الشرطة المغربية تخلي سبيل ناشطة الحسيمة نوال بن عيسى

الحكومة تتعهد بمتابعة تنفيذ مشروعات التنمية في المنطقة... و«الأغلبية» تؤيد الحق في الاحتجاج

الناشطة نوال بن عيسى تتوسط المحتجين خلال المظاهرات التي عرفتها الحسيمة خلال الأيام الماضية (أ.ف.ب)
الناشطة نوال بن عيسى تتوسط المحتجين خلال المظاهرات التي عرفتها الحسيمة خلال الأيام الماضية (أ.ف.ب)
TT

الشرطة المغربية تخلي سبيل ناشطة الحسيمة نوال بن عيسى

الناشطة نوال بن عيسى تتوسط المحتجين خلال المظاهرات التي عرفتها الحسيمة خلال الأيام الماضية (أ.ف.ب)
الناشطة نوال بن عيسى تتوسط المحتجين خلال المظاهرات التي عرفتها الحسيمة خلال الأيام الماضية (أ.ف.ب)

أخلت الشرطة المغربية أمس سبيل نوال بن عيسى، الناشطة التي تسلمت قيادة الاحتجاجات في الحسيمة بعد اعتقال ناصر الزفزافي، زعيم الحراك الاجتماعي، وذلك بعد الاستماع إليها.
وكانت الناشطة وهي أم لأربعة أطفال قد كشفت صباح أمس أنها ستسلم نفسها لمصالح الأمن، بعدما علمت أنه صدر في حقها مذكرة بحث واعتقال، وأوضحت في شريط فيديو بثته أمس على حسابها، أنها ستسلم نفسها تفاديا لإخافة أبنائها الأربعة.
وأفادت السلطات المحلية لإقليم الحسيمة أمس، بأنه تمت معاينة مجموعة من الأشخاص يقومون بجولات على المحلات التجارية وتهديد أصحابها لدفعهم إلى إغلاق محلاتهم.
وأعلنت السلطات أنه «نظرا لما تمثله هذه التصرفات من خرق للقانون، سيتم التوقيف الفوري لكل من أقدم على هذه الأفعال والبحث معه تحت إشراف النيابة العامة المختصة».
في سياق متصل، تناقلت مواقع التواصل أمس شريط فيديو لوالدة الزفزافي، التي دافعت عن ابنها، ونفت تهمة حصوله على تمويلات خارجية، وقالت في مقابلة مع موقع إلكتروني: «نحن لا نملك مال المغرب، فبالأحرى مال الخارج. نحن ضعفاء ولا نملك شيئا».
في غضون ذلك، قال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، إن قضية احتجاجات الحسيمة حاضرة لدى الحكومة وتتابعها عن كثب، مشيرا إلى أنه حث الوزراء على تتبع المشروعات التي أعلن عن إنجازها في المدينة بـ«فعالية وبطريقة معقولة وسريعة».
ويأتي تصريح العثماني، الذي أدلى به خلال ترؤسه أمس الاجتماع الأسبوعي للحكومة، ردا على عدد من وسائل الإعلام التي انتقدت «صمته» تجاه ما يحدث في المدينة التي تعيش على وقع احتجاجات شعبية أدت إلى اعتقال عدد من النشطاء.
وأوضح العثماني أن حكومته تتابع مشروعات التنمية التي أطلقت في المدينة، موضحا أنه سبق لوفد وزاري أن زار الحسيمة للاطلاع على سير تلك المشروعات، سواء تلك التي تأخر تنفيذها أو المشروعات التي تسير فيها الأشغال وفق الموعد المحدد، لافتا النظر إلى وجود مشروعات استراتيجية في المدينة، مثل بناء مستشفى الذي «لا يمكن أن يتم بين ليلة وضحاها».
وكان بناء مستشفى متخصص في علاج مرضى السرطان أحد مطالب المحتجين، لا سيما في ظل ارتفاع نسبة المصابين بهذا المرض في المنطقة.
وفي المقابل، دعا العثماني خلال اجتماع الحكومة، الذي قدم خلاله محمد أوجار وزير العدل والحريات تقريرا حول الاعتقالات التي جرت في الحسيمة، إلى ضرورة حماية الممتلكات العامة والخاصة، والحفاظ على الأمن العام «لأن تعزيز أمن واستقرار البلاد سيستفيد منه جميع المواطنين».
وكشف رئيس الحكومة المغربية أنه عقد اجتماعا مع وزيري الداخلية والعدل بشأن أحداث الحسيمة، جرى خلاله التأكيد على أنه «ينبغي في أي عملية احترام حقوق الإنسان، والإجراءات القانونية»، ردا على الانتقادات التي وجهتها جمعيات حقوقية بشأن حملة الاعتقالات التي طالت نشطاء الحراك الاجتماعي.
وفي المقابل، دعت أحزاب الأغلبية الحكومية، الحكومة إلى مزيد من التفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة لسكان إقليم الحسيمة وغيرها من مناطق البلاد. وأكدت أحزاب الأغلبية الحكومية وهي العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار، والحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والاتحاد الدستوري، والتقدم والاشتراكية، في بيان لها أصدرته عقب اجتماع عقدته مساء أول من أمس برئاسة رئيس الحكومة، وبحضور وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان ووزير العدل، على «الحق في الاحتجاج تعبيرا عن المطالب الاجتماعية المشروعة، وفق المقتضيات القانونية الجاري بها العمل»، مذكرة أنه «من واجب الجميع صيانة ممارسة هذا الحق من أي إخلال أو شطط، والعمل على تعزيز نهج الحوار، واحتضان تطلعات المواطنين والمواطنات في الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية».
ودعت أحزاب الأغلبية في البيان الذي خلا من تهم الانفصال وتلقي أموال من الخارج، التي وجهها بعض ممثليها إلى المحتجين في اجتماع سابق مع وزير الداخلية، إلى «تسريع وتيرة إنجاز مشروعات التنمية والتعامل بحزم في تفعيلها»، منوهة بـ«نهج الحوار الذي اتبعته الحكومة والسلطات المحلية في تعاملها مع تلك الاحتجاجات، والتعامل المسؤول لقوات الأمن». كما دعت «الجميع إلى العمل على حماية الممتلكات العامة والخاصة واحترام المؤسسات، تعزيزا للأمن والاستقرار»، وطالبت الحكومة بالتواصل بشكل أفضل مع الرأي العام بشأن الأحداث عبر مختلف قنوات الإعلام والتواصل.
من جهته، قال مصطفى الخلفي، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إن الحكومة تؤكد من خلال وزارة العدل تجاوبها مع كل الطلبات المقدمة من طرف المحامين والعائلات لزيارة معتقلي الحسيمة، وكذا التجاوب مع كل الطلبات المتعلقة بالخبرة فيما يخص التعرض للتعذيب.
وأضاف الخلفي في مؤتمر صحافي، عقده أمس عقب انتهاء لقاء المجلس الحكومي، جوابا على سؤال حول شكاوى التعذيب، أن «كل شكوى حول ممارسة التعذيب يحال صاحبها على الخبرة الطبية مباشرة، وسيتم فتح تحقيق، وتطبيق القانون بناء على نتائج هذه الخبرة»، مضيفا أن «الاحتجاجات التي تتم مشروعة ويضمنها القانون، والحكومة تؤكد احترام جميع الضمانات التي يكفلها القانون للمعتقلين، سواء أثناء المتابعة أو المحاكمة».
كما أشار الخلفي إلى أن إقليم الحسيمة عرف تنظيم 700 وقفة احتجاجية خلال 7 أشهر فقط، وأن مدينة الحسيمة وحدها عرفت تنظيم 150 وقفة احتجاجية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».