سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان: يهمنا إجراء الانتخابات وفق الدستور

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن السوريين يريدون العودة فور توفر الشروط المناسبة

السفيرة الاوروبية في بيروت (الشرق الأوسط)
السفيرة الاوروبية في بيروت (الشرق الأوسط)
TT

سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان: يهمنا إجراء الانتخابات وفق الدستور

السفيرة الاوروبية في بيروت (الشرق الأوسط)
السفيرة الاوروبية في بيروت (الشرق الأوسط)

نقلت سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن عن المسؤولين اللبنانيين تفاؤلهم بقرب التوصل لإقرار قانون جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية، وأعربت عن أملها في أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن. وأشارت إلى أن ما يهم الاتحاد الأوروبي هو حصول هذه الانتخابات سواء وفق القانون النافذ أو وفق قانون جديد. وأكّدت لاسن في مقابلة مع «الشرق الأوسط» تفهم الاتحاد الأوروبي لوضع لبنان «الاستثنائي» بما يتعلق بأزمة اللاجئين ولإجراءات الحكومة نتيجة الضغوط الاقتصادية التي تتعرض لها طالما هي تندرج بإطار تنفيذ القوانين، لكنها أعربت عن قلقها من بعض التدابير التي تُتخذ في بعض القرى والبلدات والتي لا تتوافق مع مبدأ المساواة أمام القانون. وشدّدت لاسن على أن هناك شروطا يجب توافرها لعودة منظّمة للاجئين السوريين إلى بلدهم وأبرزها الأمان، ولفتت إلى أن حلا سياسيا شاملا للأزمة السورية هو السبيل الوحيد لتحقيق العودة الآمنة. وفيما يلي نص الحوار:
* هل تتوقعون أن تتفق القوى السياسية في لبنان على إقرار قانون جديد للانتخاب قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي؟
- نحن نأمل في ذلك، وبخاصة أننا نسمع مؤخرا أن هناك الكثير من التفاؤل في مواقف القادة السياسيين لجهة الاقتراب من الاتفاق على قانون جديد، وهو باعتقادنا أمر جيد جدا للبلد. نحن في الاتحاد الأوروبي كما كل الدول الأعضاء نحث القادة اللبنانيين منذ فترة على الاجتماع وإيجاد حل للأزمة؛ لأن ما يهمنا أن تجري انتخابات شفافة وعادلة وفقا لمقتضيات الدستور اللبناني بأقرب وقت ممكن، وبخاصة أن هذه الانتخابات كان يجب أن تحصل أصلا في شهر مايو (أيار) الماضي. على كل حال لا يزال هناك وقت قبل انتهاء المهل الدستورية، وبالتالي نأمل في أن يتحقق التوافق قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي. نعتقد أن إجراء الانتخابات النيابية وحسن سير العمل في كل المؤسسات الدستورية أمر أساسي للحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، وهذا أمر مهم لنا جميعا باعتبار أن تعاوننا مع لبنان يتم من خلال هذه المؤسسات التي يُفترض أن تكون قوية. على كل الأحوال، عندما يتم تحديد موعد لإجراء الانتخابات، سنكون سعداء بالمساعدة في تحضير وتنظيم العملية الانتخابية كما جاهزون لإرسال فريق مراقبة كما حصل في الانتخابات الماضية.
* في حال فشل القوى السياسية بالاتفاق على قانون جديد وتم تمديد ولاية المجلس مرة جديدة، ألا تعتقدون أن ذلك يُهدد النظام اللبناني الديمقراطي ككل؟
- نحن نسمع بأن هناك تفاؤلا بإقرار قانون جديد وبإجراء الانتخابات قريبا، لكن وإذا لسبب ما لم يتم الاتفاق على قانون قبل انتهاء ولاية البرلمان في 19 يونيو (حزيران) الحالي، فحسب فهمي أنه بناء على الدستور اللبناني يجب أن تحصل الانتخابات خلال 3 أشهر وفق القانون النافذ. ونحن نسمع ما يقوله القادة اللبنانيون الآن لجهة رفضهم الفراغ ورفضهم التمديد. أما ما يعنينا ويهمنا كاتحاد أوروبي فهو إجراء الانتخابات، سواء وفق قانون جديد أو وفق القانون النافذ. نُدرك أن الاتفاق على قانون جديد قد يستدعي تمديدا بسيطا يسمونه تقنيا بهدف إقرار آليات تطبيق هذا القانون، لكن خلاف ذلك، نحن لا نرى أي مبرر لتمديد ثالث لولاية المجلس النيابي.
* من الناحية الأمنية، هل تعتقدون أن لبنان قادر على الاستمرار بتجنب السقوط في البراكين المشتعلة في المنطقة؟
- الأجهزة الأمنية اللبنانية قامت وتقوم بعمل جيد جدا. المنطقة تشهد منذ سنوات حالة من عدم الاستقرار، أما لبنان فمنذ عام 2014 يرزح تحت ضغط أمني كبير نتيجة تواجد مجموعات إرهابية على الحدود مع سوريا. لكننا نعتقد أن الأجهزة كافة ضاعفت جهودها وتعاونها وقامت بمواجهة التهديدات الإرهابية بفاعلية كبيرة. نحن نشعر بأن السلطات في لبنان تسيطر على الوضع، وإن كنا على يقين أن ذلك لا يمكن أن يتم بنسبة 100 في المائة، وهذا ما رأيناه أيضا في أوروبا، حيث تعرضت أكثر من دولة لهجمات إرهابية كان آخرها في مانشستر، وذلك رغم كل الإجراءات المتخذة لتفادي هكذا هجمات. أما ما نقوم به من طرفنا لمساعدة السلطات الأمنية اللبنانية في جهودها، فيتركز على محاربة الإرهاب كما إصلاح قطاع الأمن، ولدينا مشروعات كثيرة مشتركة، وأبرزها العمل الذي نقوم به للمساعدة على وضع استراتيجية وطنية لمحاربة الإرهاب، كما نعمل مع الحكومة لضمان سلامة الطيران والمطار كما للمكافحة التطرف العنيف. كذلك ننسق ونتعاون مع وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي لمكافحة عمليات تمويل الإرهاب.
* هل لديكم أي ملاحظات على الخطوات الجديدة التي تتخذها الحكومة في التعامل مع ملف اللاجئين؟
- الكل يتفهم الوضع الاستثنائي الذي يمر به لبنان والضغط الكبير الذي يتعرض له، إن كان لجهة التحديات الأمنية أو لجهة العدد الكبير من اللاجئين الذي يستضيفه والذي يتراوح ما بين مليون ومليون ونصف لاجئ وهو العدد الأكبر للاجئين للفرد. نحن نعتقد أن لبنان استطاع إلى حد بعيد التعامل مع الوضع بمساعدة المجتمع الدولي الذي يقدّم العون للاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء، ولا نعتقد أنه سيكون مفاجئا بعد 6 سنوات أن نرى مزيدا من التوتر والضغوط، وبخاصة على الصعيد الاقتصادي وبما يتعلق بالمنافسة على الوظائف باعتبار أن لبنان يعاني أصلا أوضاعا اقتصادية صعبة. لكننا نرى أن هناك جانبا إيجابيا لجهة أن الحكومة اللبنانية أخذت المبادرة لوضع رؤية اقتصادية للبلد، إضافة إلى قرارها الاستثمار بالبنى التحتية ما قد يُسهم بخلق فرص عمل. نحن لا نقول إن الوضع سهل على لبنان، لكنه ليس سهل إطلاقا على اللاجئين وبالتالي إذا كانت الإجراءات الجديدة التي تتخذها الدولة اللبنانية تندرج بإطار تطبيق القوانين فنحن نتفهمها، لكن ما يقلقنا أن نرى بعض القرى والبلدات تضع قواعد معينة للاجئين لا تتوافق مع مبدأ المساواة أمام القانون، ونأمل أن تكون الحكومة اللبنانية تتابع أي تعديات في هذا المجال.
* هل يتجه الاتحاد الأوروبي لزيادة دعمه للاجئين في لبنان؟ وما آخر المشروعات التي نفذتموها؟
- لقد زدنا مساعدتنا للبنان خلال السنوات الـ4 أو الـ5 الماضية بشكل كبير جدا بحيث أصبحت 6 أو 7 مرات أكثر مما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة في سوريا، وهي مساعدات تطال على حد سواء اللاجئين والمجتمعات المضيفة وتندرج بإطار دعم البنى التحتية بشكل خاص بعدما باتت تتحمل فوق طاقتها نظرا لتضخم عدد السكان. لقد قدم الاتحاد الأوروبي وحده أكثر من مليار يورو للبنان وأكثر من 2 مليار يورو إذا ما احتسبنا المساعدات التي تقدمها دول الاتحاد أيضا. ولقد تعهدنا للمسؤولين اللبنانيين بالاستمرار بتقديم هذا الدعم الكبير للعامين المقبلين على أمل أن تنتهي الأزمة السورية بأقرب وقت ممكن. لقد قمنا بالكثير من المشروعات لمساعدة لبنان واللاجئين، وهي مشروعات متواصلة ومستمرة منذ سنوات، ولعل أبرز ما قمنا به مؤخرا هو تقديم تمويل كبير لدعم القطاع الصحي بـ62 مليون يورو بالتعاون مع وزارة الصحة.
* ألا تعتقدون أنه حان وقت عودة اللاجئين إلى بلادهم، وبخاصة مع قيام «مناطق خفض التوتر» التي أقرها مؤتمر آستانة؟
- كلنا متفقون على أن اللاجئين السوريين يجب أن يعودوا إلى بلدهم عندما يصبح الوضع مناسبا علما بأنهم يريدون العودة أكثر من أي طرف آخر. لكنني لا أعتقد أنه وبالنظر إلى الوضع الحالي في سوريا أن العودة الآمنة ممكنة. هناك عدد من الشروط يتوجب توافرها وفق القوانين الدولية للحديث عن عودة منظمة للاجئين وأبرز هذه الشروط الأمان وشعور هؤلاء أنهم حقيقة عائدون إلى وضع آمن. أما بخصوص الاتفاق على مناطق «خفض التصعيد» التي أقرها مؤتمر آستانة، فنحن كاتحاد أوروبي لم نكن جزءا من هذا الاتفاق ولكننا لا شك نرحب وندعم كل ما من شأنه أن يؤدي لتخفيف العنف في سوريا، وإن كان من غير الواضح بعد كيف سيتم تطبيق هذا الاتفاق وما إذا كانت هذه المناطق ستكون آمنة فعلا. نحن لم نر بعد أي تغيير بالوضع في سوريا يسمح بعودة آمنة للاجئين ونعتقد أنّها مرتبطة بالحل السياسي الشامل للأزمة والذي ننادي به منذ سنوات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».