رمضان يعيد حكايات الماضي إلى «تاريخية جدة»

الأكلات الشعبية والألعاب القديمة تستهوي الزائرين

فوانيس وأتاريك رمضان تباع في وسط البلد - ثاني أيام رمضان في وسط البلد (تصوير: عدنان مهدلي)
فوانيس وأتاريك رمضان تباع في وسط البلد - ثاني أيام رمضان في وسط البلد (تصوير: عدنان مهدلي)
TT

رمضان يعيد حكايات الماضي إلى «تاريخية جدة»

فوانيس وأتاريك رمضان تباع في وسط البلد - ثاني أيام رمضان في وسط البلد (تصوير: عدنان مهدلي)
فوانيس وأتاريك رمضان تباع في وسط البلد - ثاني أيام رمضان في وسط البلد (تصوير: عدنان مهدلي)

ما إن يحل شهر رمضان، حتى تغدو المنطقة التاريخية في مدينة جدة، وجهة الباحثين عن حكايات التاريخ الموغل في القدم، خصوصاً مع تزيينها بطريقة تراثية جميلة، وانتشار الأكلات الشعبية والألعاب القديمة.
ويجد الزائر للمنطقة التاريخية نفسه أمام تاريخ يمتد إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، وفقاً لروايات عدة تشير إلى أن من بنى جدة في تلك الحقبة كانوا مجموعة من الصيادين، لتستوطن قبيلة قضاعة المدينة بعد ذلك التاريخ بـ500 عام.
وترسم بيوت الطين والأزقة والحواري داخل المنطقة التاريخية بجدة، ملامح الحكاية الأولى التي تلاها بناء سور شيّده حسين الكردي أحد أمراء المماليك لتحصينها من هجمات البرتغاليين، وكان للسور ستة أبراج وله ستة أبواب «باب مكة، وباب المدينة، وباب شريف، وباب جديد، وباب البنط، وباب المغاربة»، وأُزيل السور عام 1947 مع توسع العمران في العهد السعودي.
هذه الحقبة، أي قبل ما يزيد عن 100 عام، تستذكرها المنطقة التاريخية الآن بكل تفاصيلها معتمدة على التقنية في ربط مشهدي الحاضر بالماضي، من خلال الترويج لبعض الأكلات الشعبية القديمة، وإعادة إحياء بعض الألعاب القديمة، وتعليق الفوانيس الرمضانية، وانتشار البسطات التي تروج لـ«البليلة»، و«الكبدة» التي تلقى رواجاً كبيراً في هذه الأيام، مع تزايد أعداد المهتمين بلعبة «الضومنه» أحجار الدومينو، ولعبة الكيرم.
وأثناء التجول في المنطقة التاريخية من المظلوم إلى حارة الشام، يلفت ناظرك وأنت تجوب في أسواق المدينة وتقف أمام أبنيتها الشامخة التي يغلفها الطراز القديم، انتشار الشباب بالزي الشعبي التقليدي المكوَّن من الثوب، والسديرية، والعمة الحلبي، وغالبيتهم من يبيع في السوق أو من يتطوّع لدعم الزائرين، مع تزايد مرتادي المدينة القديمة للتمتع بأجواء رمضان، خصوصاً مع استقبال مسجد الشافعي الواقع في حارة المظلوم أكثر من 600 مصلٍ بعد ترميمه، إذ يعد من أهم المساجد التاريخية التي بنيت منارته في القرن السابع الهجري.
وتحكي المساجد التاريخية في المدينة القديمة ومنها مسجد عثمان بن عفان الذي يطلق عليه مسجد الأبنوس، ومسجد الباشا الذي يقع في حارة الشام وبناه بكر باشا، واقع المدينة في تلك الحقبة وتسامحهم، إذ تعد هذه المساجد الملاذ الحقيقي في تدبير أمور أبناء المنطقة وحل قضاياهم.
وعلى الرغم من الحداثة، وما فرضته التقنية على المجتمع، وانتشار المراكز التجارية المغلقة، ظلت منطقة البلد تواجه هذه التحديات، إذ يقبل عليها المستهلك المحلي في شهر رمضان لشراء حاجاته من سوق الخاسكية الذي يقع إلى جانب السوق الكبير، إلى سوق الصاغة لتجارة الحلي والأحجار الكريمة، وهو كذلك يتنقل لا شعورياً مع جماليات المكان إلى أسواق شارع قابل الذي يعد من أهم الأسواق التجارية، وسوق الندى، وسوق البدو، ليخرج المتسوق بعد ذلك بحصيلة كبيرة من المشتريات، والكثير من المعرفة عن المنطقة التاريخية.
وأشار خالد سلوم إلى محاولات جادة لإعادة شيء من تاريخ جدة في شهر رمضان، لأنه يصعب سرد كل الحكايات والتفاصيل الدقيقة عن تلك الحقبة، خصوصاً أنّ هناك أنواعاً كثيرة من الأطعمة اندثرت ولم تعد منتشرة في الوقت الراهن ومنها «السقدانة» التي تُحضَّر بماء ونشاء وشيء من الحليب، إضافة إلى الأكلة الأكثر انتشار في رمضان بجانب السمك (كباب ميرو) والخشاف.
وتحدث عن ألعاب كثيرة يعول على الشباب في إعادتها للواجهة بعد أن انقرضت، وفي مقدمتها لعبة «العصفور»، التي تتمثل في وضع أحد الشباب في حفرة ودفنه بقليل من التراب، ثم يسأل من الطرف الآخر: «معنا ولا مع القوم»، وإن أجاب «مع القوم» تزداد كمية التراب حتى ينطق بأنّه معهم، ولعبة «الكبش» التي تُلعَب بعظام المواشي، وتعتمد على فريقين في لعبها. في المقابل، تشهد بعض الأحياء الشعبية وسط وجنوب جدة، محاولات لإعادة ذكريات رمضان القديمة الذي ارتبط بالمسحراتي والفوانيس المعلَّقَة على أعمدة الحارة، وجلسات العمدة، وبعض الوجبات التي كانت تعد في هذا الشهر الكريم، ولعل ما يذيب هذه الذكريات التي اندثرت بمرور الوقت وتعاقب الأجيال كبر المساحات ورحيل سكان الحي القدماء إلى شمال المحافظة بغية التوسع والتطور.
وهنا يقول المهندس سامي نوار رئيس بلدية جدة التاريخية لـ«الشرق الأوسط»، إنّ أمانة جدة عملت جاهدة على مدار الأعوام الثلاثين الماضية للمحافظة على المباني رغم التحديات وعدم إزالتها من قبل ملاكها، موضحاً أن وجودها اليوم يشكل أكثر من 50 في المائة من التاريخ، وإعادة الكثير من الحكايات التي يبحث عنها الزوار بين أزقة المباني وما يباع في الطرقات.
وأضاف أن عودة بعض ما كان يدور في تلك الحقبة، من المسحراتي وانتشار الفوانيس ومنافذ البيع «البسطات» في المنطقة التاريخية جذبت كثيراً من سكان المدينة والزوار لمشاهدة بعض ملامح رمضان، قبل أكثر من 80 سنة، وهي عوامل مهمة في استقطاب الباحثين عن الماضي وما كان يدور في تلك الحقبة.



محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.