الاتحاد الأوروبي ينتقد «نقص شفافية» انتخابات البرلمان الجزائري

قال إن وزير الداخلية تدخل بشكل مفضوح في كل المسار الانتخابي

TT

الاتحاد الأوروبي ينتقد «نقص شفافية» انتخابات البرلمان الجزائري

انتقد خبراء من الاتحاد الأوروبي متخصصون في مراقبة العمليات الانتخابية «نقص الشفافية» في مجريات الاقتراع التشريعي، الذي جرى في الجزائر في الرابع من مايو (أيار) الماضي، والذي تقول أحزاب المعارضة في الداخل إنه مزور لمصلحة حزبي السلطة اللذين فازا بأغلبية مقاعد البرلمان.
وأصدر التقرير، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، وفد ملاحظي الاتحاد الأوروبي الذين تابعوا العملية الانتخابية، بناء على موافقة السلطات الجزائرية. ومما جاء فيه أن «اختلالات وانعدام منطق ميزا مسار الانتخابات في الجزائر»، ولاحظ أصحاب التقرير أن بعض المبادئ الأساسية، التي تضمنها التعديل الدستوري الذي جرى مطلع 2016. لم تنعكس ميدانيا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وخاصة في مجال الحريات العامة وحرية التعبير، موضحا أن «هذه المبادئ ضرورية لبناء دولة القانون».
وعبرت البعثة الأوروبية في وثيقتها عن «أسفها» لرفض وزارة الداخلية الجزائرية نسخا من لائحة الناخبين الجزائريين، التي تتضمن بيانات شخصية عنهم. وذكر التقرير أن «النفاذ إلى لائحة الناخبين قضية في غاية التعقيد، ومن يطلع عليها عدد قليل من الأشخاص، مما يحرم أطرافا أساسية في العملية الانتخابية من مراقبتها، والتأكد من صحة المعلومات الواردة فيها».
وبرر وزير الداخلية نور الدين بدوي رفض تسليم نسخ من اللائحة الانتخابية لمراقبي الانتخابات الأجانب بكونها تتضمن معلومات شخصية عن مواطني البلد، وبأن الأمر يتعلق بـ«سيادة دولة». لكن المعارضة تقول إن الحكومة «تتلاعب باللائحة الانتخابية من أجل توجيه نتائج الانتخابات إلى الهدف الذي تريد الوصول إليه»، في إشارة إلى ترجيح كفة الأحزاب الموالية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وفي مقدمتها «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي».
وجاء في تصريحات قادة أحزاب معارضة أن اللائحة الانتخابية تتضمن أسماء ناخبين متوفين، تم استعمالها لحشو صناديق الاقتراع بالأصوات.
يشار إلى أن بعثات الاتحاد الأوروبي إلى الانتخابات في الجزائر سبق لها أن اشتكت في انتخابات 2012 و2007 من رفض السلطات تمكينها من اللائحة الانتخابية.
كما تضمن التقرير ملاحظات قاسية بحق «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات»، فهي «لا تؤدي أي دور في تنظيم وتسيير الانتخابات وصلاحياتها في مراقبتها محدودة جدا، لأن أعضاءها تختارهم الحكومة». وتتكون «الهيئة» من 400 عضو، نصفهم قضاة يقترحهم وزير العدل ويعينهم رئيس الجمهورية، والنصف الآخر نشطاء بالمجتمع المدني، يقترحهم وزير الداخلية على الرئاسة. وغالبية هؤلاء يحصلون على الاعتمادات المالية لتنظيماتهم من الداخلية، وبذلك فهم شبه تابعين للحكومة، وهو ما ينفي صفة «الاستقلال» عن «هيئة الانتخابات» التي يرأسها الوزير الأسبق عبد الوهاب دربال.
ويرى أعضاء البعثة الأوروبية أن عدم تواجد ممثلي الأحزاب والمترشحين كأعضاء في «الهيئة» من شأنه «أن ينقص من مصداقيتها، بحكم أن الطرف الأساسي في الانتخابات غائب عن الآلية المكلفة بمراقبة مصير الأصوات».
وتم استحداث «الهيئة» بموجب التعديل الدستوري، وقد عوضت «اللجنة السياسية الوطنية لمراقبة الانتخابات»، التي كانت تتكون من مندوبي المترشحين والأحزاب، وكانت تتمتع بهامش نسبي من الحرية في مجال المراقبة، لكن وزارة الداخلية كانت المشرف حصريا على كل مسار الانتخابات.
وشملت الملاحظات السلبية عمل الآليات الحكومية المكلفة إحصاء الأصوات وفرزها ومعالجة الطعون، وهي وزارتا الداخلية والعدل و«المجلس الدستوري». وأفاد التقرير بأنه «لا يوجد أي فصل بين هذه الهيئات»، مشيرا إلى «وجود تداخل في الصلاحيات من حيث تنظيم العملية الانتخابية، وتلقي الشكاوى الخاصة بالتزوير». كما لاحظ المراقبون الأوروبيون أن وزير الداخلية «يتدخل بشكل مفضوح في كل المسار الانتخابي، من بدايته حتى إعلان النتائج مرورا بمراقبة عمل اللجان الانتخابية الحكومية بالبلديات والولايات».
وجاء في توصيات تضمنها التقرير أن النتائج الجزئية للانتخابات «ينبغي أن تتم على مستوى البلديات بدل أن تكون مركزية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».