السعودية تخفض المزيد من شحنات النفط... والأسواق لم تتوازن حتى الآن

الفالح غير قلق من «الطفرة المؤقتة» للمخزونات

السعودية تخفض المزيد من شحنات النفط... والأسواق لم تتوازن حتى الآن
TT

السعودية تخفض المزيد من شحنات النفط... والأسواق لم تتوازن حتى الآن

السعودية تخفض المزيد من شحنات النفط... والأسواق لم تتوازن حتى الآن

بعد ثلاثة أسابيع متتالية من تسجيل أسعار النفط في نيويورك هبوطاً أسبوعياً، يبدو أن السعودية بدأت في أخذ خطوات أكبر من أجل التأكد من أن المخزونات النفطية العالمية ستهبط في الأشهر والأسابيع المقبلة.
حيث نقلت وكالة «رويترز» بالأمس عن مصادر مطلعة إن السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، ستقيد كميات النفط الخام إلى بعض المشترين الآسيويين في يوليو (تموز)، بينما ستعمق خفض مخصصات النفط إلى الولايات المتحدة. ونقلت وكالة بلومبيرغ بالأمس كذلك أن التخفيضات للولايات المتحدة، حيث المخزونات النفطية لا تزال مرتفعة، قد تصل إلى 300 ألف برميل يومياً.
وحتى على مستوى التصريحات، فإن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قد أكد هو ونظيره الروسي إلكساندر نوفاك يومي السبت والأحد للصحافيين في كازاخستان أن المخزونات النفطية متجهة للانخفاض خلال الأشهر المقبلة، مما يعني تحقيق اتفاق تخفيض الإنتاج بين 24 دولة من كبار المنتجين في العالم لأهدافه.
إلا أن واقع السوق لا يزال مختلفاً. ففي الأسبوع المنتهي في 2 يونيو (حزيران) الحالي، وبعد خمسة أسابيع من انخفاض المخزونات الأميركية، صعدت المخزونات بصورة مفاجئة بنحو 3.3 مليون برميل لتتسبب في هبوط أسعار النفط بنحو 4 في المائة. إلا أن الفالح قال للصحافيين في العاصمة الكازاخستانية آستانة إن ما حدث الأسبوع الماضي ليس بالأمر المقلق، حيث إن هذه مجرد طفرة مؤقتة وستعود المخزونات للانخفاض في الأسابيع المقبلة.
لكن كيف يمكن للمخزونات النفطية أن تهبط وتعود إلى مستواها الطبيعي والمقبول والذي تحدده الصناعة النفطية بمستوى متوسط الخمس سنوات؟
الأمر في غاية السهولة والصعوبة كذلك، فحتى تهبط المخزونات فإن على كل الدول الداخلة في اتفاق تخفيض الإنتاج الالتزام بالكمية التي أعلنوا عنها، والبالغة 1.8 مليون برميل يومياً، والمقسمة إلى 1.2 مليون برميل يومياً بالنسبة لدول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) و558 ألف برميل يومياً للدول خارجها والتي من بينها روسيا.
إلا أن ما يحدث حتى الآن هو أن بعض الدول تقوم بتخفيض إنتاجها فيما تزيد من صادراتها، ولهذا تظهر معدلات الالتزام بصورة جيدة فيما تظل المخزونات عالمياً مرتفعة. والأمر الأخر الذي أضعف من فاعلية الاتفاق هو طريقة قياس الالتزام حيث تقوم ستة جهات خارجية تعرف باسم «المصادر الثانوية» بقياس الإنتاج لدول «أوبك» بناء على مسوح شهرية قد لا تكون دقيقة في الغالب. فيما لا تزال طريقة قياس الدول خارج «أوبك» لا تخضع لأي رقابة خارجية.
وفي ظل هذا الوضع كان من الطبيعي أن تزيد الواردات النفطية للولايات المتحدة والتي انعكست على مستوى المخزونات. ففي الأسبوع المنتهي في 2 يونيو أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن واردات أميركا من «أوبك» ارتفعت إلى 3.51 مليون برميل يومياً خلال الأسبوع من 2.98 مليون برميل يومياً في الأسبوع الذي سبقه.
وليست المفاجأة هنا، بل كانت في أن السعودية خفضت صادراتها إلى الولايات المتحدة بأكثر من النصف لتصل إلى 612 ألف برميل يومياً، فيما ضاعفت العراق صادراتها بما يقترب من خمسة أضعاف لتقفز إلى 1.14 مليون برميل يومياً من 293 ألف برميل يومياً.
هذا الأمر يعني أن ما تقوم به السعودية بمفردها من أجل توازن السوق قد لا يؤدي إلى نتيجة سليمة وواضحة طالما أن هناك دولاً أخرى لا تقوم بالتنسيق معها والالتزام بمستوى عالي من التخفيضات في التصدير وليس فقط في الإنتاج.
وترتفع مخزونات النفط الأميركية حالياً بنحو 123 مليون برميل عن متوسط الخمس سنوات. ويرى محللو شركة «بيرنستين» أن على المخزونات الأميركية أن تظهر سحوبات بمقدار 4 ملايين برميل أسبوعياً من الآن وحتى أواخر العام الحالي، حتى تعود لمستوى الخمس سنوات.
وبناء على تقرير صادر بالأمس من «بيرنستين»، فإن صادرات دول «أوبك» الأحد عشر الموقعين على اتفاق خفض الإنتاج انخفضت بنحو 500 ألف برميل يومياً منذ مطلع العام وحتى مايو (أيار). وإذا ما تم احتساب كمية الصادرات التي زادت من ليبيا ونيجيريا التي تم استثنائهما من الاتفاق بسبب ظروفهم السياسية والتشغيلية فإن صادرات «أوبك» لم تنخفض سوى بنحو 300 ألف برميل يومياً خلال الخمس الأشهر الأولى من العام، وهي كمية ليست كافية لإعادة التوازن للسوق.
ويقول محللو بيرنستين إن أحد الأسباب التي تؤدي للتساؤل حول مدى التزام دول «أوبك» بالاتفاق هو الزيادة الملحوظة في المخزونات عالمياً.
ويقدر التقرير حجم الزيادة في المخزونات النفطية في الدول الصناعية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي من بينها الولايات المتحدة وكوريا واليابان، ارتفع بنحو 40 مليون برميل خلال الربع الأول من العام الحالي. ومن المحتمل أنها زادت بنحو 15 مليون إضافية في شهر أبريل (نيسان). ورغم احتمالية هبوطها في مايو، فإنها تظل مرتفعة بنحو 30 مليون برميل يومياً عن بداية العام.
وأصبحت مسألة زيادة صادرات «أوبك» واضحة للجميع، حيث أظهر تقرير من مصرف مورغان ستانلي الأسبوع الماضي أن صادرات الدول بحسب ما تظهر بيانات تتبع الناقلات قد زادت في مايو بنحو 2.2 مليون برميل يومياً عن مستوى أبريل.
وأمام كل هذه المعطيات لا تزال السعودية تعمل بمفردها من أجل دعم الأسعار التي لا ترضي أحداً. وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها لـ«رويترز» إن شركة النفط الحكومية السعودية «أرامكو» ستورد أيضاً جميع كميات النفط المتفق عليها لخمسة مشترين آسيويين على الأقل، وبشكل أساسي في شمال آسيا، وإنها ستخفض الإمدادات لبعض العملاء في الهند والصين وكوريا الجنوبية.
وأشارت المصادر إلى أن خفض مخصصات الخام إلى آسيا في يوليو سيكون أكبر بقليل من شهر يونيو. وأخطرت «أرامكو» مصافي آسيوية الشهر الماضي بأنها ستخفض إمدادات النفط إلى آسيا بنحو سبعة ملايين برميل في يونيو، وهو أول خفض لتلك المنطقة منذ بدء سريان اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده أوبك في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال مصدران إن مخصصات النفط إلى الولايات المتحدة جرى تخفيضها بدرجة كبيرة بيد أن «أرامكو» أبقت كميات أوروبا دون تغيير يذكر.
وبحسب خطط يوليو، ستخفض «أرامكو» إمداداتها للهند والصين، بينما ستورد الكميات المتعاقد عليها بالكامل للمشترين في اليابان وتايوان حسبما قال مصدر مطلع. كما جرى خفض الإمدادات لمصفاة في كوريا الجنوبية.



المعاهد الألمانية: الاقتصاد «عالِق في مرحلة نمو ضعيف»

حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)
حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)
TT

المعاهد الألمانية: الاقتصاد «عالِق في مرحلة نمو ضعيف»

حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)
حافلة مزدوجة الطوابق تمر أمام حي فرانكفورت المالي (رويترز)

استقرَّ الاقتصاد الألماني لكنه لا يزال عالقاً في مرحلة نمو ضعيف، مع توقُّع أن يوفر التوسُّع المالي المخطط له بدءاً من العام المقبل زخماً محدوداً، وفقاً لـ3 معاهد اقتصادية ألمانية قالت ذلك يوم الخميس.

وخفَّض معهد «إيفو» توقعاته للنمو بين 2025 و2027، متوقعاً نمواً بنسبة 0.1 في المائة لهذا العام، انخفاضاً من 0.2 في المائة سابقاً. ويتوقَّع نمواً بنسبة 0.8 في المائة في العام المقبل و1.1 في المائة في 2027، ما يقلل التوقعات لكلا العامين بمقدار 0.5 نقطة مئوية، وفق «رويترز».

وقال تيمو فولمرشويزر، رئيس قسم التوقعات في «إيفو»: «الاقتصاد الألماني يتكيف ببطء شديد وبتكلفة عالية مع التحول الهيكلي عبر الابتكار والنماذج التجارية الجديدة». وأضاف أن الشركات، خصوصاً الشركات الناشئة، تواجه عوائق؛ بسبب البيروقراطية والبنية التحتية القديمة.

ولا تزال التعريفات الأميركية تؤثر بشكل ملحوظ على قطاع التصدير الألماني. ووفقاً لتوقعات «إيفو»، ستُخفِّض التعريفات الأعلى النمو بنسبة 0.3 نقطة مئوية في 2025، وبنسبة 0.6 نقطة مئوية في 2026.

ويتوقَّع معهد «كيل» نمو الاقتصاد الأوروبي الأكبر بنسبة 1 في المائة العام المقبل، انخفاضاً من توقعاته في الخريف البالغة 1.3 في المائة، ويتوقَّع توسعاً بنسبة 1.3 في المائة في 2027، وهو أعلى قليلاً من توقعاته السابقة البالغة 1.2 في المائة. ويتوقع نمواً بنسبة 0.1 في المائة فقط لهذا العام بعد عامين من الانكماش الاقتصادي. وأوضح معهد «كيل» أن معدلات النمو القوية الظاهرية في 2026 و2027، المدفوعة جزئياً بالتحفيز الحكومي وزيادة أيام العمل، ستخفي استمرار ضعف الظروف الأساسية. وقال التقرير: «لا يوجد حتى الآن انتعاش ذاتي مستدام في الأفق».

على المنوال نفسه، خفَّض معهد «لايبنيز» لأبحاث الاقتصاد توقعاته للنمو في 2026، وحذَّر من أن برلين تنفذ الاستثمارات العامة في البنية التحتية ببطء شديد لتعويض ضعف الطلب وتراجع الاستثمارات الخاصة. ويتوقع المعهد أن ينمو الاقتصاد الألماني بنسبة 0.1 في المائة في 2025، يليه نمو بنسبة 1 في المائة في 2026، و1.4 في المائة في 2027 دون تغيير عن توقعاته السابقة. وكان المعهد قد توقع سابقاً نمواً بنسبة 0.2 في المائة لهذا العام و1.1 في المائة للعام المقبل.

وأشار المعهد إلى أن التحفيز المنتظر من صندوق خاص للبنية التحتية والحياد المناخي بقيمة 500 مليار يورو لم يبدأ بعد في إحداث أثر ملموس. وقال تورستن شميدت، كبير الاقتصاديين في معهد «لايبنيز»: «كلما تأخر وصول التحفيز وفشلت الإصلاحات الأساسية في التحقق، زاد الضرر على الاقتصاد الألماني».

وشهد الاقتصاد الألماني ركوداً في الرُّبع الثالث، وبحسب المعهد، لا توجد علامات على تحوّل واضح حتى نهاية العام.

ويتوقع معهد «كيل» أن يتسع العجز في موازنة الحكومة العامة من 2.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025 إلى 4 في المائة في 2027 مع زيادة الإنفاق العام. ومن المتوقع أن تتعافى سوق العمل تدريجياً مع انتعاش النشاط، مع انخفاض معدل البطالة من 6.3 في المائة هذا العام إلى 5.9 في المائة في 2027، مع تحجيم المكاسب الأكبر في التوظيف تدريجياً؛ بسبب النقص الديمغرافي في العمالة.


توقعات متفائلة من البنك الدولي لنمو الصين

أحد المشاة  يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
أحد المشاة يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT

توقعات متفائلة من البنك الدولي لنمو الصين

أحد المشاة  يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
أحد المشاة يعبر الطريق في وسط العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

أظهر تقرير جديد للبنك الدولي أن الاقتصاد الصيني حافظ على صلابة واضحة في الربع الثالث من عام 2025، مما دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية العام إلى 5.2 في المائة على أساس سنوي، وهو أداء يتجاوز التوقعات السابقة، ويعكس قدرة ثاني أكبر اقتصاد في العالم على التكيّف مع التحديات المحلية والخارجية.

وفي التحديث الاقتصادي للصين الصادر الخميس، قدّر البنك الدولي أن يبلغ النمو السنوي لعام 2025 نحو 4.9 في المائة، مع توقعات بنمو أقل عند 4.4 في المائة عام 2026، مرجعاً ذلك إلى استمرار ما وصفه بـ«الرياح المعاكسة» التي تشمل تباطؤ الطلب العالمي، وضعف الاستثمار الخاص، وضغوط قطاع العقارات.

ويأتي تقييم البنك الدولي في وقت رفعت فيه المؤسسة الدولية توقعاتها لنمو الصين بمقدار 0.4 نقطة مئوية مقارنة بالتقديرات السابقة. وقالت مارا وارويك، مديرة قسم الصين ومنغوليا وكوريا لدى البنك الدولي، إن مزيجاً من السياسات النقدية والمالية التكيفية ساعد على تحفيز الاستهلاك المحلي ودعم الاستثمار، فيما أسهم الطلب القوي من الدول النامية في الحفاظ على متانة الصادرات الصينية.

وأكدت وارويك أن مستقبل النمو في الصين خلال السنوات المقبلة سيعتمد بدرجة أكبر على تنشيط الطلب المحلي، إلى جانب تعزيز الإصلاحات الهيكلية لنظام الحماية الاجتماعية وتهيئة بيئة أكثر استقراراً للشركات، بما يعزز الثقة ويمهّد لنمو مستدام وقوي.

• مرونة واضحة رغم الشكوك العالمية

وفي سياق متصل، أعلن بنك التنمية الآسيوي رفع توقعاته أيضاً لنمو الاقتصاد الصيني خلال العام الحالي، وإن كان بمقدار أكثر تواضعاً (0.1 نقطة مئوية). وأرجع البنك الزيادة إلى مرونة الصادرات الصينية، وبرامج التحفيز المالي المستمرة. وقال ألبرت بارك، كبير الاقتصاديين لدى البنك، إن الأسس الاقتصادية في آسيا والمحيط الهادئ تعزز أداء الصادرات، رغم حالة عدم اليقين التي فرضتها التحولات في السياسات التجارية العالمية، وخصوصاً الرسوم الجمركية الواسعة التي تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال العام الحالي.

• تعهدات محلية

وبالتوازي مع التقييمات الدولية، كشفت «وكالة شينخوا» الرسمية عن تفاصيل النقاشات التي شهدها مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين، الذي انعقد يومي 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، حيث وضع كبار قادة الصين الخطوط العريضة للسياسات الاقتصادية لعام 2026.

وأوضح التقرير أن السلطات الصينية ستعمل على الحفاظ على عجز مالي «ضروري» لدعم النمو، ومعالجة الضغوط المالية للحكومات المحلية، وتعزيز التعديلات الدورية وغير الدورية لمواجهة تقلبات الاقتصاد، واتباع سياسة نقدية مرنة ومناسبة التيسير. ووفقاً للتقرير، ستستخدم بكين أدوات متنوعة تشمل خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك، وكذلك خفض أسعار الفائدة إذا اقتضت الظروف، بهدف تعزيز السيولة وتحفيز النشاط الاقتصادي دون إثارة مخاطر مالية مفرطة.

• توقعات وتحديات

وتشير القراءة المجمعة لتقارير البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي والجهات الرسمية في الصين إلى أن بكين تستعد لعام اقتصادي يتطلب قدراً أكبر من التحفيز وتدخّلات دقيقة لدعم الاستقرار. فبينما تظهر البيانات أن الاقتصاد قادر على تحقيق نمو متماسك بالقرب من 5 في المائة، فإن التحديات لم تختفِ بعد، وأبرزها تباطؤ قطاع العقارات الذي لا يزال يشكل عبئاً على ثقة المستثمرين، وضعف الطلب الخارجي نتيجة التقلبات الجيوسياسية، والضغوط المالية على الحكومات المحلية، والحاجة إلى تسريع إصلاحات قطاع الخدمات والحماية الاجتماعية.

ويرى محللون أن قدرة الصين على الحفاظ على زخم النمو ستعتمد على مدى التوازن الذي تحققه بين التحفيز قصير المدى والإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل، إلى جانب قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية وسط بيئة عالمية تتجه نحو الحمائية. ورغم التحديات، تبدو المؤشرات الأساسية للاقتصاد الصيني هذا العام أكثر مرونة مما كان متوقعاً. فاستقرار قطاعي الصناعة والصادرات، وتحسن إنفاق المستهلكين، ومنهج السياسات المالية والنقدية الأكثر دعماً، كلها عوامل تساعد في تثبيت النمو. ومع ذلك، يتفق الخبراء على أن عام 2026 سيظل عاماً حرجاً بالنسبة للصين، إذ سيتطلب إدارة ذكية للمخاطر، خصوصاً تلك المتعلقة بديون الحكومات المحلية وسوق العقارات، إلى جانب العمل على خلق بيئة أعمال جاذبة وشفافة تدعم الشركات الخاصة.


«المركزي الأوروبي» يقترح تبسيط قواعد رأسمال البنوك دون تخفيف الرقابة

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

«المركزي الأوروبي» يقترح تبسيط قواعد رأسمال البنوك دون تخفيف الرقابة

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

اقترح «البنك المركزي الأوروبي»، الخميس، تبسيط قواعد احتياطي رأسمال البنوك؛ في خطوة تهدف إلى تقليل بعض اللوائح المعقدة التي وُضعت بعد الأزمة المالية العالمية، وذلك دون تخفيف العبء التنظيمي الإجمالي.

ولطالما اشتكت البنوك من أن الرقابة أصبحت مرهقة، بينما تضغط جهات أخرى، خصوصاً الولايات المتحدة، لتقليص اللوائح وتخفيف قواعد رأس المال على أساس أن الرقابة تُقيد النشاط المصرفي.

لكن «البنك المركزي الأوروبي» شدد على أن التبسيط لا يعني خفض متطلبات رأس المال. وتركز مقترحاته، التي لا تزال رهن موافقة «المفوضية الأوروبية»، على دمج متطلبات رأس المال لتخفيف الصدمات المحتملة، بدلاً من تقليلها. وقال «البنك» في بيان: «تهدف هذه المقترحات إلى تبسيط الإطار مع الحفاظ على مرونة النظام المصرفي الأوروبي»، وفق «رويترز».

تبسيط الهيكل الرأسمالي

تتمثل توصية «البنك المركزي الأوروبي» الأولى في تبسيط تصميم متطلبات رأس المال والاحتياطات لدى البنوك، المعروفة باسم «هيكل رأس المال». ويهدف «البنك» إلى دمج طبقات الاحتياطات الحالية في طبقتين فقط: «احتياطي غير قابل للإفراج» و«احتياطي قابل للإفراج» يمكن للسلطات تخفيضه في أوقات الأزمات. ويضم «الاحتياطي الجديد القابل للإفراج» كلاً من «احتياطي رأس المال المضاد للدورات الاقتصادية»، و«احتياطي المخاطر النظامية»، اللذين يُبنيان عادةً خلال مراحل الاستقرار ويُفرج عنهما في فترات الانكماش.

مع ذلك، ستبقى توجيهات «الركيزة الثانية» غير الملزمة بشأن مستويات رأس المال منفصلة، بالإضافة إلى «الاحتياطي القابل للإفراج». كما يسعى «البنك» إلى تقليص إطار نسبة الرافعة المالية من 4 عناصر إلى عنصرين؛ فيشمل حداً أدنى بنسبة 3 في المائة واحتياطاً واحداً، يمكن تحديده بـ«صفر» للبنوك الصغيرة.

كما اقترح «البنك» توسيع ما يُعرف بـ«نظام البنوك الصغيرة» ليخضع المزيد من المقرضين لمتطلبات إشراف أبسط.

إصلاح السندات القابلة للتحويل

جادل «البنك» بأن قدرة «السندات القابلة للتحويل»، المعروفة باسم «أدوات الشريحة الأولى الإضافية (إيه تي1 - AT1)»، على امتصاص الخسائر «أصبحت موضع تساؤل»؛ لأن البنوك نادراً ما تستخدم هذه الأدوات عملياً. وقد اقتُرح خياران لإصلاح هذه السندات، بعد أن تصدرت عناوين الأخبار في 2023 حين شطب «كريدي سويس» سندات بقيمة 16.5 مليار فرنك سويسري خلال استحواذ مدعوم من الدولة على يد المنافس «يو بي إس».

في الخيار الأول، يمكن تعزيز أدوات «إيه تي1 - AT1» لضمان قدرتها على امتصاص الخسائر بشكل أكبر دون تعديل دورها، بينما يقترح الخيار الثاني استبعاد هذه الأدوات من هيكل رأس المال اللازم لاستمرارية العمل، مع مراعاة أن هذا قد يتعارض مع «قواعد بازل» ومبادئ التبسيط، ويؤدي إلى تغييرات في متطلبات رأس المال التنظيمي.

اختبارات الضغط المصرفية

دعا «البنك» أيضاً إلى إصلاح نطاق ومنهجية اختبارات الضغط المصرفية على مستوى «الاتحاد الأوروبي»؛ لجعلها أكبر فائدة للبنوك وللنظام المالي عموماً.

وستُعرض التوصيات، التي أقرها مجلس إدارة «البنك المركزي الأوروبي»، على «المفوضية الأوروبية» للنظر فيها، وقد يستغرق تنفيذ أي تغييرات فعلية شهوراً، إن لم يكن سنوات.