في طرابلس... «طارة وخيط» ترسم قصصاً من التمكين والإبداع

سيدات «طرابلسيات» يعملن في «طارة وخيط»
سيدات «طرابلسيات» يعملن في «طارة وخيط»
TT

في طرابلس... «طارة وخيط» ترسم قصصاً من التمكين والإبداع

سيدات «طرابلسيات» يعملن في «طارة وخيط»
سيدات «طرابلسيات» يعملن في «طارة وخيط»

«لدينا كل النجاح في داخلنا، الأمر يتعلّق بكيفية استخراجه، هو الشغف، والحب لما تفعله. جميعنا نمرّ بتجارب فاشلة، ولكن ذلك لا يعني الاستسلام»، هكذا تصف فاطمة الجابر، واحدة من أكثر النساء تأثيراً في الشرق الأوسط، تجربتها في الغوص داخل عالم الأعمال وتمكين قدرات النساء.
الطريق إلى قمّة عالم الأعمال مليء بالعقبات والتحدّيات المتجدّدة، فالنجاح رحلة لا تصبح أكثر سهولة بعد الوصول إلى مكان بعيد ومثير، خصوصاً إذا كان وراء هذا النجاح عدد من العاملات المثقفات اللواتي يطمحن لدعم قدرات النساء في مجتمعهن.
* تعريف عبارة «تمكين المرأة»
يعرف «التمكين الاقتصادي للمرأة» بأنه الوسيلة الأساسية لتزويد النساء الرياديات، صاحبات الأفكار، بالدعم المالي والفني لإيجاد مشاريع مستدامة تمكنها من العيش بكرامة ودون حاجة الآخر، أو دعم مشاريع صغيرة قائمة بالفعل من الجوانب التسويقية والفنية على حد سواء، بما يضمن استدامة المشروع وتمكين المرأة من تطوير ذاتها اقتصادياً. ويشير المصطلح أيضاً إلى تقوية النساء في المجتمعات المعاصرة، وقد أصبح هذا المفهوم موضوعاً هاماً للنقاش خصوصاً في مجالات التنمية والاقتصاد.
بناء على ذلك، أطلقت «لارا صفدي حبّال» جمعية «طارة وخيط» هذه السنة، التابعة لقطاع التنمية الاجتماعية في «مؤسسة الصفدي» بعد تأسيس مشغل «طارة وخيط» الحرفي في عام 2008.
تهدف الجمعية إلى تعزيز دور المرأة في مجتمعها وصولاً إلى إنشاء جمعية مستقلّة توفّر مزيداً من الدعم المهني والتقني للسيدات في لبنان عموماً وطرابلس خصوصاً، مؤكدة مواصلة دعم النساء على المستويات كافة، الاجتماعية منها والاقتصادية في ظلّ المركز الجديد والمجهّز بمعدات جديدة في مساحة أوسع تساعد في إنتاج المزيد والأفضل.
وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، أطلقت جمعية «طارة وخيط» مجموعتها الجديدة من العبايات المشغولة والمطرزّة يدوياً، تضمنتها مساهمة من المصمم العالمي زهير مراد في قاعة طرابلس في مركز الصفدي الثقافي بطرابلس.
حضر المعرض إضافة إلى رئيسة الجمعية السيدة لارا الصفدي حبال، المديرة العامة لمؤسسة الصفدي السيدة رنا مولوي، والمديرة العامة لمؤسسة الصفدي الثقافية سميرة بغدادي، وسيدات المشغل والمصمم إيريك ماثيو ريتر وحشد من محبّي الموضة.
رأت صفدي حبّال في كلمة مقتضبة لها أن «هناك حاجة اليوم إلى تمكين المرأة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، وسدّ الهوّة بين الرجال والنساء في لبنان، من أجل تنمية المجتمع، «معتبرة أن ذلك لا يمكن أن يحصل دون تزويد المرأة بالمعرفة والأدوات التي تمكنها من تمييز حقوقها وحريتها».
واعتبرت أنه «يجب على المرأة أن تشعر بأنها عضو ناجح ومساهم في الأسرة والمجتمع ككلّ، من خلال تعزيز استقلاليتها وثقتها بنفسها»، موضحة في هذا الإطار أن «الهدف من تنفيذ تصاميم عبايات رمضان 2017، يعود بالدرجة الأولى بالنفع المادي للسيدات، ويدفع بالمجتمع للالتفات إلى ما يمكن للمرأة الطرابلسية أن تنجزه في مجال الموضة وبدعم من أشهر مصممي الأزياء العالميين كالمصمم زهير مراد».
وأشارت إلى أنه «بدلاً من تركيز طاقتنا على مكافحة التقاليد القديمة، يجب أن نصب الطاقة عينها في بناء المستقبل الجديد، وهو مستقبل أفضل للأجيال الجديدة، حيث الأمل لا يُفقد والإرادة لا تقيّد أبداً».
*رحلة «طارة وخيط» منذ الإقلاع
أبصر مشروع «طارة وخيط» النور في عام 2005، وضمّ مجموعة من السيدات اللواتي يملكْنَ مهارات ومواهب كثيرة في هذا المجال، ولكن للأسف لم يحظَ المشروع بالإضاءة الكافية عليه والتي يستحقها. ولأن، يحظى هذا المشروع على قدر كبير من الأهمية.
تصف نائبة رئيس قطاع التنمية الاجتماعية في مؤسسة الصفدي وعضو في مجلس إدارتها، لارا الصفدي حبّال، «طارة وخيط» قائلة: «لقد تحول هذا المشروع إلى عمل ينتج مدخولاً مالياً شهرياً للنساء العاملات فيه مؤخراً، وهذا أمر لم يكن متوفراً في السابق. ويضم هذا المشروع مصممي أزياء على مستوى عالٍ من الكفاءة يديرونه مع السيدات العاملات فيه، ويتشاركون فيه جميعاً من خلال طرح الأفكار، خصوصاً وأن تلك السيدات هنّ جزء أساسي من هذا المشروع».
تتابع: «مشروع (طارة وخيط) يعطي المرأة التي لم يسمح لها مجتمعها بالانخراط في أعمال غير تلك المنزلية، استقلالية في مواهبها، ويعلّمها طرق زيادة إنتاجها ومدخولها، ويجعلها عنصراً منتجاً فعالاً في مجتمعها. فتنمية المرأة هي تنمية الأمة، هي نصف المجتمع ومربِّية النصف الآخر».
نظمت الجمعية دورات تدريبية عدة للنساء اللواتي يردن المشاركة في المشروع، وحاولت دعم أنشطتها بالاستعانة بخبراء محليين وعالميين. فأخذت الجمعية خلال عامي 2009 - 2010 تمويل المشغل من قبل مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI) ضمن مشروع «تفعيل المبادرة الاقتصادية للنساء».
وتتابع المؤسسة سعيها لتأمين استمرارية المشغل من خلال تطوير مشاريع تمويلية وتقديمها إلى جهات مانحة من جهة، كما تعزيز قدرات الحرفيات في المشغل عبر التمويل الذاتي من خلال الأرباح التي تجنيها السيدات، ذلك عن طريق المشاركة في المعارض المحلية السنوية والموسمية.
وينتج المشغل مختلف أنواع البياضات (مناشف، شراشف، مستلزمات المطابخ، برانص...)، ثياب فولكلور، تطريز على أقمشة، ومقاعد كراسي مزخرفة.
* تجارب وتعليقات
تروي لنا جنى نعمة، عن تجربتها في شراء عبايات من «طارة وخيط»، وتقول: «الطريقة التي تستقبلك فيها النساء في المشغل رائعة، حتى إن السيدات يتقن عملهن، ويتميزن بذوق رفيع وأنيق». وتتابع جنى أنها لمست من كل أفراد الجمعية المهنية والدقة في التعامل مع الزبائن، وتلبية حاجاتهم وأذواقهم.
وعندما تتصفح مواقع الجمعية على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً «فيسبوك»، تجد التعليقات الإيجابية حول الفكرة وعمل الجمعية، ونوعية المنتجات التي تقدمها نساء «طارة وخيط».
تقول إنطوانيت عساف إنه من المهم أن يكون في طرابلس هكذا جمعية تهتم بالنساء اللواتي يحتجن مركزاً للعمل، ولا يجدن إلا مهارات الخياطة والتطريز. وتضيف: «وأنا أيضاً حرفية أجد الخياطة والتطريز، وأعمل بالمنزل. «طارة وخيط» أعطتني أملا أن نقاط عملنا هذا سيستمر رغم التطورات التكنولوجية التي تغرق الأسواق، فهذه الحرف لن تموت».
وكتبت سمر كزموز: «الله يعطيكن العافية، طريقة العمل جميلة ومبدعة وفيها من الفن ما يكفي لتكون مؤسسة رائدة».
أحد الأهداف الأساسية لتمويل المشاريع الصغيرة هو تمكين المرأة، حيث تعطى القروض ذات معدل الفائدة المنخفض، أو المبالغ المالية على شكل مساهمة فورية، للنساء في المجتمعات النامية، لكي يستطعن بدء مشاريع صغيرة تساعدهن في إعالة عائلاتهن. وعلى الرغم من ذلك، فإن نجاح وكفاءة المشاريع الصغيرة موضوع جدلي، ودائماً ما يتم نقاشه. تأتي «طارة وخيط» لتثبت أهمية هذه الخطط التي تعطي فرصاً لسيدات يتمتعن بكل الكفاءات والتقنيات اللازمة لتنطلقن إلى عالم الأعمال، ولو من باب ضيق نوعاً ما. فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة كما يقولون. ومن المعروف أن المرأة تستطيع تحويل كل ما توفر أمامها ومعها إلى ما هو مفيد للبشرية، خصوصاً إذا تمكنت من إدراك طاقاتها وقدراتها الاستثنائية. فكما تقول الناشطة الأميركية لينا هورن: «الطريقة الأكثر شيوعاً التي يفقد بها الناس قوتهم هي باعتقادهم أنهم لا يملكونها أصلاً».



رجل إطفاء يتحوَّل «بابا نويل» لإسعاد الأطفال المرضى

بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
TT

رجل إطفاء يتحوَّل «بابا نويل» لإسعاد الأطفال المرضى

بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)
بعضُ السحر يستحقّ أن يُصدَّق (مواقع التواصل)

زَرَع رجل إطفاء البهجة في نفوس عدد لا يُحصى من الأطفال خلال عطلة عيد الميلاد على مرّ السنوات، لكنَّ ديفيد سوندرز (50 عاماً)، يقول إنّ القيام بدور «بابا نويل» يُرخي أثراً سحرياً عليه أيضاً. بالنسبة إلى سوندرز المقيم في مقاطعة فيرفاكس بولاية فرجينيا، فإنّ أداء دور «بابا نويل» يتجاوز التقاليد: «إنه مَهمَّة شخصية عميقة مستوحاة من العائلة وتغذّيها الرغبة في نشر الفرح». بدأ سوندرز، وهو والد لـ5 أطفال، ذلك العمل الموسميّ منذ 16 عاماً. في ذلك الوقت، كان ابنه البالغ 6 سنوات يعاني مرضاً تسبَّب بتنقّله بين المستشفيات. نقلت عنه «فوكس نيوز» قوله لشبكة «إس دبليو إن إس»: «في كل مرّة كنّا نقصد المستشفى، كان يرى جميع الأطفال المرضى. وخلال المغادرة راح يقول لي: (أتمنّى لو نستطيع فعل شيء لطيف لهم). كنتُ أجيبه: (اكتشف ما تريد فعله، وسنحاول)».

مَهمَّة شخصية عميقة مستوحاة من العائلة (مواقع التواصل)

تحوَّلت هذه الرغبة دعوةً غير متوقَّعة للأب والابن، اللذين بدآ في ارتداء زيّ «بابا نويل» وجنّيته المساعدة لإسعاد المرضى الصغار. حالياً، يُنجز سوندرز بين 100 إلى 150 زيارة منزلية كل عام؛ مُرفقةً ببعض الإعلانات التجارية وفيلمين لعيد الميلاد. قال: «أحبُّ إسعاد الناس. أستمتعُ برسم البسمة على وجوههم». وكلّ عام، كان يرى أطفالاً اعتاد رؤيتهم منذ أن كانوا رضَّعاً: «استمتعتُ بمراقبتهم وهم يكبرون. تحملهم بكونهم أطفالاً، ثم تشاهدهم يكبرون. أحياناً تعتقد أنهم لن يرغبوا في عودتك هذا العام، لكنَّ أمهاتهم أو آباءهم يتّصلون دائماً ويقولون: (إنهم لا يريدون أن يمرَّ عيد الميلاد من دونك)». ورغم أنّ دور «بابا نويل» مبهج عموماً، فإنَّ سوندرز أقرّ بمواجهة تحدّيات: «أرى بعض الأطفال المرضى أو الذين ليس لديهم الكثير. أحياناً يكون الأمر مُرهقاً عقلياً».

بدأ سوندرز عمله الموسميّ منذ 16 عاماً (مواقع التواصل)

وبعد 30 عاماً من كونه رجل إطفاء، يتطلَّع الآن إلى تحويل عمله الجانبي وظيفةً بدوام كامل. تابع: «عملي رجل إطفاء وظيفة رائعة. إنه أيضاً أحد تلك الأشياء المُرهِقة عقلياً وجسدياً، لكنْ كانت لديَّ مهنة جيّدة. جسدي يؤلمني، وأنا أكبُر في السنّ؛ لذلك حان الوقت للمضيّ قدماً. آمل أن تنمو هذه التجارة أكثر». سحرُ عيد الميلاد هو ما يستمرّ في إلهام سوندرز لإسعاد الأطفال والكبار على السواء: «أعتقد أنّ جميع الأطفال، وحتى البالغين، يريدون شيئاً يصدّقونه، خصوصاً في هذا العيد».