• الفيلم: It Comes at Night
• إخراج: تري إدوارد شولتز
• تمثيل: جووَل إدجرتون، كريستوفر أبوت، كارمن إيجغو.
• النوع: أميركي | رعب
• تقييم: ★★★★
من حين إلى آخر يطل علينا فيلم هو أكثر من شريط رعب يريد بث الخوف في الأوصال. «يأتي ليلاً» هو أحد هذه الأفلام. رعب في الجوهر وسياسي في أطرافه مع تدوين ذكي للعلاقات الاجتماعية المترابطة ضمن العائلة الواحدة… أو غير المترابطة في وقت واحد.
يبدأ الفيلم بمشهد صادم رغم أنه معالج بهدوء من الخارج (إدارته وتنفيذه) ومن الداخل (إيقاعه وحركة من فيه). يؤسس المشهد لعائلة من أربعة أشخاص: رجل أبيض وزوجته السمراء وولدهما المختلط ووالد الأب. هذا الأخير مريض يتنفس بصعوبة ويبدو أنه أقرب إلى موت مؤجل منه إلى سنوات أخرى من الحياة. يقوده ابنه إلى الغابة المحيطة بذلك البيت المعزول، وينفذ فيه حكم إعدام. من ناحية هو فعل رحمة، ومن ناحية أخرى هو فعل جريمة. الفيلم سيترك القرار لك ولو إلى حين.
ما يؤسسه المخرج في السيناريو الذي كتبه بنفسه، وما ينقله إلى الشاشة، هو تعليق اجتماعي صارم كحال بعض أفضل ما شوهد من أفلام رعب خلال عقود. مثل أفلام جورج أ. روميرو حيث الوباء المنتشر ليس سوى انعكاس لحالة التسيب السياسي والاجتماعي المشحون بالتوتر بين الأحياء المحاصرين بالموبوءين. تبعاً لألوانهم العنصرية كما لطبقاتهم الاجتماعية.
بعدما ودّع بول (إدجرتون) والده بقتله يمسح المخرج تري إدوارد شولتز المكان ومن فيه بقدر من الإمعان. البيت كبير إلى حد والعائلة التي تخلصت من عبء أحد أفرادها تبدو كما لو أنها تأقلمت مع عزلتها في تلك الغابة منذ فترة بعيدة. المكان يشبه الحصن والماء والزرع والدواجن تمنح ساكنيه لا الاحتياجات الضرورية للحياة من دون أي دافع لزيارة المدينة فقط، بل ذلك النوع من الأمان الذي يوحي الفيلم بأنه لم يعد ممكناً في عالم اليوم.
بعد قليل يستقبل بول عائلة أخرى مؤلفة من أربعة أشخاص جاءت في البداية تطلب ماءاً. زوجته سارا (كارمن إيجغو) تسر له بأنه من الأفضل استقبال تلك العائلة المشردة وإيوائها على أن يتركها تمضي؛ خوفاً من أن تقوم لاحقاً بالإغارة على المكان وتهديد حياتهم. هذا وحده يوحي بأننا في فترة زمنية غامضة لا ندري ما حل لباقي العالم فيها. هل يتحدث الفيلم عن حياة بعد الكارثة الكبرى؟ أم هل هو يصوّر الحاضر ذاته بمنظور واقعي داكن؟
إذن، يجد بول نفسه وقد استقبل عائلة أخرى في البيت ضيوفاً إلى وقت معلوم. في البداية ترطب المعايشة قليلاً من جو العزلة. لكن لا شيء في فيلم شولتز يبقى على حاله. التوتر يزداد بين أفراد العائلتين وبول يشعر بالضغط. الجريمة التي ارتكبها بقناعة في مطلع الفيلم هي التي تتراءى له بصفتها احتمالا واردا للتخلص من خطر ينبع من الداخل.
ما ينبع من الداخل هو شرخ اجتماعي ضمن العائلة الواحدة وقبل أن يكون بين عائلتين. استخدام المخرج لكلمة It لوصف «ما يأتي ليلاً» يحمل صفات واقتراحات كثيرة. يوحي بأننا أمام حالة لا يمكن فهمها وما يلبث الفيلم أن يؤكد أن هذا هو مرماه في النهاية.
خلال السنوات الأخيرة ازداد عدد الأفلام التي تتحدث عن رجال اختاروا العزلة الكاملة التي تم اختراقها بواقع مضاد وفي أحيان بعنف. إنه كما لو أن هناك تحولاً في عملية البحث عن الأمان. لم يعد المطلوب الدفاع عن القيم والمحافظة على الحياة المدنية كما هي، بل الانزواء إلى حيث يمكن الدفاع عن العائلة الواحدة. «يأتي ليلاً» يضيف أن هذا الإنزواء ليس الجواب وأن الخطر ينبع من داخل النفس البشرية.