوفاً سورياً من الذين أوقفوا خلال مداهمة المخيمات في عرسال، إلى القضاء المختص لتورطهم في الأعمال الإرهابية». وأفادت بأن «135 موقوفاً سورياً، أحيلوا إلى المديرية العامة للأمن العام لتجولهم على الأراضي اللبنانية بصورة غير قانونية، فيما أخلي سبيل 21 آخرين لعدم ثبوت ما يدينهم».
وقال رئيس الأركان في الجيش اللبناني اللواء الركن حاتم ملاك: «خلال تنفيذ المداهمات الروتينية والدورية للمخيمات التي جاءت أيضاً بناء على إشارة أمنية، بوجود حالات شاذة وتحركات مشبوهة داخلها، اصطدمت بخيم داخلها تحصينات من الباطون فخرج الانتحاريون وكانوا في حالة قتالية جاهزة، مما أدّى إلى إصابة 17 عنصراً من الجيش أثناء العملية الأمنية».
وأشار رئيس الأركان إلى أن «الجثث الأربع تمّ الكشف عليها من قبل مشافٍ مدنية وليست عسكرية، بعلم النيابة العامة والأطباء الشرعيين، وما زالت الجثث في وضعية الحجز على ذمّة التحقيق، ولن يتم الإفراج عنهم قبل انتهاء التحقيق من قبل النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود». وأكد اللواء ملاك أنه «لم يتم قتل أحد تحت التعذيب خلال الاستجوابات، وما يُشاع في الإعلام غير دقيق، وطالب الإعلام العربي بالتحقق من الحقائق قبل بثّها وعدم فبركة التضليل، من أجل تحقيق مكاسب سياسية لا علاقة للجيش اللبناني بها».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.