غوتيريش لإحالة الملف السوري على «الجنائية الدولية»

اتهم النظام بعرقلة وصول المساعدات

غوتيريش لإحالة الملف السوري على «الجنائية الدولية»
TT

غوتيريش لإحالة الملف السوري على «الجنائية الدولية»

غوتيريش لإحالة الملف السوري على «الجنائية الدولية»

جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعوته إلى ضرورة إحالة الوضع في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية، متهماً النظام السوري بمواصلة إعاقة وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين.
جاء ذلك في تقرير قدمه غوتيريش، الثلاثاء، إلى أعضاء مجلس الأمن ودعاهم فيه إلى دعم الآلية الدولية المحايدة والمستقلة، للمساعدة في التحقيق بشأن الأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة بموجب القانون الدولي المرتكبة في سوريا. وقال: «في ضوء الهجوم الكيماوي الذي تعرضت له منطقة خان شيخون في 4 أبريل (نيسان) الماضي، ومع استمرار الهجمات على المرافق التعليمية والأسواق ودور العبادة (...)، وما زلت أنادي بأن تُحال الحالة في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية».
وشمل التقرير مدى التزام أطراف الصراع في سوريا خلال أبريل الماضي بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة السورية. وعبر التقرير عن قدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدة إلى 350 ألف شخص كلَّ أسبوع عن طريق القوافل المشتركة، مشيراً إلى القيود التي تفرضها حكومة النظام السوري على إيصال المعونات.
وأضاف التقرير: «رغم الحصول على موافقة السلطات من حيث المبدأ على تسليم المعونة، لكنها لا تسمح إلا بتسيير عدد هزيل جداً من القوافل عبر خطوط التماس كل شهر، وهو ما لا يكفي على الإطلاق لإنهاء المعاناة الحادة».
واستمع المجلس إلى إحاطة من رئيس الشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين، الذي أشار إلى انخفاض كبير في أعمال العنف في بعض المناطق، محذرا في نفس الوقت من أن «مثل هذه الخطوات الإيجابية، تقابلها حقيقة الصراع الذي ما زال يدمر السكان المدنيين». وقال إنه في الأسبوع الماضي فقط، أصيب 30 طفلا وامرأة بجروح خطيرة في هجوم «شنيع» قام به متطرفون من «داعش» في الأحياء المحاصرة في دير الزور، فيما كان السكان يصطفون من أجل الحصول على المياه.
وقال إنه لا يزال نحو 1.75 مليون طفل خارج المدرسة، ونحو 1.35 مليون آخرين معرضون لخطر التسرب، فيما تعرضت 7400 مدرسة – أي مدرسة من كل 3 مدارس في جميع أنحاء البلاد - لأضرار أو دُمرت أو أصبح من الصعب الوصول إليها.
من جانبهم، أكد أعضاء المجلس خلال الجلسة على دعواتهم إلى جميع الأطراف لتخفيف القيود على المعونة، مشيرين إلى أن الانخفاض في العنف كان ينبغي أن يكون قد أدى إلى زيادة وصول المساعدات الإنسانية.
ووصفت مندوبة الولايات المتحدة، نيكي هيلي «المحرقة» التي بنيت في سجن صيدنايا في سوريا للتخلص من جثث الضحايا، بأنها أكثر المؤشرات إقناعا بـ«الجحيم» في سوريا، مضيفة أن روسيا وإيران «إما ساعدتا في تمكين الحكومة السورية من ارتكاب بعض أسوأ جرائم الحرب في التاريخ، أو نظرتا بعيدا».
من جهته، اتهم ممثل الاتحاد الروسي، فلاديمير سافرونكوف الاشتباكات بين الجماعات المتنافسة لتأخير تسليم المساعدات. وتساءل: «كم من الوقت سيكون مطلوبا قبل أن يطرق أولئك الذين دربوا المعارضة السورية المسلحة بعض الحس». وانتقد سافرونكوف الدول الغربية «لتحويل اجتماعات المجلس إلى منبر يمكن من خلاله توجيه اتهامات إلى بلاده»، مؤكدا أنهم «سيعملون بشكل أفضل لو شرحوا لنا الخطوات التي يتخذونها من أجل التوصل إلى حل سياسي».
من جانبه، قال نائب ممثل النظام السوري منذر منذر، إن تقرير أمين عام الأمم المتحدة الأخير «يعكس مواقف بعض الأطراف والدول التي تسعى عمدا إلى تشويه الواقع. فهم يتهمون سوريا بفرض حصار على أراضيها، في حين أن المناطق المحاصرة كانت تحتلها الجماعات الإرهابية المسلحة، التي تستخدم المدنيين دروعا بشرية، وتبيع المساعدات الإنسانية بأسعار باهظة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».