لبنان: سلّة الثنائي المسيحي تعيد قانون الانتخاب إلى المربع الأول

بري يرفض إحراق المهل الدستورية ويلوّح باستخدام صلاحياته

لبنان: سلّة الثنائي المسيحي تعيد قانون الانتخاب إلى المربع الأول
TT

لبنان: سلّة الثنائي المسيحي تعيد قانون الانتخاب إلى المربع الأول

لبنان: سلّة الثنائي المسيحي تعيد قانون الانتخاب إلى المربع الأول

يبدو أن الإيجابيات التي أنتجها لقاء الرؤساء الثلاثة بالقصر الجمهوري في بعبدا، ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، على قانون جديد للانتخابات وفق النسبية الكاملة، وعلى 15 دائرة انتخابية، بددتها خلافات الاتفاق على تفاصيل القانون، التي عادت إلى طرح نقل مقاعد نيابية من دائرة إلى أخرى، ومسألة الصوت التفضيلي، وتمسّك الثنائي المسيحي (التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية) بإلغاء 20 معقداً نيابياً جرت إضافتها بعد اتفاق الطائف، وهو ما عدّه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بمثابة سلّة تعديلات دستورية يحاول رئيس التيار الوطني الحر، وزير الخارجية جبران باسيل، فرضها تحت ضغط نفاد المهل الفاصلة عن انتهاء ولاية البرلمان في 20 من الشهر الحالي، في وقت سبق لباسيل أن رفض السلّة التي اقترحها بري قبل انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.
ورغم الأجواء السلبية التي نتجت عن الاجتماع الأخير الذي عقد في دارة رئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط، وتسريب معلومات تفيد بعودة الخلافات إلى المربّع الأول، فإن أطراف النزاع يحاولون التقليل من الآثار السلبية لخلافاتهم، ويصرون على أن الخلافات شكلية فقط.
لكن مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري عبّرت مجدداً عن استيائها من طريقة تعاطي الثنائي المسيحي، مع الشركاء الآخرين. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نريد قانون للانتخابات، وهم يريدون تعديلاً دستورياً». وأشارت إلى أن «رئيس الجمهورية وقع مرسوم فتح دورة استثنائية تنتهي بنهاية ولاية المجلس في 19 من الشهر الحالي، وعليهم أن يفكّوا الحجر عن هذا القانون». وأضافت مصادر بري: «الظاهر أن البعض يعمل على إحراق المهل من أجل العودة إلى قانون الستين، أو الذهاب إلى الفراغ النيابي»، مؤكدة أن «الرئيس بري لن يقف متفرجاً على تطاير المهل وهدر الفرص، وهو سيستخدم صلاحياته في المدّة المتبقية من الدورة الاستثنائية من أجل الحفاظ على البلد ومؤسساته الدستورية».
من جهته، أوضح أمين سرّ «تكتل التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك سعياً جدياً، لإنتاج قانون للانتخابات». ورأى أنه «عند العملية التوافقية يجب الأخذ برأي الجميع للوصول إلى قواسم مشتركة، أو نذهب للتصويت على مشروع القانون في مجلس الوزراء».
وأكد كنعان أنه «لا أزمة سياسية حول قانون الانتخابات، كنا نطالب بإصلاحات، وهذه المطالب ليست جديدة، مثل البطاقة الممغنطة، وهيئة الإشراف على الانتخابات، واقتراع المغتربين»، نافياً أن يكون الوزير جبران باسيل وضع سلّة تستوجب تعديلات دستورية. وقال: «هناك بنود مطروحة وتخضع للنقاش، منها إعادة توزيع المقاعد، وأن يكون للمنتشرين في الخارج نواب يمثلونهم»، مشيراً إلى أن «الفكرة الأساسية التي ننطلق منها، هي أن هناك عدداً من المقاعد النيابية وضعت في زمن الوصاية السورية، في مناطق محددة، وهؤلاء النواب لا يمثلون مجتمعاتهم، بل الإرادة التي أتت بهم»، مذكراً بأن «زمن الوصاية ولّى، وبالتالي يجب إعادة توزيع المقاعد وفق المعايير العلمية والديمقراطية».
أما بشأن الخلاف على الصوت التفضيلي، فأعلن النائب إبراهيم كنعان، أن «التيار الحرّ، يقترح أن يكون الصوت التفضيلي على مستوى القضاء، وغير طائفي ويمثّل كل الناخبين»، عادّاً أنه «أفضل الطرق التي تحول دون ذوبان الأقلية بالأكثرية، أو أن تصبح الأكثرية أقلية، وهذا الأمر يحافظ على المجتمع اللبناني بكل تنوعاته». وتابع: «إذا لم تكن هذه الطروحات مقبولة، فلنذهب إلى خيارات أخرى، أي نحو الدولة العلمانية بدءاً من الغد».
من جهته، شدد الخبير الدستوري النائب السابق صلاح حنين، على «ضرورة إقرار قانون جديد للانتخابات، يتم عبره دعوة الهيئات الناخبة لانتخاب برلمان جديد، وإلا سيذهب البلد إلى خيارات كارثية». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حال وصلنا إلى 20 حزيران (يونيو) الحالي، ولم نقرّ القانون الجديد، عندها تصبح الحكومة ملزمة بإصدار مرسوم لإجراء الانتخابات بعد 3 أشهر وفق القانون الحالي (الذي يعرف بقانون الستين)، وعندها يكتسب المجلس شرعية قانونية ودستورية، لكنه لا يكتسب الشرعية الشعبية». وحذّر حنين، من أنه «إذا لم تدعُ الحكومة لإجراء الانتخابات وفق قانون الستين بعد 20 حزيران، يصبح البلد من دون مجلس نيابي، وهذا له نتائج خطيرة على البلد»، مؤكداً أنه «يحق للمجلس في حال تقاعست الحكومة عن إرسال قانون الانتخاب، أن يأخذ دورها، ويطرح أي قانون من مشاريع القوانين الموجودة أمامه على التصويت لإقراره، وإجراء الانتخابات على أساسه».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.