حسابات إسرائيل... السورية

من بحيرة طبريّا حتى ما بعد الجولان

حسابات إسرائيل... السورية
TT

حسابات إسرائيل... السورية

حسابات إسرائيل... السورية

الطريقة التي تتصرف بها حكومة إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو بشأن الأزمة السورية، تفاجئ حتى الإسرائيليين. وليس صدفة أنه منذ أن اشتمّت هذه الحكومة اليمينية رائحة إمكانية التوصل إلى اتفاق سياسي يوقف نزيف الشام وأهلها، وهي تعقد اجتماعات لتقرر «موقفاً استراتيجياً» يخدم مصالحها. وفي كل مرة يستغرق الاجتماع الواحد عدة ساعات طويلة، وينتهي بلا قرار. إلا أن هذا لا يمنع نتنياهو من وضع «استراتيجية خاصة به»، يسعى لطرحها في كل محفل دولي وفي كل لقاء ثنائي مع زعماء العالم، خصوصا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترمب ومساعديهما. فهو يطالب بالاعتراف بضم الجولان، وكذلك بحصة إسرائيلية دسمة من الكعكة السورية، تتجاوز هضبة الجولان، شرقاً وجنوباً، على شكل «حزام أمني» منزوع السلاح.
تبدو مطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومشاريعه في جنوب سوريا، هذه الأيام، غريبة بعض الشيء، وذلك لأنه كان قد خاض بنفسه مفاوضات متقدمة جدا مع النظام السوري بقيادة الرئيس السابق الراحل حافظ الأسد في أواسط التسعينيات من القرن الماضي، بواسطة صديقه الملياردير اليهودي الأميركي رون لاودر.
يومذاك أبدى الزعيم الإسرائيلي استعداده لتسليم الأسد «الأب» كل هضبة الجولان، مقابل التوقيع على معاهدة سلام وتطبيع كامل. بيد أن المفاوضات فشلت بسبب الخلاف حول بضعة كيلومترات من الحدود. وهو السبب نفسه الذي أفشل المفاوضات بين الأسد «الأب»، ثم الأسد «الابن»، وبين رؤساء الحكومات الذين سبقوا نتنياهو أو أعقبوه، وهم: إسحق رابين (1992 - 1995)، وإيهود باراك (1999 - 2001) وأريئيل شارون (2002 - 2004) وإيهود أولمرت (2005 - 2009).
وكان الخلاف يتمحوَر حول «الحدود التاريخية الدولية»، التي تطالب إسرائيل أن تكون أساساً لاتفاق السلام وبين «حدود الهدنة» التي فرضها واقع الحرب بينهما عام 1949، ففي حينه، احتلت إسرائيل كل المنطقة التي كان مقررا أن تمنح لـ«دولة فلسطين» في الشمال. وخلال مفاوضات الهدنة التي استغرقت ثلاثة أشهر وانتهت في 20 يوليو (تموز) 1949، اتضح أن سوريا احتلت 66 كيلومتراً مربعاً من أراضي فلسطين التاريخية، واستقرت قواتها على الضفة الشرقية من بحيرة طبريا. وتقرر أن تصبح هذه المنطقة «منطقة منزوعة السلاح»، ولكن تحت مسؤولية إسرائيل المدنية، بحيث يتاح للمدنيين السوريين فقط أن يدخلوها للزراعة.

بحيرة طبريّا ومحيطها
وخلال الصدامات العسكرية الكثيرة بين الجانبين الإسرائيلي والسوري، دخلت القوات السورية إلى منطقة الحِمّة وفرضت سيطرتها على منابع نهر الأردن. واستمر هذا الوضع إلى التاسع من يونيو (حزيران) 1967، حين داهمت إسرائيل الجولان واحتلت جزأه الغربي بالكامل، بما في ذلك جبل الشيخ ومزارع شبعا ومدينة القنيطرة، وبالطبع كل المناطق الخلافية حول بحيرة طبريا.
طوال جولات المفاوضات، منذ ذلك الحين، اقتصرت المطالب الإسرائيلية على الاحتفاظ بالأراضي المختلف عليها قرب البحيرة ومنابع الأردن ومنطقة الحِمّة. ولكن هذا الموقف بدأ يتغير عام 1980، عندما تورّطت سوريا في حرب لبنان. إذ قررت حكومة مناحيم بيغن، أن تحصل على حصة من سوريا مقابل سيطرة سوريا على لبنان. ويوم 14 ديسمبر (كانون الأول) 1981، أقرّ البرلمان الإسرائيلي قانوناً يتم بموجبه ضم هضبة الجولان إلى السيادة الإسرائيلية. ومن خرائط هذا القانون يتضح أن مساحة الأرض السورية المقصودة تبلغ 1200 كيلومتر مربع، وتشمل ليس فقط كل الأراضي الخلافية بمساحة 66 كيلومترا مربعا بل نحو 20 ضعفاً. ومنذ ذلك الوقت، تحاول الحكومات الإسرائيلية تعزيز الاستيطان اليهودي هناك (توجد حالياً 25 مستوطنة يهودية تضم 25 ألف مستوطن)، وبناء جدار أمني شديد يصلح لحدود دولية. ومع ذلك، في الوقت الذي تبدأ فيه مفاوضات جدية حول عملية سلام، كانت إسرائيل تعود إلى الواقعية وتطالب بالحدود الدولية.
ولكن كيف زحفت المطالب من 66 كيلومتراً مربعاً عند بحيرة طبريا إلى الجولان كله... وما بعد الجولان؟!
نتنياهو يقول إن الظروف قد تغيّرت جوهرياً، مما يوجب تغيير المصالح والمطالب. وحسب مصدر مقرّب من نتنياهو، فإن «سوريا لم تعد دولة مستقلة، بل لم تعد دولة طبيعية. ولقد أصبحت مرتعاً لأعداء إسرائيل اللدودين (يقصد إيران وحزب الله اللبناني). وهذا ما يعطي إسرائيل كل الحق في الدفاع عن نفسها وردع أعدائها بالطرق العسكرية. وليس سراً أن حكومة إسرائيل وقفت على الحياد في الحرب الأهلية السورية، وكان بإمكانها التدخل وإسقاط نظام الأسد». وأيضاً، حسب زعم المصدر الإسرائيلي... «وأصبح معروفا أن فئة من المعارضة السورية توجّهت إلى إسرائيل بهذا الخصوص وعرضت توقيع معاهدة سلام يتم خلالها تحويل الجولان إلى حديقة سلام دولية بإدارة إسرائيل، وأعربت عن موافقتها على كل الضمانات الأمنية التي تطلبها إسرائيل، لكننا لم نوافق. وبفضل موقفنا هذا استمر الأسد في الحكم، قبل أن يأتي الروس ويعزّزوا عرشه».
المعادلة مع موسكو
ووفق المصادر الإسرائيلية، بعد تفجر الثورة السورية عام 2011، وتحديداً عندما دخل الروس إلى سوريا، عرضت إسرائيل على الروس صفقة مضمونها «لا نتدخّل في معركتكم في سوريا ولا نشوّش على مصالحكم بل ننسّق وإيّاكم كل نشاطاتنا، مقابل دور لإسرائيل في التسوية وخروج إيران من سوريا». وبالفعل، التقى نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أربع مرات خلال سنة لمناقشة الصفقة، لكن شيئا لم يرشح عن مضمون اللقاءات.
رئيس صحيفة «يسرائيل ها يوم»، بوعزز بوسموط - الذي يعتبر ابن بيت لدى عائلة نتنياهو - قال يوم 24 مارس (آذار) 2017 «لقد اعتاد الجمهور في إسرائيل على التعامل مع دول العالم باللونين الأسود والأبيض: إما أنها تحبنا أو لا. إلا أن الروس هم فئة مختلفة. إسرائيل بالنسبة لهم هي جندي آخر على طاولة الشطرنج، وليست بالضرورة ضمن فريقهم. لا توجد لديهم أي مشاعر: لا تجاه الأسد، ولا تجاه الإيرانيين، ولا تجاه الأكراد في سوريا... الذين يغازلونهم الآن. بالأمس خنقوا (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان، واليوم يحتضنونه. كان يمكن لسلاح الجو الإسرائيلي مواصلة أعمال القصف في سوريا ما دام لا يضر هذا الأمر بالمصالح المباشرة لروسيا. وعندما فاجأتهم إسرائيل وقصفت في المنطقة التي تتمركز فيها قوات روسية وقيادة روسية لمراقبة هجمات القوات السورية في تدمر شعرت موسكو بأنها إذا لم تُظهر عضلاتها، حتى لو كانت دبلوماسية، ضد إسرائيل، فإن الأمر سيجعلها تبدو ضعيفة، ولذلك قامت بتحذير إسرائيل».
إسرائيل لم تصعّد التوتر مع الروس، في حينه، لأنها تريد الحفاظ على علاقة جيدة مع موسكو كعنصر قوي، «حتى تعتبر شريكاً غير هامشي... لا يمكن تجاهله عند إجراء المفاوضات حول مستقبل سوريا». وأضاف بوسموط شارحاً: «المشاكل الحقيقية في الصراع الإسرائيلي على هضبة الجولان هي التنسيق الأميركي - الروسي - التركي حيال مستقبل سوريا والمباحثات التي تجرى بين الأطراف الثلاثة من أجل التوصل إلى اتفاق تقاسم السيطرة، ومن يقف خارج اللعبة؟ بالنسبة لإسرائيل نتنياهو لم تثمر رحلات التنسيق إلى بوتين إجابة حقيقية حول المطلب الإسرائيلي بهضبة الجولان. لا توجد لبوتين مصلحة في الموافقة على إلحاق الضرر بحلفائه السوريين والإيرانيين وحزب الله».

... ومع المشهد الأميركي
ومن ثم، استطرد بوسموط بلهجة قريبة من اليأس «الاتصالات بين مكتب رئيس الحكومة وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) هي الأخرى لا تثمر حتى الآن عن أي شيء. إن سياسة الولايات المتحدة تتمحور الآن حول رئيس أميركي يتصرّف وكأنه تقليد أشقر لـ[باربي] (الدمية). إنه يغرّد ويتحرّك بين فضيحة وأخرى. والصحيح هو أن القصف الإسرائيلي خدم ترمب لجهة مساعدته على عرض عضلاته في نزاع امتنع سلفه الرئيس السابق باراك أوباما عن الخوض إليه. ولكن منذ متى تحول الجيش الإسرائيلي إلى جيش مرتزقة للولايات المتحدة؟».
وهنا يرمي الصحافي والكاتب الإسرائيلي المقرّب من نتنياهو موقفاً جديداً لم يطرح من قبل، قائلا: «ثمة حاجة إلى استمرار الصراع من أجل السيطرة على هضبة الجولان حينما تنزف سوريا، لكن هناك طرق أقل عنفاً وأكثر نجاعة... مثلاً، التوصل إلى اتفاق (خطوط حمراء) مع بشار الأسد كما حدث من قبل عبر التفاهمات بين إسحق رابين وحافظ الأسد».
ولكن، ماذا تطلب إسرائيل من دمشق؟

إنشاء «مناطق عازلة»
مصادر سياسية في تل أبيب، توصف بأنها مطلعة، أكدت بداية أن نتنياهو توجّه إلى كل من روسيا والولايات المتحدة بطلب الاعتراف بقرار ضم الجولان لإسرائيل وكذلك إقامة «مناطق عازلة» على طول حدود إسرائيل مع سوريا، وكذلك على طول حدود سوريا مع الأردن. وادعت هذه المصادر أن تفسير نتنياهو لهذا الطلب هو أن التسويات المطروحة للمسألة السورية حالياً تدل على أن النفوذ الإيراني سيبقى، بل وربما سيتعزز، ومن ثم فـ«إسرائيل لن تقبل بأن يقترب الإيرانيون أو حزب الله أو أي طرف مقرّب لهما من الحدود ويهدد أمن المنطقة». ولذا، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي «يطالب بأن تتضمن أي تسوية مستقبلية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا بنداً يضمن إنشاء منطقة فاصلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل في هضبة الجولان، وكذلك على الحدود بين سوريا والأردن، منعا لوجود إيران وحزب الله في هذه المناطق».
ويشرح نتنياهو، في هذا السياق، أن حضور إيران و«حزب الله» على الحدود بين سوريا وإسرائيل وكذلك على الحدود بين سوريا والأردن من شأنه هزّ الاستقرار في المنطقة ككل، وتشكيل تهديد أمني لإسرائيل وأيضاً للأردن. وهو يعتبر أن إنشاء المناطق العازلة أو الفاصلة في الجانب السوري من الحدود سيمنع الإيرانيين و«حزب الله» من الوصول إلى الجدار ويجعل من الصعب عليهم المبادرة إلى الهجمات. ومع أن الزعيم الإسرائيلي لم يفصّل كيفية إنشاء هذه المناطق في الأراضي السورية، ومَن سيتولى الرقابة عليها أو الدخول إليها، أو ما سيجري فيها، فإنه أوضح أن ما يهمه هو أن تكون المناطق العازلة أو الفاصلة داخل الجانب السوري من الحدود، مضيفاً إنه ليس معنياً بوجود إسرائيلي فيها.
لا موقف واضحاً من التسوية
في هذه الأثناء، يدور الحديث عن تطور ذي مغزى في الموقف الإسرائيلي من التسوية المستقبلية في سوريا. فحتى اليوم، امتنعت إسرائيل عن عرض موقف مفصل حول طبيعة التسوية المستقبلية في سوريا، واكتفت بالإعراب عن رغبتها في تخليد احتلالها للجولان، وجعله جزءا من إسرائيل في التسويات المستقبلية. لكنها، ها هي تضيف طلباً آخر اليوم هو «المناطق العازلة»، والملاحظ أنه يأتي بالتزامن مع البحث الدولي في «مناطق تخفيف التصعيد». ولقد أكد ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بشكل غير مباشر هذا النبأ، إذ قالت مصادره معقبة إن «رئيس الوزراء نتنياهو طرح في محادثاته مع الرئيس ترمب ومع الرئيس بوتين معارضة إسرائيل لوجود إيران وفروعها في سوريا وعلى حدودنا الشمالية».
واستند نتنياهو في مواقفه هذه إلى تقديرات القيادات العسكرية والأمنية الإسرائيلية، التي تؤكد أن إيران «تغلغلت بشكل عميق جداً» في سوريا. وحسب مصادر سياسية شاركت في آخر اجتماع للمجلس الوزاري الأمني المصغّر في الحكومة (الكابينت)، في مطلع يونيو الجاري، فإن الحضور الإيراني في سوريا يصبح حقيقياً أكثر فأكثر بكل ما ينطوي عليه ذلك من معنى بالنسبة لإسرائيل. وأشار وزير كبير حضر الاجتماع إلى أن «إحدى المسائل التي طرحت في الجلسة كانت التخوف المتعاظم من أن حرية عمل سلاح الجو (الإسرائيلي) في سوريا تصبح أكثر إشكالية». ويتضح أن قيادة الجيش الإسرائيلي بحثت هذا الموضوع مع رئيس أركان القوات المشاركة للجيش الأميركي الجنرال جوزيف دانفورد خلال شهر مايو (أيار) الماضي، ومع الرئيس ترمب نفسه.
من جانب آخر، الجيش في إسرائيل لا يعارض التفاهمات مع روسيا لكنه يفضل أن يكون ذلك عن طريق الولايات المتحدة وبشراكتها الكاملة، لأنه يحبذ تناول الموضوع الإيراني وكل توابعه مع واشنطن «التي تفهم وتتفهم أكثر من موسكو ماهية المصالح والاحتياجات الأمنية الإسرائيلية»، وفق مصدر مطلع. ويعتقد قادة الجيش، كما يتضح من تحليلات «معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب»، الذي يضم مجموعة كبيرة من الجنرالات الإسرائيليين والباحثين الأميركيين، أن «انتخاب الرئيس دونالد ترمب أوجد بيئة جديدة ومختلفة تجاه الوضع السوري. فالأميركيون يعتمدون على روسيا لكي تنجز اتفاقاً في سوريا يأخذ مصالح واشنطن بالاعتبار. وينبغي على إسرائيل أن تتوصل إلى رزمة مصالح مشتركة مع الأميركيين تتجاوب مع المطالب الإسرائيلية». ومع أن هناك قناعة بأن المطالب الإسرائيلية «ذهبت بعيداً في طموحاتها»، فإنها - وفق المصادر - «تبدو نقطة بداية ملائمة».

«سيناريوهات» عسكرية سياسية
ثم إن نتنياهو من جهته، لا يسمح لنفسه بالدخول في تناقض مع الجيش لأنه يحتاج إلى استخدامه في عملية الضغط على اللاعبين في سوريا. وإذا كان النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا يقتصر حالياً على تنفيذ غارات محدودة موجّهة فقط إلى قوات «حزب الله» وبعض الأفراد الإيرانيين الذين يقتربون من الحدود وبعض مرافق جيش النظام السوري، فإن السيناريوهات المستقبلية قد تختلف. ومَن يتابع تدريبات الجيش الإسرائيلي في هضبة الجولان المحتلة، يلاحظ أنها صارت تأخذ بالاعتبار احتمال الدخول في مواجهة شاملة واحتلال بلدات أيضاً. ومن ضمن هذه «السيناريوهات» توسيع الحرب وتفجيرها في عدة جبهات في آن واحد. وهي تشمل أيضاً ضرب الميناء الذي تنوي إيران بناءه في مدينة اللاذقية، بل تتحدث المصادر عن تدميره قبل أن يكتمل بناؤه.
نتنياهو يقول عملياً إن على إسرائيل إظهار أنها جادة جداً في مطالبها إزاء سوريا. وإن لم ينفع الضغط السياسي «ينبغي توجيه ضغوط أشد حزماً». ولكي يجنّد الجيش إلى جانبه، فهو يواصل الحوار مع قادته بمشاركة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان القريب من فكره.
إلا أن ليبرمان يتميّز أيضا بقربه من موسكو. وهو لا يريد أي مساس بالعلاقات معها ويؤمن بأن مصالح إسرائيل وروسيا في سوريا متقاربة أكثر من كل تصوّر. وهو - أي ليبرمان - يعتقد أن هناك بوادر كثيرة تؤشر لاصطدام مصالح روسيا مع إيران ومع «حزب الله». وحقاً، قدّمت المخابرات العسكرية في الجيش الإسرائيلي تقريراً بحثياً يلخص الانتقادات الشديدة التي تسمع في طهران ضد الروس واعتبرتها «تصدعاً غير عابر». ولذا يطلب وزير الدفاع التريث في اتخاذ موقف استراتيجي وتعميق الحوار مع الروس بموازاة الحوار مع واشنطن كي يصبح متاحاً التوصل إلى موقف أفضل.
في ضوء ما تقدم، لم يبلور الكابينت الإسرائيلي – على الأقل علانية بعد – موقفاً ثابتاً من الملف السوري. وهو يواصل الأبحاث بالتوازي مع محاورة موسكو وواشنطن.
أما بالنسبة للشارع الإسرائيلي، فكثرة من الإسرائيليين يخشون من الانزلاق إلى حرب لا يريدونها ويتمنون ألاّ يقع خطأ ما يجر إليها. ولكن، ليس كل الإسرائيليين ضد وقوع هذه الحرب. فالانطباع السائد عند بعضهم أن الوضع في سوريا يشكل فرصة لا يجوز لإسرائيل أن تضيعها من أجل الحصول على «حصتها» من الكعكة.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.