بوتين «لاعب من الوزن الثقيل» ينخرط في النزال الإعلامي

تعمد نشر الرسائل الروسية ذاتها للعالم بغض النظر عن ردود الفعل

TT

بوتين «لاعب من الوزن الثقيل» ينخرط في النزال الإعلامي

دخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ مطلع شهر يونيو (حزيران) الحالي حلبة «الحرب الإعلامية» من أوسع أبوابها. ومن موقع «مصارع من الوزن الثقيل» واستعرض كل مهاراته في تسخير الإعلام أداة لعرض أفكاره وللرد وضحد الاتهامات، وتوجيه انتقادات بدرجات متفاوتة لخصومه.
* نافذة إلى حياة الرئيس
وفي خلفية هذا كله كان حريصاً على إيصال رسائل بأن روسيا الآن ليست روسيا التسعينات، وهي قوة تنافس على موقع قيادي دولياً. وفي ختام مشاركته شخصيا في النزال الإعلامي، قرر بوتين أن يتيح للمشاهدين نافذة يطلون من خلالها على حياته كرئيس، وفق ما يراها المخرج أوليفر ستون، الذي أعد فيلماً وثائقياً عن بوتين نفسه. وجاءت ردود الفعل على النشاط الإعلامي للرئيس الروسي متباينة ما بين ترحيب وتهليل وتمجيد في أوساط المعجبين بشخصيته، مقابل انتقادات حادة واسعة في أوساط خصومه، ومن يرون فيه زعيماً عدائياً، يقمع الحريات في بلاده، ويؤجج نيران النزاعات الإقليمية.
ومع سيطرة الكرملين على مؤسسات إعلامية روسية عملاقة، تبث الأخبار بكل اللغات العالمية، غير أن بوتين قرر أن يتفاعل شخصياً مع الإعلام العالمي، دون الحاجة إلى تلك المؤسسات الروسية كوسيط. وفي الأول من يونيو التقى الرئيس الروسي مع مدراء وكالات الأنباء العالمية، وذلك على هامش أعمال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، وأصبحت هذه اللقاءات تقليداً سنوياً مرافقاً لجدول أعمال المنتدى. وكان اللقاء الذي نظمته وكالة «تاس» الروسية، أقرب إلى جلسة أصدقاء يتناولون الحلوى ويشربون الشاي ويتبادلون أطراف الحديث.
وإلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وسيرغي ميخائيلوف، مدير عام وكالة «تاس»، شارك في اللقاء المدراء العامون لوكالات الأنباء الألمانية والإسبانية والهندية والتركية والإيطالية. أما وكالات أسوشيتيد برس وبلومبيرغ وشينخوا وكيودو نيوز فكانت ممثلة على مستوى نائب مدير عام. بينما أوفدت السويد إلى اللقاء مدير عام اتحاد وكالات الأنباء الأوروبية. ومقارنة بالمشاركين في اللقاء العام الماضي، فقد بدا واضحا غياب الكثير من الشخصيات، العمالقة في وسائل الإعلام الغربي. واللافت أن موضوع «العداء لروسيا» في الإعلام الغربي كان موضوعاً رئيسياً توقف عنده بوتين في حديثه لكبار الإعلاميين المشاركين.
* توبيخ للصحافيين
ضمن تلك الأجواء أعلن بوتين بوضوح «يتعزز نظام عالم متعدد الأقطاب»، وهذا أمر لا يروق لمحتكري الهيمنة، حسب قوله، واعتبر أن هذا أحد أسباب العداء لروسيا في الغرب. أما السبب الثاني فهو «التوتر الداخلي في الغرب» بعد أن فشلت محاولاتهم في احتواء روسيا وردعها، ولذلك يحاولون الضغط على روسيا بشتى السبل، وفق ما يرى بوتين. أما احتمال عسكرة جزر الكوريل المتنازع عليها مع اليابان، فقد علق الرئيس الروسي على ذلك بطلب من ممثل الوكالة اليابانية، وذهب إلى ربط الأمر بالتحركات العسكرية الأميركية في المنطقة، وأشار إلى تنقلات حاملات طائرات أميركية، ونية الولايات المتحدة إقامة قاعدة عسكرية على واحدة من تلك الجزر الأربع بحال قررت روسيا إعادة اثنتين منها لليابان. وأضاف مخاطباً الصحافيين بلهجة بين العتب والتوبيخ: «أنتم لا تتحدثون عن هذا كله. العالم يقف بصمت، لا أحد يسمعنا، أو أنهم يسمعوننا لكن دون ترجمة لكلامنا».
وفي موضوع قرصنة مواقع الإنترنت خلال الانتخابات، قال بوتين للمشاركين من مدراء وكالات أنباء عالمية إن روسيا لا تمارس هذا العمل على المستوى الرسمي، لكنه وصف «القراصنة» بأنهم مثل الفنانين، يرسمون لوحاتهم حسب حالتهم المزاجية. هذه هي الرسائل الرئيسية التي حاول بوتين شخصياً نقلها لكبار الإعلاميين خلال اللقاء على هامش المنتدى الاقتصادي في بطرسبورغ. ويبدو أن الهم الرئيسي للكرملين هو أن ينقل هذه الأفكار، بغض النظر عن مدى تقبل المستمعين لما يقوله بوتين، وتقديرهم لدرجة دقة وصواب وعدالة ما يقوله.
بعد هذه الإطلالة في لقاء مع ممثلي وكالات أنباء عالمية، أطل بوتين منتصف يونيو على مواطنيه، ضمن برنامج سنوي (مباشر مع بوتين) أجاب فيه على أسئلة المواطنين، والتي ركزت بصورة خاصة على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مع مرور على الوضع الدولي. وأجاب بوتين على نحو 70 سؤالا خلال أقل من أربع ساعات، حرص خلالها على تأكيد اهتمامه المباشر بهموم المواطنين. ولأول مرة ظهرت على الشاشة أسئلة حرجة، لم يجب عليها بوتين، مثل «ثلاث ولايات رئاسية تكفي» وسؤال آخر حول نيته التخلي عن السلطة، وما إلى ذلك. واتهم البعض الكرملين بأنه تعمد «إعداد» هذا المشهد وعرض أسئلة حرجة على الشاشة، ومن جانبه نفى الكرملين أي دور له وأكد أن الأسئلة طرحت تلقائيا من مواطنين وضمن نظام البث المباشر.
* وثائقي للختام
وكانت خاتمة طلات بوتين الإعلامية بفيلم وثائقي أعده المخرج الأميركي أوليفر ستون، وهو عبارة عن حوارات سجلها مع الرئيس بوتين على مدار السنوات الماضية، وتناول فيه قضايا شخصية من حياة الرئيس، فضلاً عن مواقفه من القضايا الدولية. ومقابل الترويج الضخم في وسائل الإعلام الروسية للفيلم، لم تول وسائل الإعلام الغربية، المستهدفة من هذا العمل الإعلامي، أي تفاعل يُذكر معه، وعوضاً عن ذلك ركزت وسائل الإعلام العالمية على الاحتجاجات في المدن الروسية، بينما ذهبت بعض الصحف إلى مهاجمة ستون واتهامه بأنه «معجب بشخصية بوتين» ويشارك في الترويج له. وعلى سبيل المثال، توقفت الـ«غادريان» عند الفيلم، لكنها ركزت على أساب إعجاب المخرج الأميركي بشخصية بوتين، كما أشارت إلى تحذير بوتين لستون من أنه قد يتعرض للضرب بسبب هذا الفيلم، وكان بوتين يقصد بكلامه أن خصومه سيشنون هجوماً على ستون بسبب تصوير الفيلم. أما موقع «ديلي بيست» الأميركي فقد وصف فيلم ستون بأنه «رسالة حب غير مسؤولة إلى الرئيس الروسي». ومن جانبه قال أوليفر ستون في مقابلة مع «نيوزويك» إن بوتين حاول من تلك المقابلات في الفيلم إيصال رسالة ما إلى الغرب. وتقول «روسيا اليوم»: «من الواضح أن رسالة بوتين لم تصل إلى وسائل الإعلام الغربية، ولكن الوقت وحده سيظهر ما إذا كان المشاهد الأميركي فهم مضمون هذه الرسالة».



السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.