موريتانيا: تأجيل استفتاء شعبي بسبب عدم الجاهزية الفنية

المعارضة تتجه لمقاطعته ومجلس الشيوخ يصعد تجاه الحكومة

موريتانيا: تأجيل استفتاء شعبي بسبب عدم الجاهزية الفنية
TT

موريتانيا: تأجيل استفتاء شعبي بسبب عدم الجاهزية الفنية

موريتانيا: تأجيل استفتاء شعبي بسبب عدم الجاهزية الفنية

أعلنت الحكومة الموريتانية تأجيل الاستفتاء الشعبي الذي كانت قد قررت تنظيمه 15 يوليو (تموز) المقبل، ولكن عدم الجاهزية الفنية منعت ذلك، في ظل انتقادات حادة من طرف المعارضة لهذا الاستفتاء وتلويح بمقاطعته، فيما تتصاعد الأزمة بين الحكومة ومجلس الشيوخ، الغرفة العليا في البرلمان. وتنوي الحكومة الموريتانية تنظيم استفتاء شعبي لعرض تعديلات دستورية مثيرة للجدل، من أبرز النقاط الواردة فيها إلغاء مجلس الشيوخ ومحكمة العدل السامية (مختصة في محاكمة الرئيس وأعضاء الحكومة)، بالإضافة إلى تعديل العلم الوطني وإنشاء مجالس جهوية للتنمية تكون أكثر استقلالية عن الحكومة المركزية.
وتعد هذه التعديلات الدستورية ثمرة حوار وطني نظمته الحكومة شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقاطعته المعارضة التقليدية ووصفته آنذاك بأنه «مسرحية هزيلة»، وبالتالي فإن المعارضة ترفض هذه التعديلات الدستورية وتعتبرها جاءت في «أجواء غير توافقية» وبالتالي فإنها «تشكل خطراً على وحدة وتماسك البلد».
وإن كان النظام الحاكم في موريتانيا قد أعلن في أكثر من مناسبة عن رغبته في مشاركة المعارضة التقليدية في حوار جاد وشامل «ومن دون أي خطوط حمراء»، فإنه أعلن مؤخراً أن المعارضة «غير جادة» في رغبتها في الحوار، وبالتالي سيمضي في أجندته المتمثلة في تمرير التعديلات الدستورية التي قال الرئيس محمد ولد عبد العزيز إنها «ستعزز المكاسب الديمقراطية في موريتانيا».
ولكن النظام اصطدم بمجلس الشيوخ الذي رفض التعديلات الدستورية عندما عرضت عليه شهر مارس (آذار) الماضي، وصوت ضدها 33 من أعضاء المجلس البالغ عددهم 56 شيخاً، رغم أن النظام يملك أغلبية مريحة في المجلس، لتبدأ أزمة حادة بين النظام وشيوخ الأغلبية، إلا أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خرج في مؤتمر صحافي مطلع شهر أبريل (نيسان) الماضي وأعلن أنه سيتجاوز مجلس الشيوخ ويلجأ للشعب في استفتاء مباشر لعرض التعديلات الدستورية سينظم يوم 15 يوليو المقبل.
وفي اجتماع الحكومة الأسبوعي أول من أمس (الخميس) صدر قرار بتأجيل موعد الاستفتاء لثلاثة أسابيع، أي حتى 5 أغسطس (آب) المقبل، وقالت الحكومة في بيان رسمي، إن قرار التأجيل «يأتي بناء على اقتراح اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات (...) من أجل الإعداد الجيد للاستفتاء».
ويتطلب تنظيم الاستفتاء الشعبي مراجعة اللائحة الانتخابية التي نظمت وفقها الانتخابية الرئاسية عام 2014 آخر اقتراع مباشر ينظم في موريتانيا، وتجري هذه المراجعة من طرف اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات التي أطلقت يوم الخميس 18 مايو (أيار) الماضي إحصاء إدارياً لتكميل ومراجعة اللائحة الانتخابية، وهو الإحصاء الذي يبدو أنه يتطلب وقتاً أطول، وفق اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات.
في غضون ذلك، تصاعدت الأزمة بين الحكومة ومجلس الشيوخ، التي وصلت ذروتها يوم الأربعاء الماضي عندما «طردت» لجنة الشؤون الثقافية في مجلس الشيوخ وزير التعليم العالي سيدي ولد سالم، الذي اتهمته بالإساءة إلى المجلس والتقليل من احترامه، في حادثة يرى المراقبون أنها تؤكد مستوى الشرخ الواقع بين الحكومة والمجلس، وهو شرخ عميق داخل الأغلبية الحاكمة نفسها.
وكان مجلس الشيوخ قد انتقد بشكل لاذع قرار الحكومة بتنظيم استفتاء شعبي على تعديلات دستورية سبق أن صوت المجلس ضدها، وقال عدد من أعضاء المجلس في بيان صحافي مطلع هذا الأسبوع، إن الاستفتاء يعد «انقلاباً على المؤسسة التشريعية».
ودعت لجنة شكلها الشيوخ لمتابعة ما وصفوه بـ«الأزمة مع الحكومة»، إلى التراجع عن تنظيم استفتاء شعبي على تعديلات دستورية سبق أن أسقطها البرلمان، معتبرة أن الاستفتاء «سيزيد من الاحتقان في الساحة السياسية (...) ويشكل خطراً على الأمن والسلم الأهليين»، وطالبت اللجنة بالدخول في حوار و«مسار توافقي» لحل الأزمة السياسية التي تعيشها موريتانيا.
ولكن الشيوخ الغاضبين لوحوا بالتصعيد تجاه الحكومة ما لم تتراجع عن تنظيم الاستفتاء الشعبي، وناقشوا في جلساتهم استجواب الوزير الأول يحيى ولد حدمين حول «نشاطه السياسي في محيطه القبلي»، كما شكلوا لجنة برلمانية للتحقيق في «صفقات التراضي» التي تمنحها الحكومة لشركات يملكها مقربون من النظام، ولم يتوقفوا عند ذلك الحد بل طالب أحد الشيوخ بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في مصادر تمويل أنشطة «هيئة الرحمة الخيرية» التي يديرها نجل الرئيس الموريتاني.
الحكومة من جانبها قالت على لسان الناطق الرسمي باسمها الوزير محمد الأمين ولد الشيخ، في تصريح صحافي أول من أمس (الخميس)، إن «مجلس الشيوخ هيئة تشريعية ولديها الحق في أي عمل تشريعي أو رقابي تتخذه وتعمل به والحكومة ستتعامل معها وفق القانون»، معتبراً أنه «لا ضير في تشكيل لجان من هذا النوع سواء من مجلس الشيوخ أو الجمعية الوطنية، باعتبارهما مؤسستين رقابيتين»، وفق تعبيره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.