استأنف الوسيط بين ملف عودة لاجئين سوريين في عرسال إلى القلمون السوري، مفاوضاته بين اللاجئين من جهة، والنظام السوري و«حزب الله» اللبناني من جهة أخرى، وسط معلومات على رفع عدد اللاجئين الذين ينوون المغادرة إلى الأراضي السورية إلى ألف شخص، في وقت يرفض المقاتلون في جرود عرسال «أي تسوية تفضي إلى إبعادهم إلى الشمال السوري».
وجددت الأحداث الأخيرة في عرسال المطالب بتفعيل خطط إعادة اللاجئين إلى سوريا، وصولاً إلى المطالبة على لسان نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، بتنسيق بين الحكومة اللبنانية والنظام السوري لإعادة اللاجئين.
وقال مصدر مواكب للمفاوضات لـ«الشرق الأوسط»، إنه كان من المفترض أن يغادر 500 نازح إلى الأراضي السورية في فرصة عيد الفطر الماضي، قبل أن يتعرض الوسيط المعروف باسم أبو طه لإطلاق نار من قبل عناصر تابعة لـ«جبهة النصرة» الأسبوع الماضي «ما دفع الأمور للتعثر»، مشيراً إلى أن أبو طه «استأنف المفاوضات، أول من أمس (السبت)، سعياً لإعادة ألف شخص». وقال المصدر: «إذا فشل مسعاه خلال أسبوع، فإن الخطة الأولى لإعادة 500 شخص ستوضع على سكة التنفيذ، وتتم بالتنسيق مع النظام السوري».
وقال المصدر اللبناني: إن المفاوضات «تعمل على شقين، الأول مرتبط بإعادة المدنيين، والآخر مرتبط بإعادة العسكريين الذين يوافق النظام السوري على عودتهم في إطار (المصالحة)... أما المقاتلون الذين يرفض النظام عودتهم، فإن الخطة تقضي بترحيلهم إلى الشمال السوري»، أي إلى إدلب أو منطقة «درع الفرات» في ريف حلب الشمالي، أسوة بالمقاتلين الذين انسحبوا من ريف دمشق إلى الشمال.
غير أن الخطة، تعترضها موانع المسلحين السوريين في المنطقة الذين يرفضون خروج النازحين من المنطقة. وقال المصدر: «يعتبر المسلحون أن خروج النازحين المدنيين من المخيمات الواقعة في خراج بلدة عرسال لجهة الجرود، سيضعهم أمام تحديات عسكرية، حيث سيتعرضون لعملية يسعى (حزب الله) لتنفيذها في الجرود لحسم الملف الأمني في المنطقة الحدودية مع سوريا»، لافتاً إلى أن الحزب «يعتبر أن تلك المخيمات تشكل قلقاً وتضم مسلحين يترددون إلى عائلاتهم الموجودة في المخيمات».
وأكد مصدر سوري في عرسال لـ«الشرق الأوسط»، أن المسلحين يرفضون التسوية، مشيراً إلى أنهم «يرفضون أيضاً المقترحات المرتبطة بترحيل المقاتلين إلى الشمال السوري». ولفت إلى أن هؤلاء «يريدون البقاء في الجرود، أملاً في أن تتغير الظروف الميدانية ويعودون إلى قرى وبلدات القلمون السوري التي نزحوا منها»، مضيفاً أن هؤلاء «يرفضون أيضاً أي تسوية مع النظام السوري يعودون بموجبها إلى القلمون تحت رعاية النظام». وأشار إلى أن بعضهم «سيضطر للقبول بتسوية تقضي بنقلهم، في حال تعرضوا لعملية عسكرية تقلص وجودهم أو تحاصرهم في مناطق نفوذ ضيقة».
وينقسم المسلحون في جرود عرسال الحدودية مع سوريا إلى مسلحي تنظيم داعش الذين لا تضمهم أي تسوية، وهؤلاء يرصد الجيش اللبناني تحركاتهم ويقصف مواقعهم باستمرار في الجرود الممتدة من تلال عرسال وحتى جرود القاع ورأس بعلبك، ويعمل على تقويض نفوذهم في المنطقة من خلال استهداف تحركاتهم وتوقيف العناصر في عرسال وأطرافها بعمليات استباقية. ويقدر كثيرهم بنحو 700 مقاتل.
أما القسم الثاني فهم عناصر تنظيم «جبهة النصرة» الذين يتركز وجودهم في المنطقة المقابلة لبلدة عرسال، ويقدر عددهم بنحو 1000 مقاتل. وتعمل المفاوضات على إخراجهم من المنطقة إلى الشمال السوري. أما القسم الثالث، فهم عناصر تنظيم «سرايا أهل الشام» التابع: «للجيش السوري الحر»، ويقدر عددهم بالمئات.
وقال المصدر السوري: إن الكثير من المقاتلين في القلمون «تخلوا عن أسلحتهم إثر تمدد (داعش) إلى المنطقة، وتركوا القتال وعادوا مدنيين إلى مخيمات اللاجئين».
غير أن بعض المقاتلين التابعين لتنظيم داعش، تسللوا أيضاً إلى المخيمات؛ وهو ما دفع الجيش اللبناني يوم الجمعة الماضي لتنفيذ عمليات دهم في مخيم النور، شرق عرسال في منطقة وادي عطا، حيث فجّر انتحاري نفسه بالدورية؛ ما أدى إلى مقتله وإصابة ثلاثة عسكريين بجروح، في حين قام ثلاثة انتحاريين آخرين بتفجير أنفسهم من دون وقوع أي إصابات. وأوقف الجيش العشرات من المشتبه فيهم.
وأثارت هذه الحادثة المخاوف الأمنية وجددت المطالبة السياسية بتفعيل خطط إعادة اللاجئين إلى سوريا، وصولاً إلى دعوات للتنسيق مع النظام السوري لحل هذا الملف. وأعلن وزير الخارجية جبران باسيل، أن «الإرهاب يتغطى بالنزوح ويستعملونه غطاء ليمارسوا أفعالهم الإرهابية؛ لذلك علينا مواجهة النزوح بجرأة وقرار حازم من الدولة اللبنانية». وأشار إلى أن تسلل الإرهاب إلى العقول والنفوس أخطر من تسلله إلى مناطق جغرافية.
واعتبر باسيل أن «العودة إلى سوريا يجب أن تتم قبل الحل السياسي. والعودة ممكنة الآن إلى كثير من المناطق الآمنة في سوريا».
في هذا السياق، وجّه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، نداء إلى الحكومة بأن «تضع على جدول أعمالها التنسيق مع الحكومة السورية من أجل تسهيل عودة النازحين طوعا إلى المناطق الآمنة في داخل سوريا»، مضيفاً: «إن لنا أن نمتلك الشجاعة لنبدأ بالحل، فالحل الأمني لا يكفي وحده ويتطلب هذا الحل حلا سياسيا واجتماعيا، وقد تبين بحسب الإحصاءات أن فيها (سوريا) أمنا ساعد على عودة 500 ألف من النازحين».
من ناحية أخرى أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية بأن حريقاً كبيراً شب في مخيم للاجئين السوريين بين بلدتي قب إلياس ومكسة، أسفر عن مقتل شخص واحد.
وأضافت، بحسب تقرير لوكالة الأنباء الألمانية، أن 7 آخرين تضرروا جراء استنشاق الدخان المنبعث من الحريق في مخيم الرائد قرب سهل البقاع. وتم نقل المصابين لتلقي العلاج في مستشفيات محلية غادروها لاحقاً.
وذكرت الوكالة الوطنية أن رجال الإطفاء وقوات الدفاع المدني نجحوا في إطفاء الحريق. ولم تظهر تقارير حول سبب نشوب الحريق بالتحديد.
وفي تقرير مبدئي، كانت صحيفة «النهار» اللبنانية المستقلة أشارت إلى مقتل شخصين جراء الحريق، لكنها خفضت حصيلة القتلى إلى شخص واحد لاحقاً، مشيرة إلى أنه طفل في الثامنة من عمره.
وبحسب التقرير، دمر الحريق تقريباً جميع الخيام بالمخيم، وكانت تؤوي هذه الخيام 560 لاجئاً.
وبحسب تقديرات للأمم المتحدة، تستضيف لبنان أكثر من 2.1 مليون لاجئ سوري يقيمون بعدد من المخيمات في شرق البلاد.
استئناف المفاوضات لإعادة لاجئين من عرسال إلى القلمون السوري
قتيل وجرحى في حريق في مخيم نازحين سوريين في لبنان
استئناف المفاوضات لإعادة لاجئين من عرسال إلى القلمون السوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة