الخرطوم تتعهد بملاحقة قتلة جندي «يوناميد» ومحاكمتهم

مساعد البشير يقطع بفشل الحسم العسكري في دارفور

الخرطوم تتعهد بملاحقة قتلة جندي «يوناميد» ومحاكمتهم
TT

الخرطوم تتعهد بملاحقة قتلة جندي «يوناميد» ومحاكمتهم

الخرطوم تتعهد بملاحقة قتلة جندي «يوناميد» ومحاكمتهم

قالت الخارجية السودانية إن الأجهزة العدلية والأمنية اتخذت التدابير اللازمة لملاحقة وتعقب الجناة الذين قتلوا جنديا نيجيريا يعمل في قوة حفظ السلام الأممية في دارفور «يوناميد»، وقطعت بتوقيفهم وتقديمهم للعدالة، وذلك بعد وقت قصير من إدانة مجلس الأمن الدولي للعملية، ومطالبة الحكومة السودانية بضبط الجناة وتقديمهم للمحاكمة، وفي غضون ذلك قطع أحد مساعدي الرئيس عمر البشير بأن «الحل العسكري» فشل بمواجهة «الحوار والتفاوض» باعتباره الخيار الوحيد المتاح لحل مشكلة دارفور ووقف العمليات القتالية.
وأعلنت البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور الخميس أن أحد حفظة السلام من الجنسية النيجرية لقي مصرعه الأربعاء الماضي، بعد أن هاجمته مجموعة مسلحة مجهولة، واستولت على سيارة في مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور.
وأدان قريب الله الخضر، المتحدث باسم الخارجية، مقتل الجندي واختطاف عربة يوناميد، وعزّى باسم وزارته حكومة وشعب الجندي النيجيري، وتابع موضحا في بيان: «نؤكد أن حكومة السودان سوف تقوم بتعقب وملاحقة الجناة حتى توقيفهم وتقديمهم للعدالة».
وجاءت ردة الفعل السودانية بعد سويعات من طلب مجلس الأمن الدولي من حكومة الخرطوم إجراء تحقيق في الحادثة، وتقديم الجناة للعدالة، وجددت الخارجية السودانية في بيان إدانتها لمقتل النيجيري واختطاف العربة التابعة لقوة حفظ السلام.
وورد في البيان أن «الأجهزة الأمنية والعدلية المختصة قد شرعت في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعقب وملاحقة الجناة حتى يتم توقيفهم وتقديمهم للعدالة».
وكان مجلس الأمن قد أدان أول من أمس الحادثة بشدة، ودعا الحكومة السودانية للإسراع بإجراء تحقيق شامل في الهجوم وتقديم الجناة للعدالة، وأشار بيان المجلس إلى أن الهجمات التي تستهدف حفظة السلام «قد تشكل جرائم حرب بموجب القانون الدولي».
ودرجت مجموعات مسلحة على مهاجمة قوات حفظ السلام في دارفور، ولقي العشرات من حفظة السلام مصرعهم خلال تلك الهجمات. وعلى الرغم من ذلك فإن البعثة واصلت مهمتها في حماية المدنيين، مع مطالب الخرطوم الدؤوبة لإنفاذ «استراتيجية خروج» للبعثة التي تعد أكبر بعثات المنظمة الدولية، زاعمة أن الأوضاع في الإقليم لم تعد تستدعي وجودها، بيد أن قوى غربية ترفض إنهاء المهمة، لا سيما أن العمليات العسكرية تجددت في الآونة الأخيرة بعد هدوء نسبي دام أشهراً كثيرة.
من جهة أخرى، تعهد مساعد الرئيس موسى محمد أحمد بمواصلة جهود الحكومة لإحلال السلام في إقليم دارفور، وقلَّل من أهمية انتهاج حركات مسلحة لمنهج «الحل العسكري»، مؤكداً أن «الحوار والتفاوض» هو الطريق الوحيد لحل مشكلات السودان.
وقال محمد أحمد في ولاية القضارف شرق البلاد أمس، وفقاً لـ«شروق نت» الحكومية، إن الجهود الحكومية ستتواصل لإيجاد تسوية سياسية وحل شامل لمشكلة دارفور، مشيرا إلى ما سماه «الاستجابة الكبيرة» لعدد من الحركات المسلحة وعودتها للمشاركة في «منظومة الحوار الوطني». وقطع مساعد البشير بأن الشواهد تكشف عن أن خيار الحسم العسكري لم يعد هو الحل، مستندا في ذلك على ما أطلق عليه «الانتصارات الكبيرة التي ظلت تحققها القوات المسلحة على هذه الحركات»، وفي الوقت ذاته تمد يدها لكل طالبي السلام. وشغل موسى محمد أحمد منصب مساعد الرئيس، بعد أن وقع اتفاقية سلام مع الحكومة السودانية في العاصمة الإريترية اسمرة، عرفت باتفاقية «سلام شرق السودان» عام 2006، بعد أن كان يقود جبهة بشرق السودان قاتلت الحكومة السودانية ضمن التحالف المعارض، الذي حمل اسم «تجمع الشعب السوداني».
وأشاد محمد بالنتائج التي حققتها «اتفاقية سلام شرق السودان»، التي وقعها مع الحكومة السودانية، ووصفها بـ«الاتفاقية الأنموذج»، وقال إنها أسكتت صوت البندقية إلى غير رجعة، مشيراً إلى ما سماه الالتزام الصارم من الأطراف التي وقعتها ببنودها كاملة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.