«القدرة الشرائية» البريطانية تنخفض لأدنى معدلاتها في 40 عاماً

المملكة المتحدة تسجل أسوأ معدل نمو فصلي في مجموعة الدول الصناعية

الاستهلاك المنزلي يتعثّر، بعد أن كان المحرّك الرئيسي للنمو البريطاني عام 2016 خصوصا بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
الاستهلاك المنزلي يتعثّر، بعد أن كان المحرّك الرئيسي للنمو البريطاني عام 2016 خصوصا بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

«القدرة الشرائية» البريطانية تنخفض لأدنى معدلاتها في 40 عاماً

الاستهلاك المنزلي يتعثّر، بعد أن كان المحرّك الرئيسي للنمو البريطاني عام 2016 خصوصا بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
الاستهلاك المنزلي يتعثّر، بعد أن كان المحرّك الرئيسي للنمو البريطاني عام 2016 خصوصا بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

بالتزامن مع صدور بيانات رسمية بريطانية تؤكد تباطؤ النمو في المملكة المتحدة إلى مستوى 0.2 في المائة فقط خلال الربع الأول من العام الجاري، أظهر تقرير حكومي أمس أن المستهلكين البريطانيين شهدوا أطول موجة انخفاض في قدرتهم الشرائية منذ سبعينات القرن العشرين (أي منذ أكثر من 40 سنة)، لكنه أشار في ذات الوقت إلى أن هناك مؤشرا على أن الاقتصاد ربما اكتسب بعض الزخم في الآونة الأخيرة.
ومع بلوغ النمو معدل 0.2 في المائة فقط، تصبح المملكة المتحدة الدولة الأسوأ في هذا المجال ضمن مجموعة الدول الصناعية السبع في الربع الأول من العام. وتعطي الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية صورة قاتمة للمستهلكين الذين يواجهون الصدمة المزدوجة الناتجة عن تباطؤ نمو الأجور وارتفاع التضخم، الذي يرجع لأسباب على رأسها انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني منذ التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الدخل القابل للإنفاق، المعدل في ضوء التضخم، انخفض للربع الثالث على التوالي، وعزا ذلك في جزء منه إلى توقيت دفع الضرائب. وتمثل موجة الانخفاض أسوأ موجة من نوعها منذ السبعينات، كما هبط معدل الادخار إلى أدنى مستوى على الإطلاق عند 1.7 في المائة.
ويبدو أن الاستهلاك المنزلي يتعثّر، بعد أن كان المحرّك الرئيسي للنمو البريطاني عام 2016، وخصوصا بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي. ويأتي تضخم الأسعار نتيجة الزيادة في أسعار السلع المستوردة التي تسبب بها تراجع سعر العملة منذ إجراء الاستفتاء.
ويتوقّع خبراء اقتصاديون أن تكون نسبة نمو عام 2017 أقلّ من نسبة النمو في العام الماضي، بسبب ضعف الاستهلاك والأخطار التي ترخي بثقلها على استثمارات الشركات نتيجة المفاوضات غير المؤكدة بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويترقب بنك إنجلترا المركزي مؤشرات على تسارع الاقتصاد بعد بداية ضعيفة هذا العام، في الوقت الذي يسعى فيه لتحديد موعد زيادة أسعار الفائدة للمرة الأولى في عشر سنوات.
وأكد مكتب الإحصاءات الوطنية أن الاقتصاد نما 0.2 في المائة فقط في الفترة بين يناير (كانون الثاني) ومارس مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة، ليسجل بذلك تباطؤا حادا مقارنة مع وتيرة النمو في الربع الأخير من 2016، والتي بلغت نسبتها 0.7 في المائة على أساس ربع سنوي.
ويتوقع بنك إنجلترا المركزي أن تزيد وتيرة النمو إلى 0.4 في المائة في الربع الثاني، رغم النتائج غير الحاسمة للانتخابات العامة التي أجريت هذا الشهر، وقال إنه قد يبدأ في رفع أسعار الفائدة «إذا زادت الصادرات والاستثمار في الأشهر المقبلة».
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن قطاع الخدمات - المهيمن على اقتصاد بريطانيا - نما بوتيرة شهرية بلغت 0.2 في المائة في أبريل (نيسان)، بما يقل قليلا عن مستواه في مارس. لكن نمو القطاع في ثلاثة أشهر حتى أبريل بلغ 0.2 في المائة، ارتفاعا من مستوى 0.1 في المائة فقط في الثلاثة أشهر الأولى من العام.
وقال المكتب إن استثمارات الشركات زادت بنسبة 0.6 في المائة على أساس ربع سنوي في الأشهر الثلاثة الأولى من 2017، دون تغيير عن التقديرات السابقة، وبما يعوض جزئيا انخفاضا في الربع الأخير.
وأضاف المكتب أن عجز ميزان المعاملات الجارية البريطاني زاد إلى 16.9 مليار جنيه إسترليني في الفترة بين يناير ومارس 2017، بما يعادل 3.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك ارتفاعا من مستوى 2.4 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي.
ويرجع السبب الرئيسي وراء ارتفاع العجز إلى ضعف أداء الميزان التجاري لبريطانيا في مطلع 2017، وإن كان العجز جاء أقل قليلا من متوسط التوقعات البالغ 17.3 مليار جنيه في استطلاع أجرته رويترز لآراء عدد من الخبراء الاقتصاديين.
وفي إطار تفاصيل النمو الإجمالي للاقتصاد في أوائل 2017، قال مكتب الإحصاءات الوطنية إن إنفاق المستهلكين نما بوتيرة أبطأ مقارنة مع أواخر 2016، ليرتفع 0.4 في المائة، مقارنة مع مستوى 0.7 في المائة في الربع الرابع الماضي.
وانخفض الدخل الحقيقي القابل للإنفاق بمعدل 1.4 في المائة على أساس ربع سنوي، وهو ثالث هبوط على التوالي، وأكبر تراجع منذ الربع الأول من عام 2013.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.