اتهامات بـ«رعاية إيرانية» لمؤتمر بغداد للسنّة

TT

اتهامات بـ«رعاية إيرانية» لمؤتمر بغداد للسنّة

أعرب قادة وشيوخ عشائر عربية سنيّة عراقية، أمس، عن رفضهم مؤتمر «ممثلو السنّة في العراق» المقرر تنظيمه منتصف الشهر في بغداد، وعدّوا أن «المؤتمر يُعقد برعاية إيرانية - قطرية لتنفيذ المشروع الإيراني في العراق والمنطقة». وهي اتهامات ينفيها منظمو المؤتمر.
وقال القيادي السُني المستقل ناجح الميزان لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المؤتمر لا يضر ولا ينفع، فهو قد يكون مناسباًَ للسنّة المشاركين في السلطة في العراق، من أعضاء مجلس النواب والوزراء والمحافظين... أما من يحضر من المعارضين في بغداد فيكون تخلى عن المعارضة وذهب إلى الحكومة بلا أي مطلب».
ورأى أن «المؤتمر كان من المفترض أن يكون دولياً؛ مخرجاته ملزمة لجميع الأطراف، كي يكون هناك توازن... لكن أن يكون المشارك معارضاً ومتهماً بتهم سياسية ويذهب إلى بغداد؛ قطعاً حينها سيكتفي بإعفائه من هذه التهم فقط». وأضاف أن «القائمين على المؤتمر ضمن المشروع الإيراني... وإذا كانت هناك مخرجات للمؤتمر؛ فإنها ستكون لصالح إيران وأتباعها ولصالح ميليشيات (الحشد الشعبي)».
وعدّ المتحدث باسم العشائر العربية في محافظة نينوى الشيخ مزاحم الحويت أن الهدف من المؤتمر «تفريق العرب السنّة». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا المؤتمر هو لإثارة الخلافات بين السنة، ومن ثم إشعال فتيل الحرب الأهلية بينهم، ليتقاتلوا ويضعفوا أمام المد الإيراني الذين يحتل العراق». وأوضح أن «غالبية المشاركين في المؤتمر من الشخصيات السياسية المتحالفة مع المالكي التي تسببت في سقوط الموصل بيد (داعش)». ورأى أنه «بدلاً من عقد هذا المؤتمر في هذا التوقيت، كان الأجدر بهم أن ينفقوا الأموال التي ستصرف على المؤتمر في مساعدة العرب السنة الذين تسكن غالبيتهم المخيمات وشردوا بسبب الحرب ودمر (داعش) مدنهم».
ورغم وجود أسمائهم ضمن قائمة المطلوبين قضائياً، فإن الحكومة العراقية وجهت دعوة إلى قادة العرب السنة للحضور إلى بغداد والمشاركة في المؤتمر، وأسقطت عنهم التهم. وأوضح الأمين العام لـ«تجمع القوى العراقية للإنقاذ ورفض التوسع الإيراني» عبد الرزاق الشمري أنه اعتذر عن عدم المشاركة في المؤتمر «لأسباب عدة؛ منها أن هذا المؤتمر يدعو إلى المشاركة في العملية السياسية أو المصالحة من دون تحقيق أي مطلب من مطالبنا أو استعادة أي حق من حقوقنا المغتصبة».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر يدعو إلى تشكيل واجهة لأهل السنة من الوجوه نفسها التي كانت السبب في كل ما حصل لمحافظاتنا منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا... إضافة إلى أن هذا المؤتمر يُعقد بمباركة إيرانية، ولدينا من المعلومات ما يُثبت أن النظام الإيراني دعا بغداد إلى إيقاف مذكرات الاعتقال التي صدرت في وقت سابق ضد السياسيين السنّة وتجميدها من أجل مشاركتهم. وهذا دليل واضح على أن لطهران الكلمة الفصل في هذا المؤتمر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.