خامنئي يلطف «حرية إطلاق النار» وروحاني يطالب بالوحدة

قصيدة «تسيء» للحكومة سبقت خطبة المرشد الإيراني

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من خطبة عيد الفطر في مصلى طهران أمس
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من خطبة عيد الفطر في مصلى طهران أمس
TT

خامنئي يلطف «حرية إطلاق النار» وروحاني يطالب بالوحدة

صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من خطبة عيد الفطر في مصلى طهران أمس
صورة نشرها موقع المرشد الإيراني علي خامنئي من خطبة عيد الفطر في مصلى طهران أمس

بينما دفع المرشد الإيراني علي خامنئي في خطبة عيد الفطر، أمس، باتجاه تبريد الاحتقان إثر عبارة وردت على لسانه قبل أسابيع مما تحول إلى وقود الانتقادات للحكومة الإيرانية، دعا في المقابل الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى طي صفحة الخلافات بعد نهاية الانتخابات الرئاسية. وفي الأثناء، أطلق منشد مقرب من مكتب خامنئي قصيدة مثيرة للجدل في مصلى الخميني بطهران قبل لحظات من خطبة العيد، انتقد فيها الاتفاق النووي وسياسة إدارة روحاني في حينما أشاد باستراتيجية الحرس الثوري؛ الأمر الذي سبب احتجاجا واسعا من الأوساط المقربة من الحكومة، وذلك بعد ثلاثة أيام من تفجر سخط داخلي إثر هتافات معادية طالت روحاني.
وتوقف خامنئي مرة أخرى، أمس، عند دلالات عبارة «حرية إطلاق النار» بعد نحو ثلاثة أسابيع من دخولها إلى القاموس السياسي في البلاد بعدما منح القوى «الثورية» الضوء الأخضر لأخذ زمام المبادرة تحت عنوان «حرية إطلاق النار»؛ تفاديا لمخاطر تعطل الجهاز المركزي للثقافة بالعطل في إطار انتقادات للسياسات الحكومة الإيرانية.
وشدد خامنئي، أن القصد من «حرية إطلاق النار» هو «العمل الثقافي العفوي والنظيف»، مضيفا أنه أراد «أن يقوم أصحاب الفكر والرأي والعمل بدورهم للتعرف إلى ثغرات التغلغل الثقافية». وخاطب من أسماهم «القوى الثورية» قائلا: «ينبغي أن يراقبوا النظم والهدوء في البلد أكثر من الآخرين، يراقبوا عدم استغلال الأعداء لأوضاع البلد، ويحافظوا على القانون». مشددا على أن سبب توصيته «رغبة القوى الثورية في حركة البلد باتجاه غاياته».
ويعد التحذير من «التغلغل» ضمن جملة مصطلحات أطلقها خامنئي عشية توقيع الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015، وشكلت كلمة الرمز في مواجهة التيارات الموالية للمرشد الإيراني والحكومة برئاسة روحاني.
واستخدم خامنئي عبارة «حرية إطلاق النار» بعد أقل من شهر على انتخاب روحاني رئيسا لفترة رئاسية ثانية؛ مما عدته أوساط كلمة الرمز لردة فعل الرجل الأول في النظام الإيراني على نتائج الانتخابات. وبعد نحو أسبوعين من إطلاق العبارة، سلط خامنئي الضوء في تصريحات مثيرة للجدل على مخاوفه من مخاطر انقسام الإيرانيين لقطبين متناحرين، محذرا من إمكانية تكرار مصير الرئيس الإيراني الأول والمعزول في 1981 أبو الحسن بني صدر بعدما عزله البرلمان والمرشد الإيراني الخميني إثر معارضته حرب الخليج الأولى؛ وهو ما فسر على أنه تلويح بعزل روحاني عقب ارتفاع نبرة التصريحات المتبادلة بين الرجلين.
مع ذلك، فإن الانقسام الدائر في البلد تجلى مرة أخرى في تأويل العبارة، فمن جهة تحولت إلى منطق جديد للضغوط ضد حكومة روحاني التي ترفع شعار التنمية في وقت عدت جماعات مقربة من خامنئي؛ استنادا إلى خطاباته بأن شعارات التنمية تهدف إلى مواجهة مع الشعارات الثورية، في حين قدمت الأوساط المقربة من الحكومة تفسيرها الخاص لعبارات خامنئي.
وكان خامنئي يخاطب «ضباط الحرب الناعمة» قبل ثلاثة أسابيع عندما استخدم العبارة لأول مرة وتعد المنابر الإلكترونية التابعة لـ«ضباط الحرب الناعمة» أبرز نشاط إلكتروني لجماعة الباسيج المقربة من الحرس الثوري، وأنها تحشد عادة عبر المواقع الإلكترونية للتفاعل مع البرامج التابعة للباسيج، وكان الاعتداء على مقر السفارة والقنصلية السعوديتين أبرز الأحداث التي تورطت بها منابر «ضباط الحرب الناعمة» خلال العامين الأخيرين. وجاء توضيح خامنئي بعدما كان روحاني ونائبه الأول إسحاق جهانغيري، ونائب رئيس البرلمان علي مطهري، هدفا لشعارات معادية من قبل متظاهرين في مظاهرة «يوم القدس»، ورافق تفاعل شبكات التواصل الاجتماعي مع الحدث توجيه أصابع الاتهام إلى عبارة «حرية إطلاق النار»، وأظهرت مقاطع مسجلة انسحاب روحاني من المظاهرة، في حين كان متظاهرون غاضبون يقارنون في هتافات بينه وبني صدر.
من جانب آخر، تطرق خامنئي، أمس، إلى إطلاق الحرس الثوري ستة صواريخ باليستية باتجاه مواقع في دير الزور السورية، واصفا ما قام به الحرس الثوري بـ«العمل الكبير». وتعد الإشادة ردا على مواقف روحاني الأسبوع الماضي حين قلل من دور الحرس الثوري، ونفى انفراده. في حين أعلن الحرس الثوري، أن وحدته الصاروخية نفذت الهجوم بأوامر من المرشد الإيراني، وبمعلومات ميدانية من «فيلق القدس» على خلاف ما قاله وزير الأمن محمود علوي حول دور المخابرات في تقديم معلومات إلى الحرس الثوري.
من جهة ثانية، طالب خامنئي بالإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، قائلا: «يجب على الحكومة الجديدة القيام بأعمال كبيرة بمساعدة الشعب لأجل تفعيل الإنتاج وحل مشكلة بطالة الشباب».
في غضون ذلك، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، لدى استقباله عددا من المسؤولين بمناسبة عيد الفطر إن «اليوم مضت فترة التنافس السياسي والانتخابي، وإذا كان هناك من تنافس فإنه من أجل تقديم خدمات إلى الشعب وتنفيذ القانون وبلوغ الأهداف الوطنية».
ومد روحاني يده إلى الخاسرين والفائزين في الانتخابات لمساعدة في الحكومة المقبلة قائلا: «يجب اليوم أن نعمل إلى جانب بعضنا بالوحدة والإجماع على بناء البلد»، في مؤشر على تراجعه من انتقادات لاذعة وجهها الخميس الماضي، حول تململ الحكومة من تدخل الحرس الثوري في النشاط الاقتصادي، ووصف روحاني الحرس الثوري بـ«حكومة تملك البندقية» مقابل «حكومة لا تملك البندقية».
ورغم أن موقف روحاني من مزاحمة الجهاز العسكري للحكومة في مجال الاستثمار لم يكن جديدا، إلا أنه تزامن والانتقادات مع عودة التلاسن بينه وبين خامنئي بعد انتخابات الرئاسة في مايو (أيار) الماضي.
في غضون ذلك، أثارت قصيدة شعر أطلقها المنشد مثيم مطيعي، المنشد المقرب من مكتب خامنئي، جدلا واسعا على هامش خطبة الجمعة في طهران، قبل لحظات قليلة من وصول خامنئي إلى مصلى الخميني وسط العاصمة لإلقاء خطبة العيد.
وتهاجم القصيدة سياسات حكومة روحاني والاتفاق النووي، كما تشير إلى أهم محاور الخلافات بين روحاني وخامنئي، مثل التقارب من الغرب ووثيقة اليونيسكو التعليمية 2030، كذلك تشيد بالحرس الثوري لإطلاقه الصواريخ، كما هددت دول الجوار بشن هجوم عسكري.
وتناقلت مواقع ووكالات أنباء لقطات مصورة من لحظات قراءة القصيدة، بينما كان يتقاسم قادة القوات المسلحة والحرس الثوري وكبار المسؤولين في الحكومة الإيرانية الصفوف الأمامية للمصلين بانتظار وصول خامنئي. وفي حين احتجت شخصيات ووسائل إعلام مقربة من روحاني على القصيدة «المسيئة»، فإن وسائل الإعلام المحافظة والتابعة للحرس الثوري، رحبت بها وعدتها في سياق ما قدم خامنئي من تعريف حول «حرية إطلاق النار» خلال خطبة أمس.
وأعلنت شخصيات إصلاحية مثل رئيس كتلة الأمل، محمد رضا عارف، ومصطفى معين، وزير العلوم السابق في حكومة خاتمي، ومساعدة الرئيس الإيراني في شؤون المرأة شهيندخت مولاوردي على «الإساءات والشتائم» ضد روحاني من منابر رسمية
وأطلقت إدارة العلاقات العامة في الحرس الثوري مهرجانا شعريا تحت عنوان «نهضة الصواريخ» بحضور قائد وحدته الصاروخية أمير علي حاجي زاده، وشارك شعراء مقربون من الحرس الثوري في امتداح الصناعة الصاروخية الإيرانية.



«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم قتل فيه وزير من «طالبان»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

أعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن تفجير انتحاري أودى بحياة وزير اللاجئين الأفغاني في مكتبه في كابل، بحسب ما ذكر موقع «سايت»، اليوم (الأربعاء).

وقُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، اليوم، من جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح من جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.