الأمم المتحدة: «داعش» قتل 163 موصلياً في يوم واحد

بارزاني يحذر من تحركات «الحشد الشعبي» غرب المدينة

جنديان عراقيان خلال مواجهة مع «داعش» في حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)
جنديان عراقيان خلال مواجهة مع «داعش» في حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: «داعش» قتل 163 موصلياً في يوم واحد

جنديان عراقيان خلال مواجهة مع «داعش» في حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)
جنديان عراقيان خلال مواجهة مع «داعش» في حي الزنجيلي غرب الموصل أمس (رويترز)

اتهم مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين، أمس، تنظيم داعش بقتل 163 شخصا كانوا يحاولون في 1 يونيو (حزيران) الحالي الفرار من القسم الغربي لمدينة الموصل العراقية.
وصرح زيد أمام مجلس حقوق الإنسان: «وحشية (داعش) وغيره من الجماعات الإرهابية لا تعرف حدودا على ما يبدو». وأضاف: «بالأمس أبلغني فريقي بأن جثث رجال ونساء وأطفال عراقيين قتلى لا تزال في شوارع حي الشفاء في غرب الموصل بعدما قام (داعش) بقتل 163 شخصا لمنعهم من الفرار». وتابع أن هناك أشخاصا في عداد المفقودين في الحي.
وتنفذ القوات العراقية بإسناد من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عملية واسعة لاستعادة الموصل. وباتت القوات العراقية تسيطر على نحو 90 في المائة من الجانب الغربي من المدينة حيث تواصل التوغل لاستعادة كامل سيطرتها على ثانية كبرى مدن العراق وآخر أكبر معاقل المتطرفين في البلاد.
وواصلت القوات العراقية أمس خوض معارك في أزقة وأحياء الموصل القديمة ضد مسلحي تنظيم داعش، وقال قائد قوات الشرطة الاتحادية، الفريق رائد شاكر جودت، لـ«الشرق الأوسط»: «قطعات المحور الشمالي من قواتنا تفرض سيطرتها الكاملة على 75 في المائة من حي الزنجيلي وتقترب كثيرا من حي باب سنجار المنفذ الشمالي باتجاه جامع النوري في المدينة القديمة».
وبحسب معلومات الشرطة الاتحادية، أسفرت العمليات التي خاضتها أمس عن مقتل 34 مسلحا من «داعش» بينهم القيادي المكنى «أبو براء التونسي» المسؤول عن معامل تصنيع العبوات الناسفة في الموصل القديمة، وتدمير 4 عجلات مفخخة حاولت استهداف ممرات خروج المدنيين الهاربين من المعارك.
من ناحية ثانية، شدد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني على أن اختراق حدود كردستان وفرض إرادات أخرى على سكان غرب الموصل وجنوب سنجار من قبل أي قوة كانت، أمر مرفوض ولا يمكن القبول به، مؤكدا أن تحرك ميليشيات الحشد الشعبي في هذه المناطق دون التنسيق مع أي طرف تسبب في إحداث وضع معقد. وقال بارزاني، خلال استقباله الجنرال جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية للقوات الأميركية والوفد المرافق له في أربيل أمس: «طالب إقليم كردستان بوجوب وجود خطة عسكرية وسياسية وإدارية قبل البدء بعملية تحرير الموصل، لأننا كنا نتوقع حدوث كثير من المشكلات، لكن للأسف لم يُعمل بموجب هذه الخطة لإدارة محافظة نينوى في مرحلة ما بعد (داعش)».
‏وحذر بارزاني من مغبة أن تكون تلك التحركات التي ‏لوحظت في الفترة الأخيرة في غرب الموصل وجنوب سنجار، محاولات لتنفيذ أجندات أخرى عدا الحرب ضد الإرهاب، مبينا أن هذا من شأنه أن يؤدي إلى ظهور مشكلات كثيرة ستكون سببا ‏في ضياع كل المكتسبات والانتصارات التي تحققت في الحرب ضد الإرهاب. وشدد على أن «اختراق حدود كردستان وفرض إرادات أخرى على سكان هذه المناطق من قبل أي قوة كانت هو أمر مرفوض لا يمكن القبول به»، مبينا أن التزام كل الأطراف بالاتفاقية الثلاثية بين الإقليم والولايات المتحدة الأميركية والحكومة العراقية كان شرطا أساسيا لتنفيذ عمليات تحرير الموصل. وأوضح أن الاتفاقية «كانت تنص على تشكيل قوة مشتركة بين قوات البيشمركة والجيش العراقي لتطهير جنوب سنجار وغرب تلعفر من الإرهابيين»، لافتا إلى أن الحشد الشعبي استغل انشغال الجيش العراقي بمعركة الموصل، والتزام البيشمركة بالاتفاقية، وبدأ تحركاته بمفرده في هذه المناطق دون أي تنسيق مع أي طرف كان، وهذا ما أدى إلى خلق هذه الظروف المعقدة. وقال بارزاني إن «ما تشهده هذه المنطقة حاليا يؤكد على أن القلق والتخوف الذي أبداه إقليم كردستان حول عدم وجود اتفاق سياسي وإداري مسبق كان في محله». 4بدوره، أوضح المستشار الإعلامي في مكتب رئيس الإقليم، كفاح محمود، لـ«الشرق الأوسط» أنه «قبل انطلاقة عمليات تحرير الموصل، إقليم كردستان كان يؤكد دائما على ضرورة وضع خطط عسكرية وسياسية وإدارية لمرحلة ما بعد (داعش) في الموصل، بسبب توقعاته المؤشرة بحدوث مشكلات جديدة، لكن مع الأسف عدم العمل على وضع هذه الخطط ربما سيقود المنطقة إلى نوع آخر من الصراعات، وهذا ما يخشاه الجميع، بالتأكيد سنفقد ما حققناه من مكاسب على مستوى العراق في محاربة الإرهاب»، مشيرا إلى أن هناك مؤشرا غير مريح من انتشار الحشد الشعبي، الذي يقع خارج الاتفاق والتنسيق.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.