احتج نحو 5 آلاف من سكان العاصمة الروسية موسكو يوم الأحد 28 مايو (أيار) على خطط حكومية لإعادة تسكين ملايين المواطنين الذي يعيشون في مبان سكنية تعود للحقبة السوفياتية.
ويتضمن مشروع قانون خططا لنقل بعض سكان موسكو إلى شقق سكنية حديثة، بدلا من مساكن خروشوف الرخيصة المسماة نسبة إلى الزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف وبُنيت في خمسينات القرن الماضي.
وكان خروشوف يهدف بمبادرته إلى توفير منازل لملايين الأشخاص الذين كانوا يعيشون في مناطق مكتظة بالسكان تعود إلى الحرب العالمية الثانية. لكن بعض المحتجين قالوا إن المنازل التي يعيشون فيها حاليا، وتقول الحكومة إنه تجب إزالتها لا تزال في هيئة جيدة وجرى إعادة ترميمها في الآونة الأخيرة. ورفع كثير من المحتجين لافتات تطالب باستقالة رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين، بحسب «رويترز».
على الورق، يبدو الأمر سهلا جدا، فالهدف هو هدم مجموعة من المباني السكنية غير الجذابة وغير العملية المؤلفة من خمسة طوابق، لتحل محلها عمارات حديثة وتحرير بعض مساحات الأراضي الأكثر قيمة في موسكو. لكن يشعر كثير من سكان موسكو بالقلق من موقع وجودة الوحدات السكنية الجديدة، وقلة الخدمات والبنية التحتية، كما يخشون من التأثير السلبي للتطوير على الوجه التاريخي للعاصمة.
وكان تم بناء شقق «خروشوف»، ومساحات كثير منها لا تتجاوز الأربعين مترا. ومعظمها متهالكة ورثة. ولكن هذا ليس كل شيء، فقد أثارت خطة الإحلال التي تقدر قيمتها بـ50 مليار يورو غضب كثير من السكان.
ومن المتوقع أن يسعى عمدة موسكو، الموالي للكرملين، سيرغي سوبيانين لإعادة انتخابه العام المقبل، وهذا المشروع يعد بمثابة مشروع إرث بالنسبة له. إلا أن المشروع يتضمن إجبار السكان على الخروج من منازلهم - أو «ترحيلهم»، كما سماها أحد المتقاعدين في مظاهرة ضد المشروع.
ووفقا لسلطات المدينة، فإن السكان يضمنون شقة مشابهة في حي قريب، إلا أن كثيرين منهم يخشون أن يتم الإلقاء بهم على أطراف المدينة.
وبينما تمت مطالبة السكان رسميا باتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا يريدون أن يكونوا جزءا من المشروع، فإنه إذا ما وافق الثلثان فإنه يكون إلزاما على جيرانهم الموافقة. وإذا امتنع أي مقيم عن التصويت، فإن صمته يتم الاعتداد به على أنه «نعم».
وليس من الواضح مدى تأثير السكان حقا. وبينما من المفترض أن يكونوا قادرين على مبادلة شققهم القديمة بأخرى جديدة بنفس المساحة، فإنه يتعين عليهم الدفع مقابل الأمتار الإضافية.
وبالنسبة لكثيرين، فإن هذا ليس أمرا يمكنهم تحمله من الناحية المادية. فقد تسببت الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تراجع أسعار النفط عام 2014 في تراجع فعلي في الدخول رغم انخفاض التضخم، وحصول المتقاعدين على مخصصات تبلغ في المتوسط نحو 250 دولارا شهريا من الدولة.
وحتى سكان موسكو الذين لم تندرج شققهم ضمن خطة الإخلاء فإنهم يشعرون بالقلق بشأن قيمة ممتلكاتهم. فقد تراجعت بعض الأسعار فعليا بنسبة نحو 12 في المائة منذ إعلان الخطط، بحسب صحيفة «كومرسانت».
تعيش ربة المنزل يلينا فومينا في تكتل في منطقة سوكولنيكي. وليس من المقرر هدم منزلها، ولكنها لا تزال منزعجة من المشروع. وتقول إن «قيمة شقتها تراجعت بالفعل بـ20 في المائة»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وكانت الاجتماعات التي عقدتها البلدية لإبلاغ السكان بالخطط انتهت بجولات من المشاجرات والصراخ. وتعتبر فومينا أن المشروع غير دستوي وغير أخلاقي.
وبعد كل شيء، فإن معظم الشقق ملكية خاصة، فبعد انهيار الاتحاد السوفياتي انتقلت الملكية ببساطة إلى السكان.
وبالنسبة لمن يرفضون الخروج من شققهم في غضون شهرين فإنه سيتم إخراجهم منها بالقوة. ووفقا لأحد المتظاهرين، الذي طلب الإشارة إليه باسم ألكسندر، فإن هذا غير قانوني.
وكان قد تم بناء التكتل السكني الذي يعيش فيه عام 1963، ويعيش هو وزوجته هناك منذ 40 عاما. ويضيف: «إننا بالطبع نريد شقة أفضل، ومطبخ أوسع»، ولكن تدمير المبنى ليس ضروريا.
وأضاف أنه «في ألمانيا الشرقية السابقة أظهروا كيف يمكن تجديد المساكن سابقة التجهيز».
ويعتقد أن استثمارا كبيرا هو العامل المحرك الفعلي وراء الخطة، فهي تتضمن مساحات من الأراضي صاحبة أعلى طلب في العاصمة الروسية. ومن المؤكد أن المطورين سيحققون أرباحا هائلة من المشروع.
وقد أوقفت الأزمة الاقتصادية طفرة البناء، وتم ترك كثير من المشاريع دون استكمالها. ففي عامي 2014 و2015، تراجع حجم المبيعات في قطاع البناء بنسبتي 4 و5 في المائة على التوالي.
ولم يتم بعد إعلان الجوانب القانونية لخطط «التجديد»، ويأمل كثير من المتظاهرين في أن يتم سحب هذه الخطط.
ومن المرجح جدا أن يبدأ سوبيانين على الأقل المشروع الذي يتبناه. فقد أصبح معروفا باتخاذ الإجراءات المفاجئة، كتدمير الآلاف من الأكشاك غير القانونية بين عشية وضحاها لإقامة ممرات للدراجات. إنه رجل في مهمة لتطهير المدينة.
ولكن حجم المعارضة من جانب سكان موسكو البالغ عددهم 14 مليون نسمة ينبغي أن يسبب له بعض القلق بشأن انتخابات العام المقبل.
«مساكن خروشوف» تثير احتجاجات وسط موسكو
سكان متخوفون من الطرد... ونظريات مؤامرة حول أرباح الأراضي
«مساكن خروشوف» تثير احتجاجات وسط موسكو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة