متحاربون في سوريا يفرجون عن سجناء لمناسبة عيد الفطر

{النصرة} تطلق سراح عبد الباسط الساروت

سجناء في دمشق بعد إفراج النظام عنهم أمس (إ.ب.أ)
سجناء في دمشق بعد إفراج النظام عنهم أمس (إ.ب.أ)
TT

متحاربون في سوريا يفرجون عن سجناء لمناسبة عيد الفطر

سجناء في دمشق بعد إفراج النظام عنهم أمس (إ.ب.أ)
سجناء في دمشق بعد إفراج النظام عنهم أمس (إ.ب.أ)

أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن دمشق أفرجت عن 672 سجينا تعهدوا بـ«قبول سلطة» النظام في خطوة قالت الوكالة إنها تهدف إلى تعزيز عمليات «المصالحة».
وتستخدم الحكومة مصطلح «المصالحة» لوصف اتفاقيات أبرمتها مع جماعات من المعارضة المسلحة في مناطق متفرقة تقضي بنزع سلاحهم وقبولهم سلطة النظام أو مغادرتهم المنطقة بأسلحة خفيفة إلى مناطق أخرى يسيطر عليها مقاتلو المعارضة.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن هشام الشعار، وزير العدل، قوله: إن السلطات أفرجت عن هؤلاء السجناء بعد أن تعهدوا بعدم المساس بأمن البلاد واستقرارها. وقال الوزير: «تم إخلاء سبيل 672 موقوفا في عدد من المحافظات أغلبهم من سجن دمشق المركزي وعددهم 588 موقوفا، بينهم 91 امرأة».
ويشير ذلك إلى أن الخطوة ليست مرتبطة باتفاق مصالحة بعينه.
ولم تذكر «سانا» تهم السجناء المفرج عنهم، لكن بعضهم قال لـ«رويترز» إنهم اعتقلوا بسبب أعمال ارتكبوها ضد الحكومة.
وتقول المعارضة ودول غربية وجماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان: إن الحكومة تحتجز عشرات الآلاف من السوريين دون محاكمة لأسباب سياسية وعذبت وقتلت الآلاف منهم.
قال رئيس وفد المعارضة المسلحة ورئيس الهيئة السياسية في «جيش الإسلام» محمد علوش، إنه سيتم قريباً إطلاق سراح 100 معتقلة لدى النظام. وجاء ذلك في تغريدة نشرها علوش على حسابه في «تويتر»، قال فيها: «قريباً إن شاء الله سيتم الإفراج عن 100 امرأة معتقلة من الحرائر من سجون النظام، ونسأل الله أن ييسر الإفراج عن الجميع، ولا حول ولا قوة إلا بالله».
شرق البلاد، أصدر مجلس مدني من المتوقع أن يحكم مدينة الرقة السورية بعد طرد تنظيم داعش منها قرارا بالعفو عن 83 فردا من عناصر التنظيم السبت في بادرة لحسن النوايا بهدف دعم الاستقرار في المدينة.
وحققت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة تقدما ملحوظا في معركة السيطرة على الرقة، وهي قاعدة عمليات «داعش» على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وتوقع قادة كبار في «قوات سوريا الديمقراطية» السيطرة على الرقة خلال أشهر. وسيشكل ذلك ضربة قوية لـ«داعش» التي خططت لهجمات حول العالم من المدينة التي كان يقطنها نحو 300 ألف نسمة قبل أن يسيطر عليها التنظيم.
ونقل 83 سجينا من أفراد «داعش» إلى مقر مجلس مدينة الرقة في قرية عين عيسى شمالي الرقة في عفو تزامن مع عطلة عيد الفطر.
ونزل السجناء المفرج عنهم من حافلة وكان أصغرهم يبلغ من العمر 14 عاما. وألقت ليلى مصطفى القيادية بالمجلس كلمة قالت فيها إنه تم الإفراج عن المتشددين؛ لأن أيديهم لم تلطخ بالدماء ولأنهم لم يتقلدوا أي مواقع قيادية في التنظيم في حين وقف المفرج عنهم في صفوف منتظمة ينصتون.
وقال عمر علوش أحد أعضاء المجلس البارزين لـ«رويترز» إن المجلس لن يعفو أبدا عن مسؤولين كبار في «داعش» أو أي شخص تلطخت يداه بالدماء، مضيفا أنهم يمنحون هؤلاء الرجال فرصة ثانية.
وفي الشارع، خارج مقر المجلس قال علوش لأفراد «داعش» الحاصلين على العفو إنه سيتم دمجهم في المجتمع وستتاح لهم فرصة الالتحاق بالمدارس والجامعات.
وصافح الرجال أعضاء المجلس قبل أن يلتئم شملهم بعائلاتهم.
وقدم شباب مثل قيس الهادي (17 عاما) تفسيرا مبسطا لسبب انضمامه إلى «داعش». وقال: «لم تكن هناك فرص قبل وصولهم».
وقد يشكل العفو خطوة صغيرة نحو تخفيف حدة التوتر الذي يخيم على الرقة بعد ثلاث سنوات من الحكم المتشدد للتنظيم والحرب.
واعترف أعضاء في المجلس بأنهم يواجهون تحديات ضخمة في إعادة بناء المدينة التي تعاني بنيتها التحتية من الدمار، ويعاني سكانها من الصدمة بفعل سنوات الحرب.
وقال عبد الرحمن (43 عاما) وقد عمل لدى تنظيم داعش في إدارة الضرائب «لدي سبعة أطفال... لم يكن لدي خيار سوى التعاون. كانوا يدفعون لي 115 دولارا في الشهر».
وأفرجت «هيئة تحرير الشام» التي تضم «جبهة النصرة» عن الناشط البارز عبد الباسط الساروت بعد اعتقاله لنحو شهر. وقال نشطاء إن «(هيئة تحرير الشام) أطلقت سراح الساروت بعد أن كان معتقلاً في محكمة سلقين بريف إدلب، على خلفية اتهامه بأمور تتعلق باقتتال سابق حدث بين لواء (شهداء البياضة) الذي كان يقوده الساروت، و(جبهة النصرة) في ريف حمص الشمالي أواخر عام 2015».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».