دافع المرشد الإيراني علي خامنئي، أمس، عن إعدامات شهدتها إيران في الثمانينات، منتقداً ضمناً تصريحات الرئيس المنتخب حسن روحاني خلال الحملات الانتخابية حول دور المرشح الخاسر في إعدامات شهدتها البلاد في الثمانينات، قائلاً: «يجب عدم الخلط بين الشهيد والجلاد في تلك الأحداث»، فيما عاد إلى «التحذير» من محاولات «تحريف شخصية المرشد الأول والثورة»، وذلك خلال خطابه أمس بمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين لرحيل الخميني.
ورفض خامنئي في خطابه التقليدي أمام حشد من الإيرانيين في قبر الخميني انتقادات وردت على لسان روحاني حول إعدامات شهدتها إيران في الثمانينات من دون ذكر اسمه مدافعاً عن تلك الأحداث، وقال إنه «عقد المفاخر الكبيرة وعقد الانفصاليين والاختبارات الكبيرة»، حسبما نقلت عنه وكالات أنباء إيرانية.
وأضاف: «هذا العقد كان مهماً في تقرير مصير إيران والإيرانيين، حساس للغاية وغير معروف بالوقت نفسه، لكن أخيراً هاجمه البعض عبر المنابر». وزعم خامنئي أن عقد الثمانينات «أعنف فترة إرهاب» ضربت البلاد، مضيفاً أنه سقط 17 ألف مواطن في أحداث العنف.
وكان روحاني قال مهاجماً منافسه المدعي العام السابق إبراهيم رئيسي، وقال إن البعض «لا يعرف غير إصدار الإعدامات على مدى 38 عاماً». وكان روحاني يشير إلى دور إبراهيم رئيسي في إعدام آلاف المعارضين في غضون 45 يوماً بين شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) 1988. وفي الصيف الماضي، نشر موقع نائب الخميني حسين علي منتظري تسجيلاً صوتياً مثيراً للجدل من لقائه مع 4 مسؤولين عن الإعدامات تدعى «لجنة الموت»، وكان التسجيل المثير للجدل وثيقة تؤكد صحة ما نشره منتظري في مذكرات.
واستهدفت الإعدامات آلاف المعارضين من أنصار جماعة مجاهدي خلق والجماعات اليسارية وناشطين من القوميات.
وخلال الأيام الأخيرة، طالب نجل منتظري أحمد منتظري بإقصاء وزير العدل مصطفى بور محمدي من الحكومة المقبلة، نظراً لدوره ضمن لجنة «الموت» الرباعية في إعدامات صيف 1988. بموازاة ذلك أعربت منظمتا العفو الدولية والعدالة لإيران عن بالغ قلقهما تجاه طمس قبور جماعية غرب مدينة الأحواز يفترض أنها تضم جثث عشرات الناشطين السياسيين في إعدامات صيف 1988.
من جهة ثانية، حذر خامنئي من محاولات داخلية لتغيير صورة الخميني في الداخل، مضيفاً أن هناك «دوافع لتغيير وتحريف شخصية الخميني والثورة». وأضاف: «يجب أن نكرر قول حقائق عن الثورة حتى نقطع طريق التحريف على المحرفين».
وأوضح خامنئي أنه «منذ سنوات يريد البعض في الخارج وعناصر في الداخل تحريف الثورة عن مسارها، لكن لم يتمكنوا من ذلك».
وفي الشهر الماضي، حذر خامنئي من محاولات تغيير سلوك النظام، وقال إنها «لا تختلف عن إسقاط النظام»، وجاءت تعليقات خامنئي ضمن انتقادات وجهها لتصريحات وردت على لسان المرشحين في الانتخابات الرئاسية.
وقبل عامين تحديداً، وجه خامنئي في خطاب مشابه وفي المكان نفسه اتهامات إلى أطراف داخلية من دون التطرق إلى اسمها، وقال إنها تسعى «وراء تحريف سلوك وأقوال الخميني»، معتبراً ذلك «تهديداً كبيراً» و«تحريفاً للصراط المستقيم لدى الشعب الإيراني».
في الخطاب ذاته، قال خامنئي إنه يوجه «تحذيراً في أذن المسؤولين والطلاب القدماء ومريدي الخميني»، مشدداً على أن «الشعب الإيراني سيتلقى صفعة في حال ضيعنا طريق الخميني»، متهماً أطرافاً داخلية بمحاولة تقديم صورة الخميني على أنه «ليبرالي لم يكن مقيداً في سلوكه والقضايا الفكرية والثقافية».
وفي خطابه الأخير قبل يومين من موعد الاقتراع، طالب الرئيس الإيراني حسن روحاني قوات الحرس الثوري «بعدم الدخول إلى الألاعيب السياسية والتدخل في الانتخابات والعمل بوصايا الخميني».
وتحولت شخصية الخميني إلى محاور الخلاف بين التيارين الأساسيين في السلطة الإيرانية (المحافظين والإصلاحيين) خلال السنوات الأخيرة.
وكان الحرس الثوري الإيراني احتج في 2013 على مذكرات نشرها موقع الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني تظهر أن الخميني وافق على حذف شعار «الموت لأميركا».
وشكلت خطابات خامنئي كلمة الرمز لهجوم ممثليه ووسائل الإعلام المحافظة على الإصلاحيين والمعتدلين في السنوات الأخيرة، وذلك في حين يلجأ الطرف الآخر إلى خطابات ومواقف الخميني في الأوقات التي تشهد توتراً بين الجانبين.
من جانب آخر، شدد خامنئي على ضرورة إبعاد السياسة الخارجية الإيرانية عن الانقسامات الداخلية، بقوله: «يجب على الجميع أن يكون لهم صوت واحد في القضايا الدولية، لأن الصوت الواحد مسموع».
كما دخل خامنئي على الانتخابات الأخيرة وعلق على ظاهرة التصويت السلبي بشكل غير مباشر، وقال إن «البعض من قلة الفهم يقول إن تصويت الشعب لا صلة له بتأييد النظام، لماذا؟ عندما تصوت في إطار النظام هذا يعني أنك تعترف بهذا الإطار وتثق وتعتبره فاعلاً. هذا تصويت على الثقة بالنظام».
وانتشرت ظاهرة التصويت السلبي (تفضيل السيئ على الأسوأ) خلال السنوات الأخيرة في الانتخابات الإيرانية، وتشجع جمعيات المجتمع المدني الإيرانيين التصويت ضد مرشحين مقربين من أفكار المرشد الإيراني مقارنة بالمرشحين الآخرين، وهو ما منح المرشحين الإصلاحيين أفضلية خلال الانتخابات جرت خلال السنوات الأخيرة.
وطالب خامنئي بمتابعة خروقات الانتخابات بجدية على الرغم من تأييدها من قبل لجنة صيانة الدستور، لمنع تكرار ما حدث في الانتخابات الإيرانية.
وفي إشارة إلى تبادل التهم بين الحكومة والقضاء والأجهزة الأخرى في النظام، ذكر خامنئي أنه «وقعت بعض تصرفات غير أخلاقية في المناظرات والحملات الانتخابية ووُجهت تهم إلى بعض أجهزة البلد. مضى ذلك ويجب ألا يستمر».
كما فتح خامنئي نافذة على أبرز كلمات بدأ روحاني خطاباته الانتخابية الأخيرة بها، وهي «العقلانية والاعتدال». وقال خامنئي إن «بعض الأوقات نسمع أن البعض يكرر شعارات العقلانية ضد الشعارات الثورية، وكأن العقلانية النقطة المقابلة للثورية».
وقال خامنئي إن «البعض يخطئ في تعريف العقلانية، ويقول إن التحدي مكلف، نعم، لكن المساومة أيضاً مكلفة».
وركز روحاني خلال الانتخابات الأخيرة على الخطابات التنموية، وبدأ خطاباته بتحية «الاعتدال والعقلانية»، في حين كان المرشح المحافظ يردد شعارات ثورية، وتعليقاً على ذلك قال خامنئي إن «الشعارات الثورية تظهر الحقائق».
خامنئي يدافع عن إعدام آلاف المعارضين للنظام في صيف 1988
انتقد تصريحات روحاني وحذر من محاولات «تحريف» صورة الخميني في الداخل
خامنئي يدافع عن إعدام آلاف المعارضين للنظام في صيف 1988
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة