تركيا تكشف توزيع المراقبين في مناطق {خفض التصعيد} الأربع

واشنطن تطمئن أنقرة بشأن معركة الرقة وتسليح الأكراد

سوريون من عين ترما في غوطة دمشق يعبرون أمام بناء مدمر (أ. ف. ب)
سوريون من عين ترما في غوطة دمشق يعبرون أمام بناء مدمر (أ. ف. ب)
TT

تركيا تكشف توزيع المراقبين في مناطق {خفض التصعيد} الأربع

سوريون من عين ترما في غوطة دمشق يعبرون أمام بناء مدمر (أ. ف. ب)
سوريون من عين ترما في غوطة دمشق يعبرون أمام بناء مدمر (أ. ف. ب)

كشفت أنقرة عن تفاصيل تتعلق بتأمين مناطق تخفيف التوتر في سوريا والتي اتفق على إقامتها بضمانة من روسيا وتركيا وإيران بموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه في مايو (أيار) الماضي بوساطة روسية.
وأعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التركية إبراهيم كالين، في تصريحات أمس الخميس، أن تركيا وروسيا ستنشران جنودا لهما في محافظة إدلب، قائلا: ««سنكون حاضرين بقوة في منطقة إدلب مع الروس، وفي الغالب روسيا وإيران ستكونان حول دمشق ويجري إعداد آلية تشمل الأميركيين والأردن في الجنوب في منطقة درعا». ولفت إلى أن روسيا اقترحت إرسال قوات من كازاخستان وقيرغيزستان إلى مناطق تخفيف التوتر للفصل بين قوات النظام والمعارضة.
ونقلت قناة «خبر تورك» عن كالين قوله، إن مناطق تخفيف التوتر التي اتفقت عليها تركيا وروسيا وإيران ستخضع لنقاش آخر خلال الجولة الجديدة من اجتماعات آستانة عاصمة كازاخستان في مطلع يوليو (تموز) المقبل.
وقال كالين إن تركيا وروسيا وإيران تعمل معا بشأن الخدمات اللوجيستية في مناطق تخفيف التوتر الأربع التي اتفق عليها بين روسيا وتركيا وإيران في مذكرة وقعت في 4 مايو (أيار) الماضي في إدلب والمناطق المجاورة ومحافظات حماة وحلب واللاذقية.
في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن أفضل حل للأزمة السورية هو السياسي، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الأمر مرهون بمدى القدرة على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في هذا البلد، وأن بلاده تبذل مساعي كبيرة لحل الأزمات العالقة في منطقة الشرق الأوسط، والحيلولة دون توسع نطاقها.
وقال جاويش أوغلو، للصحافيين المرافقين له في زيارته الحالية لليابان، إن الأزمة السورية أخذت طابعا عالميا، وتفاقمت إلى درجة أنها باتت تؤثر في العالم بأسره، وإن سوريا يحكمها نظام غير قادر على إدارة البلاد، كما أن بعض الجهات الإقليمية الفاعلة (لم يحددها) تنتهج أسلوبا خاطئا في مساعيها لحل الأزمة السورية.
جاء ذلك في وقت أبلغ فيه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن بلاده «ستسترد الأسلحة التي قدمتها لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا بمجرد هزيمة تنظيم داعش».
وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية أمس، إن ماتيس بعث برسالة إلى وزير الدفاع التركي فكري إيشيك أكد فيها أن الولايات المتحدة أبلغت تركيا بالأسلحة التي قدمتها لوحدات حماية الشعب، وأنها ستمدها بقوائم شهرية لهذه الأسلحة، كما ستتخذ إجراءات حازمة لمعالجة المخاوف الأمنية التركية، وأن العرب سيمثلون 80 في المائة من القوات التي ستسعى لاستعادة مدينة الرقة السورية من قبضة «داعش». وكانت تركيا دفعت بمزيد من التعزيزات العسكرية في مواجهة المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا، وأرسلت على مدى أقل من أسبوعين تعزيزات إلى هذه المناطق 3 مرات وكثفت من وجودها بمواجهة عفرين.
ونقلت وكالة «رويترز» عن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومصادر من المعارضة والأكراد، أن القوات التركية عبرت الحدود خلال الـ24 ساعة الماضية، وتوجهت صوب مناطق إلى الجنوب من بلدة أعزاز التي تسيطر عليها فصائل من «الجيش السوري الحر» مدعومة من تركيا، وإلى الجنوب من أعزاز توجد مناطق تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتلها تركيا في شمال سوريا.
وأفاد «المرصد» بأن «التعزيزات تأتي في إطار الاستعدادات لشن القوات التركية وحلفائها من فصائل الجيش الحر هجمات مشتركة جديدة على وحدات حماية الشعب الكردية في تلك المنطقة من شمال غربي سوريا، كما أن المنطقة معزولة عن الأراضي الرئيسية التي تسيطر عليها الوحدات وحلفاؤها في الشمال الشرقي».
في المقابل، أكدت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» أن تركيا تعزز قواتها في مناطق الحدود تحسبا لأي طارئ أو وقوع تهديدات من جانب المناطق الخاضعة للأكراد في سوريا.
ورأت المصادر أن رسالة وزير الدفاع الأميركي لنظيره التركي استهدفت طمأنة تركيا إلى أنه لن تحدث تهديدات من جانب الأكراد المتحالفين مع واشنطن في قوات «قسد» للأراضي التركية بعد تهديد أنقرة بأنها قد تتدخل في عملية الرقة إذا شكلت أي تهديد لها.
وكان رتل عسكري تركي يضم جنوداً وعتاداً وآليات، دخل إلى مناطق في ريف حلب الشمالي، الأربعاء. وقال: «المرصد» إن الرتل توجه إلى ريف اعزاز الجنوبي، في المنطقة الواقعة تحت سيطرة الفصائل والمتاخمة لمناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» بين مدينتي اعزاز ومارع بريف حلب الشمالي. وأكد مقاتل من جماعة معارضة تساندها تركيا، أن أنقرة أرسلت مزيدا من القوات. وقال مصطفى سيجري من «لواء المعتصم» إن «القوات التركية موجودة داخل الأراضي السورية وهي عبارة عن تعزيزات ضخمة دخلت».
وقالت مصادر في «الجيش السوري الحر» شمال حلب: إن العملية المتوقعة ستستهدف تل رفعت ومنغ والشيخ عيسى التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» وتمتد هذه المناطق بين مدينة مارع شرقاً ومنطقة دير جمال غرباً، في وقت رأى المسؤول الإعلامي في «حزب الاتحاد الديمقراطي» في أوروبا إبراهيم إبراهيم، أن روسيا تغض النظر عن التوغل التركي «لأنها تسعى لتشكيل ضغط علينا للقبول بشروط يضعها النظام في أكثر من مكان شمال سوريا والحصول على تنازلات من قوات سوريا الديمقراطية»، لافتا أن المدفعية التركية «تقصف مناطق محيطة بمناطق التواجد الروسي، ومع ذلك لا تقوم روسيا بالرد».
وقال مصدر: «التهديد التركي بالتوغل حرب نفسية ليس أكثر، لأن تركيا موجودة في سوريا أصلا». وما إذا كانت التهديدات بالحرب جدية، أوضح إبراهيم أن «الإيرانيين والأتراك والنظام السوري يتفقون على محاربة مشروع الفيدرالية في شمال سوريا»، لكنه شدد على أن الولايات المتحدة «لن تتخلى عن الأكراد». وقال: «لم تثبت الولايات المتحدة قواعد عسكرية وتقدم القوات وتدرب المقاتلين على سبيل محاربة (داعش)؛ كي تتخلى عن أصدقائها. هذه قناعتنا، واشنطن باقية، وأي ترجيحات بأنها تخلت عنا فتلك أوهام».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.