إطلاق سراح إيهود أولمرت

الإعلام استغرب سرعة محاكمته وإدانته والتباطؤ في اتهام نتنياهو بالفساد

أولمرت لحظة مغادرته سجن معسياهو أمس (أ.ف.ب)
أولمرت لحظة مغادرته سجن معسياهو أمس (أ.ف.ب)
TT

إطلاق سراح إيهود أولمرت

أولمرت لحظة مغادرته سجن معسياهو أمس (أ.ف.ب)
أولمرت لحظة مغادرته سجن معسياهو أمس (أ.ف.ب)

أطلقت مصلحة السجون الإسرائيلية، في وقت مبكر من صباح أمس، سراح رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، من سجن «معسياهو»، في مدينة الرملة، بعد أن أمضى 16 شهراً ونصف الشهر فيه، هي ثلثا الحكم الذي صدر بحقه في قضايا فساد، ووصل إلى 27 شهراً.
وكان خروج أولمرت من السجن، مناسبة لإعادة إثارة الشبهات حول «طهارة» هذه القضية، فالاعتقاد السائد، هو أن أولمرت تعرض لمؤامرة من قوة ظلامية قررت التخلص منه بأي ثمن، لأنه عرض على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مشروعاً يقضي بإقامة دولة فلسطينية على مساحة أراضي 1967 مع تبادل أراضٍ، ووافق على أن تكون عاصمتها القدس.
وكان أولمرت نفسه، قد ألمح إلى ذلك، خلال حديث مع «الشرق الأوسط» في بداية محاكمته سنة 2009، إذ قال، إن هناك علاقة وطيدة بين الاتهامات ضده وسياسته في موضوع السلام. وقالت مصادر سياسية يومها، إن «قضايا الفساد التي وجهت لأولمرت، هي قضايا تقليدية معروفة ومنتشرة جداً بين السياسيين الإسرائيليين، لكن التركيز على أولمرت كان هدفه سياسياً وليس محاربة الفساد».
وقد أجمعت وسائل الإعلام الإسرائيلية طيلة الشهور الماضية، على أن أولمرت يتعرض لملاحقات غير موضوعية. وأشارت بإصبع الاتهام إلى المستشار القضائي للحكومة أبيحاي مندلبليط، ورئيس النيابة شاي نيتسان، وكلاهما مقرب من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. وتربط وسائل الإعلام بين إسراع الشرطة والنيابة على محاكمة أولمرت وإدانته وإصرارهما على ذلك، وبين مماطلتهما بشكل كبير، في تقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو نفسه، الذي فتحت ضده 3 ملفات فساد ويحتمل فتح ملف رابع.
يذكر أن أولمرت كان من قادة حزب الليكود البارزين لنحو 30 سنة، وشغل منصب رئيس بلدية القدس، ووزير مرات عدة، لكنه انسحب من الحزب سوية مع أرئيل شارون في سنة 2004، وأحدث انعطافاً في مواقفه السياسية. ومع أنه قاد عمليات حربية عدة في عهده، مثل حرب لبنان الثانية سنة 2006، وتدمير المفاعل النووي في دير الزور في سوريا، واغتيال عماد مغنية وغيرها، فإن اليمين المتطرف اعتبره خائناً للطريق، بمجرد استعداده للانسحاب من الضفة الغربية وقطاع غزة والموافقة على إقامة دولة فلسطينية. وتجدر الإشارة إلى أن خبراء سياسة الحكم في إسرائيل يعتبرونه أحد أنجح رؤساء الحكومات الإسرائيلية، من حيث الروح القيادية، والقدرة على التنظيم، والجرأة على اتخاذ قرارات حازمة ومصيرية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.