بطاقات المساعدات الغذائية للسوريين تنعش تجاراً لبنانيين صغاراً

أنفق اللاجئون في لبنان منذ 2013 أكثر من 900 مليون دولار

ملصق يرحب ببطاقات المساعدات الغذائية للاجئين السوريين على واجهة متجر في بيروت (أ.ف.ب)
ملصق يرحب ببطاقات المساعدات الغذائية للاجئين السوريين على واجهة متجر في بيروت (أ.ف.ب)
TT

بطاقات المساعدات الغذائية للسوريين تنعش تجاراً لبنانيين صغاراً

ملصق يرحب ببطاقات المساعدات الغذائية للاجئين السوريين على واجهة متجر في بيروت (أ.ف.ب)
ملصق يرحب ببطاقات المساعدات الغذائية للاجئين السوريين على واجهة متجر في بيروت (أ.ف.ب)

خلال ثلاث سنوات، وظف البقّال علي خيامي ستة عمال إضافيين واشترى شقة في بيروت، وذلك، بحسب قوله، بفضل اللاجئين السوريين وبطاقاتهم التموينية الممولة من الأمم المتحدة.
ويحصل اللاجئون السوريون المسجلون لدى الأمم المتحدة في لبنان على بطاقات إلكترونية يمولها شهريا برنامج الأغذية العالمي بقيمة 27 دولارا لكل فرد، وهي خاصة بشراء المواد الغذائية. وأطلق برنامج الأغذية العالمي في العام 2012 مشروع البطاقات التموينية بالشراكة مع 500 متجر مواد غذائية في لبنان، ويستفيد منه حاليا 700 ألف لاجئ سوري.
وتساعد هذه البطاقات التموينية اللاجئين السوريين المنتشرين في مناطق عدة في لبنان، لكنها مفيدة أيضا لعدد كبير من صغار التجار اللبنانيين.
ويقول علي خيامي (55 عاما)، وهو صاحب سوبر ماركت صغير في جنوب بيروت: «كنت أبيع بقيمة 50 مليون ليرة (33.300 دولار) سنويا، أما الآن فصرت أبيع بـ300 مليون ليرة (بمائتي ألف دولار)».
ويشدد على أن «البرنامج غيّر حياتي. اشتريت بيتا في بيروت، وتمكنت من أن أدفع أقساط أولادي الثلاثة في الجامعة»، مضيفا أن «السوريين لديهم عائلات كبيرة» يحتاجون إلى تأمين قوتها. قبل العام 2012 كان خيامي يربح ألفي دولار شهريا مقابل نحو عشرة آلاف دولار حاليا بفضل البطاقات التموينية الإلكترونية.
وتقول أم محمد، التي تضع على رأسها حجابا أبيض اللون ورسمت على ذقنها وشما تقليديا، بعد دخولها إلى محل خيامي: «أشتري السكر والزيت. أهم شيء الحليب، أشتريه للأطفال». وتعطي بطاقتها التموينية الحمراء اللون التي كتب عليها «المساعدات الإنسانية في لبنان» إلى أحد العاملين في المحل، قبل أن تواصل تسوقها.
وغيّرت البطاقات التموينية من النمط المعتاد للحصول على المساعدات، فاستبدلت القسيمة التي كان اللاجئ يستخدمها مرة واحدة فقط. وانضم البقال عمر الشيخ إلى مشروع البطاقات التموينية للاجئين السوريين قبل أربع سنوات ليرى أرباحه ترتفع من خمسة آلاف دولار شهريا إلى ثمانية آلاف دولار. لكنه فقد في المقابل 20 في المائة من زبائنه اللبنانيين.
ويروي الشيخ (45 عاما) أن زبونا لبنانيا دخل إلى متجره في أحد الأيام لشراء الخبز ولم يجده، فقال له غاضبا: «لم تعد تعمل سوى للسوريين، متجرك مفتوح للسوريين». ويدين الشيخ هذا الكلام، قائلا: «نتعامل مع الزبون السوري مثل اللبناني»، مضيفا: «نريد مساعدتهم، هناك حرب في بلادهم».
ويقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين في مراكز إقامة مؤقتة وخيم استحدثت في أراض زراعية في منطقة البقاع في شرق لبنان.
في مدينة بعلبك البقاعية، يقول علي صادق حمزة إنه يفيد أيضا من البطاقات الإلكترونية. ويضيف «استأجرت ثلاثة مستودعات إضافية لتخزين البضائع (...) كما فتحت متجرا للخضار».
ويشكل السوريون 60 في المائة من زبائن حمزة، إلا أنه لم يفقد زبائنه اللبنانيين أيضا الذي يأتون إليه، بحسب قوله، بسبب «أسعاره الجيدة».
ويرسل برنامج الأغذية العالمي شهريا لوائح بأسعار المواد الغذائية التي يتمنى على المتاجر اعتمادها. وأنفق اللاجئون السوريون في لبنان منذ العام 2013 أكثر من 900 مليون دولار في المتاجر الشريكة مع برنامج الأغذية العالمي.
ويقول إدوارد جونز من المكتب الإعلامي لبرنامج الأغذية العالمي في لبنان: «استفاد الاقتصاد اللبناني أيضا من مشروع برنامج الأغذية العالمي، ولم يقتصر الأمر على اللاجئين السوريين».
ويضيف «الهدف هو تأمين الغذاء للاجئين الجياع. ومن الممكن القيام بذلك بشكل أسهل عبر الاستفادة من الغذاء الموجود أصلا في البلد، أي عبر شراء الغذاء من المتاجر اللبنانية».
ونتيجة ذلك، عمدت سلسلة متاجر كبيرة إلى الانضمام إلى المشروع بينها شركة «تعاونيات لبنان والمخازن» التي تمتلك 36 متجرا في البلاد. ويقول مسؤول في الشركة سليمان سليمان «نحن شركة، والشركة تريد الأموال وفي الوقت ذاته نريد أن نساعد برنامج الأغذية العالمي».
ويضيف «نبيع أكثر وبالتالي نشتري أكثر من المزودين، وهذا يعني حركة اقتصادية أكثر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.