احتجاجات أمام البرلمان التونسي للمطالبة بحماية رجال الأمن

TT

احتجاجات أمام البرلمان التونسي للمطالبة بحماية رجال الأمن

احتج مئات من رجال الأمن أمام البرلمان التونسي للمطالبة بمنح الأولوية المطلقة لقانون زجر الاعتداءات على الأمنيين والقوات الحاملة للسلاح ومقراتهم، وتطبيق قانون التعويض عن الأضرار الناجمة لقوات الأمن الداخلي عن حوادث الشغل والأمراض المهنية.
وندد المحتجون أمس بعدم الإسراع في مناقشة مشروع قانون زجر الاعتداءات في قبة البرلمان، وبهذا الخصوص قال عبد القادر المثلوثي، المكلف بالإعلام في نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل، إن النقابة أعدت مشروع قانون زجر الاعتداءات على رجال الأمن منذ سنة 2012 وأحالته إلى وزارة الإشراف، التي أحالته بدورها إلى رئاسة الحكومة. غير أنه لم ير النور إلى الآن، ولم تتم مناقشته في البرلمان رغم أهميته في توفير الأمن ومنح الغطاء القانوني لرجال الأمن أثناء ممارسة مهامهم الجسيمة، على حد تعبيره.
من ناحيته، عبر هشام الغربي رئيس نقابة الأمن الرئاسي، عن تخوفه من تواصل الاعتداءات على قوات الأمن واستهداف عائلاتهم، في إشارة إلى حادثة تصفية ابن رجل أمن في العاصمة التونسية خلال الأيام الماضية. ونفى أن يكون هذا القانون موجها ضد أي طرف سياسي أو اجتماعي، معتبرا أن الغاية الأساسية من ورائه حماية رجال الأمن.
وفي المقابل تخشى عدة منظمات حقوقية محلية ودولية من إطلاق أيادي رجال الأمن ضد المدنيين خلال الاحتجاجات الاجتماعية في ظل حالة الطوارئ المطبقة في البلاد.
لكن رشاد بالطيب، المدير العام للأمن العمومي بوزارة الداخلية، عبر عن دعم الوزارة لمطلب قوات الأمن بضرورة وجوب قانون يحميهم من الاعتداءات أثناء أداء واجبهم المهني.
وكشفت أرقام رسمية قدمتها النقابات الأمنية عن أن رجال الأمن تعرضوا لنحو 6500 اعتداء منذ سنة 2011، مما خلف مقتل ستة منهم ما بين 2013 و2014، وحرق ضابط أمن في سيارة أمنية قبل أيام في سيدي بوزيد.
وينص الفصل 16 من مشروع قانون زجر الاعتداءات على قوات الأمن على عقوبة السجن لمدة ستة أعوام، وغرامة قدرها ثلاثون ألف دينار تونسي (نحو 12 ألف دولار) لكلّ من اعتدى على محل سكنى أحد أفراد القوات المسلحة أو على محتوياته، أو على وسيلة تنقله، سواء بإفسادها أو إتلافها، بقصد التأثير على سلوكه في ممارسته لوظيفته أو مهمّته أو للتشفّي منه بسبب أدائه لمهمته. وترفع العقوبة بالسجن إلى 20 عاما والغرامة إلى مائة ألف دينار تونسي، إذا نتج عن الاعتداء بتر عضو أو عجز مستمرّ لأحد أفراد القوات المسلحة أو لقرينه، أو أحد أصوله أو فروعه، أو أحد ممن هم في كفالته قانونا. وتكون العقوبة بالسجن بقية الحياة إذا نتج عن الاعتداء الموت.
على صعيد غير متصل، أكدت سعيدة قراش المستشارة برئاسة الجمهورية أمام أعضاء لجنة التشريع العام بالبرلمان عن سحب الجزء المتعلق بجرائم الصرف من مشروع قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع رموز النظام السابق. وكشفت عن وجود اتفاق بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة حول تضمين مشروع قانون يتعلق بتسوية الوضعيات الناجمة عن المخالفات السابقة داخل البلاد، أو خارجها ضمن مجموعة من الإجراءات المتعلقة بإصلاح منظومة تمويل الاقتصاد، مؤكدة سحب الجانب المتعلق بجرائم الصرف، وقالت إنه سيكون محل مبادرة تقدمها الحكومة إلى البرلمان.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية عن إحباط مخطط لاغتيال فوزي كمون مدير مكتب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وقالت إنه كان مستهدفا من قبل عناصر إرهابية، رغم توفير الدولة حماية أمنية لصيقة له منذ يوم 21 يونيو (حزيران) الماضي.
وكانت حركة النهضة قد ألغت مؤتمرا صحافيا أمس كان معدا للإعلان عن فتح باب الترشح للانتخابات البلدية، إثر الإعلان عن هذا المخطط الإرهابي.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.