طيران النظام والروس ينقلب على هدنة درعا

هجوم على حي جوبر من 3 محاور بالطائرات والصواريخ

طفل من بلدة حرستا بالغوطة الشرقية لدمشق وسط مساعدات إغاثية وصلت من الأمم المتحدة أول من أمس (إ.ف.ب)
طفل من بلدة حرستا بالغوطة الشرقية لدمشق وسط مساعدات إغاثية وصلت من الأمم المتحدة أول من أمس (إ.ف.ب)
TT

طيران النظام والروس ينقلب على هدنة درعا

طفل من بلدة حرستا بالغوطة الشرقية لدمشق وسط مساعدات إغاثية وصلت من الأمم المتحدة أول من أمس (إ.ف.ب)
طفل من بلدة حرستا بالغوطة الشرقية لدمشق وسط مساعدات إغاثية وصلت من الأمم المتحدة أول من أمس (إ.ف.ب)

شهدت الجبهة الجنوبية، أمس، تطورات عسكرية تمثلت باستئناف الطائرات الروسية والسورية، قصفها لأحياء مدينة درعا الواقعة تحت سيطرة فصائل الجيش الحرّ، وكذلك السهول والمزارع المحيطة بمدينة درعا من الجهة الشرقية والغربية، مستخدمة قنابل النابالم الحارقة والبراميل المتفجرة والألغام البحرية والصواريخ الفراغية، في وقت تجددت فيه المعارك في حي جوبر الواقع في الطرف الشرقي للعاصمة دمشق، إثر محاولة قوات النظام والميليشيات الموالية له، اقتحام الحي من محاور عدّة، وقصفه بالطائرات الحربية وراجمات الصواريخ.
وأفادت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة، بأن «الطائرات المروحية حلقت بشكل مكثف بعد منتصف ليل الاثنين (الثلاثاء)، لتشن عشرات الغارات الجوية، وتنهي الهدنة التي أعلن عنها النظام قبل 3 أيام»، مشيرة إلى أن «الغارات ترافقت مع قصف بصواريخ الفيل وراجمات الصواريخ وقذائف المدفعية على أحياء درعا البلد وطريق السد ومخيم درعا»، ولفتت إلى أن «الميليشيات الشيعية حاولت التسلل عبر السهول الغربية».
وعمد النظام إلى تغيير استراتيجيته العسكرية في درعا، حيث صرح قائد عسكري في الجيش الحرّ هناك لـ«الشرق الأوسط»، بأن «النظام الذي عجز عن إحراز أي تقدّم باتجاه حي المنشية ومخيم درعا، شنّ هجوماً تقدم إلى قاعدة الصواريخ الجوية جنوب الواقعة تحت سيطرة المعارضة غرب درعا، وسيطر عليها لمدة لم تتجاوز 3 ساعات»، مؤكداً أن «الفصائل المنضوية تحت غرفة عمليات (البنيان المرصوص)، تمكنت من استعادتها وتكبيد النظام والميليشيات خسائر مادية وبشرية رغم كثافة القصف والغارات الجوية التي طالت المنطقة ووصلت إلى داخل الأراضي الأردنية». وأوضح أن «فصائل الجيش الحر الموجودة في القنيطرة، أرسلت تعزيزات عسكرية جديدة إلى درعا، إثر التصعيد الذي لجأ إليه النظام والميليشيات الطائفية، بدعم من الطائرات الروسية».
وأعلنت غرفة عمليات «البنيان المرصوص»، «إعطاب دبابة بالقرب من كتيبة الدفاع الجوي المعروفة باسم (القاعدة) الواقعة غرب مدينة درعا، وذلك بعد محاولة تسلل فاشلة قامت بها الميليشيات الشيعية إلى المنطقة»، مشيرة إلى أن «الثوار نفذوا كميناً للميليشيات وتمكنوا من محاصرتها، مما أدى إلى قيام الطيران الروسي وطيران النظام بقصف المنطقة بشكل عنيف جداً».
بدوره، أعلن الناشط الإعلامي في درعا حميد ناصير لـ«الشرق الأوسط»، أن «القصف المدفعي والصاروخي العنيف استهدف كل أحياء مدينة درعا المحررة، ومحيط بلدة بيت جن بريف دمشق الغربي، وبلدة المزيريب ومنطقة بير قصب بريف السويداء الشرقي». وأشار إلى أن «غرفة عمليات رص الصفوف دمرت قاعدة صواريخ (فيل) تابعة للنظام داخل المنطقة الصناعية بدرعا». وقال إن «الاشتباكات امتدت إلى محيط القاعدة العسكرية جنوب غربي حي سجنة، على الحدود السورية - الأردنية».
وكان حي جوبر الدمشقي استفاق فجر أمس، على هجوم عنيف شنّه النظام وميليشياته على 3 محاور، مستخدماً راجمات الصواريخ والأسلحة الثقيلة، تحت غطاء جوي كثيف، وأعلن «فيلق الرحمن»، أكبر فصائل المعارضة التي ترابط في الحي، عن «صدّ الهجوم، وتدمير دبابة وآليات عسكرية للقوات المهاجمة»، مشيراً إلى أن المعارك ترافقت مع غارات نفذتها طائرات روسية وأخرى تابعة للنظام على الحي، وبلدات عربين وعين ترما وحزة في الغوطة الشرقية، ومع قصف بصواريخ الفيل وقذائف المدفعية الثقيلة.
ويعدّ حي جوبر آخر أحياء العاصمة دمشق، الذي لا يزال تحت سيطرة المعارضة، بعدما أبرمت أحياء القابون وتشرين وبرزة، اتفاقات مصالحة مع النظام، أفضت إلى خروج مقاتلي المعارضة مع عائلاتهم منها، وحتى المدنيين الرافضين لهذه الاتفاقات.
ولم يكن الهجوم على حي جوبر وليد ساعته، إنما كان مخططاً له مسبقاً، وفق وائل علوان الناطق الرسمي باسم «فيلق الرحمن»، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات النظام بدأت فجر أمس هجوماً على 3 محاور، الشمالي والشمالي الشرقي، ومحور الجنوب الشرقي، لكن الهجوم لم يكن مباغتاً، لأن «فيلق الرحمن» كانت لديه معلومات عن الاستعدادات لاقتحام الحي، «وقد تم التصدي للهجوم، ولم يتمكن من تحقيق أي تقدم، في حين تكبّد النظام وحلفاؤه خسائر جراء قصف الثوار مواقعه في حي العباسيين».
ولا يبدو أن العمليات العسكرية التي نفذها النظام على جوبر ستتوقف عند هذا الحدّ، على حدّ تعبير وائل علوان، الذي قال إن «الهجوم مؤشر لبدايات معركة طويلة، نحن مستعدون لها، لا سيما أن فيلق الرحمن كان يتحضّر لمواجهة كهذه، حيث عمل على تحصين المنطقة عبر حفر الأنفاق أو بناء الدشم والمتاريس ورفع السواتر»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «النظام سيعجز عن الحسم عسكرياً، لأن المعركة الآن هي معركة عضّ أصابع».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».