معركة الموصل في ساعاتها وأمتارها الأخيرة

«داعش» يدشن مرحلة حرب العصابات جنوب المدينة

عائلة تفر من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
عائلة تفر من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
TT

معركة الموصل في ساعاتها وأمتارها الأخيرة

عائلة تفر من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)
عائلة تفر من معارك الموصل القديمة أمس (أ.ف.ب)

واصلت القوات العراقية المسنودة بمروحيات قتالية، أمس، معارك تحرير قرية الإمام غربي، التابعة لناحية القيارة جنوب الموصل، ضد نحو 200 من مسلحي التنظيم الذين نجحوا في التسلل إلى القرية، والسيطرة عليها قبل 3 أيام، بينما اقتربت القوات الأمنية أمس من استعادة الأمتار الأخيرة من مدينة الموصل القديمة، بعد أن أعلنت قيادة الشرطة الاتحادية استكمال مهامها في المدينة القديمة، والوصول إلى ضفة نهر دجلة.
وقال مدير ناحية القيارة، صالح الجبوري، لـ«الشرق الأوسط»: «استعادت القوات الأمنية حتى الآن السيطرة على نصف مساحة القرية من الجهة الجنوبية، أي من جهة قرية جحلة»، مبيناً أن الساعات المقبلة ستشهد تحرير القرية بالكامل من مسلحي التنظيم، بعد أن هرب سكان القرية منها إلى القرى والمناطق المجاورة، موضحاً أن «القطعات العسكرية تحاصر القرية من كل الاتجاهات، وتتقدم بحذر حفاظاً على ممتلكات المواطنين، فهي تسعى إلى القضاء على مسلحي (داعش) بأقل نسبة من الخسائر».
وأشار مدير ناحية القيارة إلى ضرورة وجود قطعات من الجيش والشرطة على ضفاف نهر دجلة، ممتدة من قرية جحلة إلى قرية الإمام غربي والإمام شرقي، وتمتد على طول النهر إلى قرية الجرناف غرب الشبالي، لفرض السيطرة على ضفاف النهر، وضمان عدم عبور المسلحين إلى هذه المناطق مستقبلاً، لحين تحرير الجانب الأيسر من قضاء الشرقاط من «داعش»، مؤكداً أنه «ليست هناك أي مخاوف على الأمن والاستقرار في ناحية القيارة مستقبلاً، لأن سكان الناحية وأطرافاً متعاونين مع القوات الأمنية، لذا لن تجرؤ خلايا (داعش) النائمة على التحرك في هذه الناحية، لأن الأهالي سيقضون عليها».
وخاض الجيش العراقي وقوات حرس نينوى، أمس، معارك شرسة شاركت فيها مروحيات قتالية ضد مسلحي «داعش» داخل قرية الإمام غربي، وقال الرائد أمين شيخاني، مساعد آمر الفوج الأول من الفرقة 15 من الجيش العراقي الذي تُقدم قطعاته الإسناد المدفعي للقوات التي تخوض معارك داخل القرية، لـ«الشرق الأوسط»: «تشهد قرية الإمام غربي حالياً معركة شوارع بين الجيش العراقي ومسلحي (داعش)، أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 25 مسلحاً. وبحسب المعلومات، فعدد مسلحي التنظيم الذين تسللوا إلى القرية كان نحو 200 مسلح، يتألفون من مسلحين أجانب وعرب وآخرين من سكان المنطقة».
وتشتد المعارك في قرية الإمام غربي، التي تعد إحدى أكبر قرى جنوب الموصل، حيث تتكون من نحو ألفي منزل، وأسفرت معارك القرية أمس عن مقتل اثنين من الصحافيين العراقيين اللذين كانا يغطيان المعركة لقناة محلية برفقة قوات شرطة محافظة صلاح الدين، بينما ما يزال 3 صحافيين آخرين محاصرين من قبل مسلحي التنظيم في القرية.
وبهجماته في جنوب الموصل، يكون «داعش» قد أطلق مرحلة حرب العصابات، بعد انهياره في الموصل، حيث تقترب القوات الأمنية من إعلان النصر النهائي على مسلحي التنظيم. وفي هذا السياق، أعلن أمس قائد الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، في بيان، أن قطعاته أنجزت مهمتها في الموصل القديمة، وتواصل ملاحقة الخلايا النائمة وفلول «داعش» المختبئة، وإزالة مخلفات التنظيم من منطقة النجفي.
في غضون ذلك، كشف زهير الجبوري، المتحدث الرسمي لقوات حرس نينوى التي يقودها محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي، أن آمر فوج المغاوير من الفرقة الأولى من قوات حرس نينوى، الذي يشارك مع الفرقة السادسة عشرة من الجيش العراقي في عملية تحرير قرية الإمام غربي، أصيب خلال المعارك أمس برصاصة قناص في رأسه، لكنه لم يفارق الحياة، مبيناً أن التنظيم فجر عجلتين مفخختين داخل القرية في أثناء المعارك مع القوات العراقية.
وسلط الجبوري الضوء على آخر تطورات معركة المدينة القديمة، وقال: «إعلان النصر النهائي على (داعش) في الموصل القديمة أصبح قاب قوسين أو أدنى، فخلال 24 ساعة أو أقل سيعلن عن تحرير مدينة الموصل بالكامل».
وأضاف الجبوري: «قيادة عمليات (قادمون يا نينوى) أشركت قوات حرس نينوى في عملية اقتحام المدينة القديمة، وأنيط بفوج من قواتنا واجب الدخول إلى الموصل القديمة من منطقة الفاروق باتجاه منطقتي الخاتونية والمشاهدة، وقد حررت قواتنا أول من أمس هذه المناطق بشكل كامل».
وتشرف قوات حرس نينوى، التي تلقت تدريباتها على يد مدربين أتراك، على قطاع كبير من الجانب الأيمن من مدينة الموصل، إلى جانب مسك الأرض في مساحة واسعة من الجانب الأيسر للموصل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».