مسيرة حاشدة بالرباط تضامناً مع «حراك الريف»

غابت عنها أحزاب الغالبية... وغلب عليها أنصار «العدل والإحسان»

جانب من مظاهرة الرباط أمس ( تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من مظاهرة الرباط أمس ( تصوير: مصطفى حبيس)
TT

مسيرة حاشدة بالرباط تضامناً مع «حراك الريف»

جانب من مظاهرة الرباط أمس ( تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من مظاهرة الرباط أمس ( تصوير: مصطفى حبيس)

خرج الآلاف من المغاربة في مسيرة وطنية حاشدة بالعاصمة الرباط، أمس، للتضامن مع الحراك الشعبي بمدينة الحسيمة والمدن المجاورة لها بمنطقة الريف (شمال البلاد)، مطالبين السلطات بـ«الإفراج عن المعتقلين، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي، متزعم الحراك»، كما دعا المحتجون الدولة لإسقاط ما وصفوه بـ«عسكرة المنطقة، والاستجابة لمطالب السكان الاقتصادية والاجتماعية التي يعتبرونها عادلة».
وعرفت المسيرة مشاركة مكثفة لأعضاء جماعة العدل والإحسان شبه المحظورة، الذين شكلوا غالبية المشاركين في التظاهرة، بالإضافة إلى أحزاب تحالف فيدرالية اليسار والجمعية المغربية لحقوق الإنسان وعدد من الهيئات الحقوقية والمدنية الأخرى التي عاينت «الشرق الأوسط» حضورها في المسيرة.
وشارك في التظاهرة التضامنية أيضاً عدد من عائلات وأسر معتقلي الحراك، تقدمهم والدا المعتقل ناصر الزفزافي، حيث التف حولهم عدد من المتظاهرين الذين قدموا من مدن مختلفة مرددين هتافات تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين.
في المقابل، سجلت المسيرة غياباً شبه تام لأحزاب الغالبية الحكومية عن التظاهرة التضامنية مع حراك الريف الشعبي، بينما حضر الحزب الليبرالي المغربي (حزب صغير غير ممثل بالبرلمان)، وبدا لافتاً غياب رموز حزب العدالة والتنمية، وحركة التوحيد والإصلاح التي توصف بالذراع الدعوية للحزب، على الرغم من الانتقادات التي وجهها أمين عام الحزب، عبد الإله ابن كيران، لتعاطي وتدبير الحكومة مع ملف احتجاجات الريف.
ورفع المتظاهرون لافتات وشعارات مؤيدة للمطالب الاقتصادية والاجتماعية لسكان الريف، ورددوا في الآن ذاته شعارات مناوئة للسلطة والحكومة وشخصيات رسمية، وطالبوا بتنحيها في مشهد يعيد إلى الأذهان احتجاجات 2011 التي قادها شباب حركة «20 فبراير».
ولم تعرف التظاهر أي تدخل أمني ضد المحتجين، حيث عاينت «الشرق الأوسط» انتشار عدد محدود من رجال الأمن على هامش المسيرة لتأمينها، كما نصب رجال الوقاية المدنية خيمة بساحة البريد وسط العاصمة لتقديم الإسعافات الأولية لأي حالات إغماء يمكن أن تحدث في صفوف المتظاهرين، خصوصاً مع ارتفاع درجة الحرارة وتزامنها مع شهر رمضان.
وقال فتح الله أرسلان، نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، إن مشاركة الجماعة في المسيرة التضامنية مع حراك الريف أمر طبيعي، مؤكداً أن «المشكلات الاجتماعية بلغت حداً لا يطاق، ولا يمكن للشعب أن يحتمل المزيد من الظلم والاعتقال».
وأضاف أرسلان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المقاربات الأمنية التي اعتمدتها السلطات، وتدبيرها لهذا الملف بهذا المنطق «لن يزيد الأمر إلا اشتعالاً وتفاقماً»، كما دعا من سماهم «عقلاء الدولة» للتدخل والاستجابة لمطالب السكان، وأوضح: «نحن ندعو العقلاء في هذه الدولة إلى أن يأخذوا بزمام الأمور، وأن يتعاملوا مع أهل الريف على أنهم أبناؤنا وجزء لا يتجزأ من الوطن، ومطالبهم مشروعة ينبغي أن تتعامل معها الدولة بإيجابية».
واعتبر القيادي في «العدل والإحسان» أن «الكرة أصبحت في مرمى الدولة، وعليها إما أن تستجيب لهذه المطالب بكل تعقل وروية، ومن دون معركة لكسر العظام، أو أن مساحة الاحتجاج ستتوسع وبقعة الزيت ستزيد»، مشدداً على أنه «ما دام الناس يعانون، فلا يمكن أن يسكتوا عن حقهم».
من جهته، اعتبر أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن المسيرة تترجم «التعاطف الكبير مع سكان الريف، والاستنكار الشديد لحملة الاعتقالات التي تتعامل بها السلطات مع نشطاء الحراك»، وشدد على «ضرورة إطلاق سراح كل المعتقلين، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل شهر مايو (أيار)، وفتح باب الحوار مع قادة الحراك».
وأضاف الهايج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن المسيرة ستكون ناجحة «إذا استجابت السلطات لنداءات الشارع، وأعادت الأمور إلى نصابها»، مسجلاً أنه في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، وتنفيذ الاعتقالات بحق نشطاء الحراك، سيكون «علينا تكثيف وتيرة التضامن، ومؤازرة أهل وساكنة الريف».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».