مفخختان توقعان عشرات الضحايا في بغداد

مارة ورجال أمن في موقع تفجير الكرادة ببغداد أمس (أ.ب)
مارة ورجال أمن في موقع تفجير الكرادة ببغداد أمس (أ.ب)
TT

مفخختان توقعان عشرات الضحايا في بغداد

مارة ورجال أمن في موقع تفجير الكرادة ببغداد أمس (أ.ب)
مارة ورجال أمن في موقع تفجير الكرادة ببغداد أمس (أ.ب)

سقط عشرات الجرحى والقتلى في هجومين بسيارتين مفخختين في جانبي بغداد، حي الكرادة في الرصافة، وحي الشوّاكة في الكرخ.
وأشارت وزارة الصحة إلى أن هجوم الكرادة الذي وقع قرب متجر للبوظة والمرطبات، منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، أوقع ما لا يقل عن 15 قتيلاً وأكثر من 70 جريحاً، فيما قال الناطق باسم قيادة عمليات بغداد العميد سعد معن، إن انفجار الشوّاكة الذي وقع في التاسعة صباح أمس، ونفذه انتحاري يقود سيارة مفخخة، أسفر عن مقتل 10 أشخاص وجرح 40 آخرين، بينهم 6 من منتسبي القوات الأمنية.
وأظهرت صور ومقاطع مصورة نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد لوقوع الانفجار والحريق الذي أعقبه، والدمار الكبير الذي خلفه. وغطى الركام الطاولات والكراسي أمام المتجر. وأظهرت إحدى اللقطات شخصاً ملقى على الأرض فيما يحاول آخرون إسعافه.
وخيّم الحزن والخوف على بغداد بعد الهجومين، وسط توقعات بتكرار مسلسل الهجمات الإرهابية في شهر رمضان الذي يفضل تنظيم داعش شن هجماته خلاله على التجمعات السكانية في بغداد. ويتوقع مراقبون ارتفاع الحصيلة النهائية لضحايا الانفجارين، ويقولون إن المتحدثين الرسميين غالباً ما يلجأون إلى التقليل من حجم خسائر الهجمات الانتحارية التي تقع في بغداد للتقليل من حجم الصدمة على قاطني العاصمة.
ويعيد هجوم الكرادة إلى الأذهان هجوماً مماثلاً وقع في الحي نفسه العام الماضي في شهر رمضان أيضاً، وراح ضحيته أكثر من 500 شخص بين قتيل وجريح وأحدث دماراً كبيراً في المباني. ويستغرب سكان الكرادة من سهولة استهدافها، رغم إغلاق غالبية الطرق المؤدية إلى شوارعها الرئيسية ووجود نقاط التفتيش الأمنية التي يتطلب اجتيازها نحو ساعة، إلى جانب وجود مقرات لأحزاب سياسية وفصائل مسلحة فيها.
واستولى ناشطون على الموقع الإلكتروني لجهاز الأمن الوطني، وكتبوا عليه أن «الاستهتار بأرواح الناس أحد أهم أسباب دمار البلد. جهاز الأمن الوطني كان المفروض أن يكون أمنياً ووطنياً، لكن للأسف (عرقلته) المحاصصة والفساد والتعيينات التي لا تمت بصلة إلى الجهاز».
وأدان رئيس الوزراء حيدر العبادي تفجيرات أمس، وأعلن «العمل على خطة جذرية بشأن السيطرات المشتركة»، مشيراً إلى وضع «خطة لتأمين الحدود العراقية - السورية». وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في وقتها.
وقال رئيس اللجنة الأمنية في مجلس النواب إن السيارة المفخخة التي انفجرت في الكرادة «جاءت من القائم (في محافظة الأنبار) ومن خلال سيطرة الصقور» جنوب الفلوجة، لافتاً إلى «وجود معلومات مسبقة بشأن السيارة المفخخة، لكن أجهزة الأمن لم تحسن التعامل معها». واعتبر أن «القائم والرطبة وصحراء الرمادي أصبحت ملاذا آمناً للدواعش».
وأوضح الزاملي في بيان أن «العجلات (السيارات) التي تسير في بغداد من دون أرقام، إضافة إلى الأسلحة المختلفة والمقرات العسكرية في الكرادة وتخويف السيطرات والاعتداء عليها (من قبل فصائل مسلحة) وضعف القيادات الأمنية وتدخل بعض السياسيين» بين أسباب الخروقات الأمنية المتكررة.
ويستبعد مراقبون أمنيون وصول السيارات المفخخة من نقاط بعيدة إلى بغداد مع وجود حواجز أمنية كثيرة على طول الطرق الرابطة بينها وبين بقية المحافظات، ويميلون إلى ترجيح فرضية «الخلايا النائمة» في بغداد والمناطق القريبة التي يستطيع تنظيم داعش تحريكها للقيام بهجماته في العاصمة.
واستنكر نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي تفجيري بغداد، معتبراً أنهما «تغطية على الخسائر الكبيرة لتنظيم داعش وهزيمته في الموصل»، فيما أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى العراق يان كوبيش بأشد العبارات التفجيرين الإرهابيين، وعبر عن تعازيه لأسر المتوفين وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين. وأعرب عن «التضامن مع الشعب العراقي»، وحض السلطات على «توخي الحيطة والحذر خلال الفترة المقبلة لإفشال مخططات الإرهابيين التي ترمي إلى كسر إرادة الشعب».
وأكدت مصر وقوفها وتضامنها الكامل مع العراق، في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف زعزعة أمنه واستقراره. وبنبرة حادة، وأدانت وزارة الخارجية المصرية، في بيان أمس، الهجوم الإرهابي في حي الكرادة, وأكدت «ضرورة تكاتف الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة الإرهاب التي تتنافى مع المبادئ والقيم الإنسانية كافة... وإيجاد رؤية شاملة لوقف انتشار ظاهرة الإرهاب، والحد من قدرتها على جذب عناصر جديدة، وتجفيف منابع تمويلها.
وأدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط التفجيرين. ودعا القيادات العراقية إلى «الوقوف صفاً واحداً من أجل مواجهة التحديات المشتركة، والتصدي لأي محاولات لنشر الفرقة وتهديد الوحدة الوطنية».
وأدان المبعوث الأميركي الخاص لدى التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بريت ماكغورك الهجوم في الكرادة، وقال في تغريدة على «تويتر»: «ندعم العراق في مواجهة الشر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».