نافذة على جامعة: جامعة ساسكس.. رائدة الجامعات الحديثة في بريطانيا

أحد مباني جامعة ساسكس
أحد مباني جامعة ساسكس
TT

نافذة على جامعة: جامعة ساسكس.. رائدة الجامعات الحديثة في بريطانيا

أحد مباني جامعة ساسكس
أحد مباني جامعة ساسكس

جامعة ساسكس هي إحدى كوكبة من الجامعات العصرية التي أسست في بريطانيا في النصف الثاني من القرن العشرين، وشكل جيل هذه الجامعات الدفعة التالية لدفعة «جامعات الآجر (أو القرميد) الأحمر» (The Red Brick Universities) التي أسست في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين في سبع من مدن إنجلترا الكبرى (برمنغهام ومانشستر وليفربول وليدز وشيفيلد وبريستول ونيوكاسل). ولقد حملت الدفعة الجديدة من الجامعات كسابقاتها «القرميدية» لقبا يعبر عن مكونات عمارتها، لقب «جامعات الصفائح الزجاجية» (The Plate Glass Universities) في إشارة إلى نمط معمارها العصري الذي تكثر فيه الأسطح الزجاجية.
ساسكس تعد أقدم «جامعات الصفائح الزجاجية»، حصلت على الشرعة الملكية التي أجازت تأسيسها في صيف عام 1961، وقامت مبانيها في ضاحية فالمر على مدخل مدينة برايتون، المنتجع البحري والسياحي الشهير بجنوب إنجلترا، غير أن المساعي الهادفة إلى تأسيس معهد تعليم عالٍ في برايتون كانت قد بدأت في أواخر عام 1911، لكن اندلاع الحرب العالمية الأولى عطل تلك المساعي وحولت المبالغ التي أمكن جمعها إلى الكلية البلدية التقنية، وهي معهد مهني.
ومن جديد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبالذات في عقد الخمسينات، دعي مجددا إلى تأسيس جامعة، وحصل المشروع على الموافقة الحكومية عام 1958، ومن ثم أسست الجامعة فعليا لدى إصدار شرعة التأسيس الملكية يوم 16 أغسطس (آب) 1961. واليوم يحتل الحرم الجامعي مساحة خضراء بديعة عند السفوح الجنوبية لمرتفعات الساوث داونز المطلة على بحر المانش، تعد من أجمل المناطق التي تحتضن جامعة، أما المباني فصممها المهندس المعماري البريطاني الشهير السير بازيل سبنس.
تضم الجامعة حاليا نحو 14 ألف طالب وطالبة قرابة ربعهم يتابعون الدرجات الجامعية العليا (الماجستير والدكتوراه)، ويقارب عدد هيئتها التعليمية 900 أستاذ ومحاضر ومدرس. أما بالنسبة للكليات التخصصية فهي اليوم: العلوم الحياتية، وعلوم الرياضيات والفيزياء، وعلم النفس، والدراسات العالمية، وإدارة الأعمال والتجارة والاقتصاد، والتربية والعمل الاجتماعي، والحقوق والعلوم السياسية والاجتماعية، واللغة الإنجليزية وآدابها، والتاريخ وتاريخ الفن والفلسفة، والإعلام والسينما والموسيقى، ويلحق بها معهد ساسكس، ومعهد برايتون وساسكس للطب. مع الإشارة إلى أن الجامعة تعد من أهم المعاهد البحثية في بريطانيا وأوروبا، وهي عضو مؤسس في «مجموعة 1994» للجامعات الناشطة في مجالات الأبحاث، ولديها علاقات وثيقة مع نخبة من كبريات جامعات العالم، بينها هارفارد وييل وبنسلفانيا وكاليفورنيا - بيركلي وجورجتاون وتورونتو وباريس - السوربون. ولقد تخرج فيها وعمل معها ما لا يقل عن ثلاثة فائزين بجوائز نوبل، و14 من زملاء الجمعية الملكية في بريطانيا، وستة من زملاء الأكاديمية البريطانية.
وعلى صعيد تقييم المستوى الأكاديمي تحتل جامعة ساسكس راهنا المرتبة الـ11 بين أفضل جامعات بريطانيا والمرتبة الـ31 في أوروبا والمرتبة الـ99 على مستوى العالم، تبعا لـ«تقييم ملحق التايمز للتعليم العالي لجامعات العالم». وجعلها «التقييم الأكاديمي لجامعات العالم» في المرتبة الـ14 في بريطانيا والـ100 على مستوى العالم.
لونا الجامعة الرسميان هما الأبيض والرمادي الغامق، أما بالنسبة لأشهر خريجيها وقدامى طلبتها فأبرزهم: من الشخصيات السياسية البريطانية، الوزراء: هيلاري بن وبيتر هاين وبن برادشو، وعدد من النواب. ومن العلماء وكبار الأكاديميين: تيموثي أوشاي رئيس جامعة أدنبرة، وأدريان بيرد مدير مركز ويلكم ترست للبيولوجيا الخلوية بجامعة أدنبرة، وديفيد كليري رئيس كلية مودلن بجامعة أكسفورد، والسير بيتر نايت عميد كلية العلوم الطبيعية بكلية إمبريال كوليدج - لندن. ومن الإعلاميين والكتاب والأدباء: ميرفن جونز، وجوليا سومرفيل، ومايكل بيرك، وبيكي أندرسون، وآندرو مورتون، وإميلي بيوكانان، وكلوديا هاموند، وروبن لستيغ، وديرموت مورناهان، ألكسندرا شولمان، وإيان ماكيوان وكريس بالينغ. ومن أهل الفن: نايجل بلينر، وجون ألتمان، وبيلي آيدول، ومارك هوليس. ومن نجوم الرياضة: بطلة ويمبلدون ولاعبة كرة المضرب العالمية فيرجينيا ويد، والعداء العالمي برندان فوستر. ومن غير البريطانيين: رئيس جمهورية جنوب أفريقيا السابق تابو مبيكي، ونائب رئيس كينيا السابق جورج ستيوتي، ونائب رئيس زامبيا غاي سكوت، ونائب رئيس وزراء ماليزيا موسى هتام، وحاكم بنك باكستان المركزي شمشيد اختر، ورئيسة حزب الدستور في مصر الدكتورة هالة شكر الله.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.