جعجع لـ «الشرق الاوسط»: الفراغ أسهل من تسليم لبنان إلى حزب الله

قال إنه بعدما سمى عون نفسه مرشحا توافقيا.. لم يعد لكلمة «توافقي» أي معنى

رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع (أ.ب)
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع (أ.ب)
TT

جعجع لـ «الشرق الاوسط»: الفراغ أسهل من تسليم لبنان إلى حزب الله

رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع (أ.ب)
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع (أ.ب)

أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنه مستمر في الترشح للانتخابات الرئاسية، متوقعا أن لا تحصل الانتخابات في الجلسة المقبلة التي حددها رئيس البرلمان نبيه بري الخميس المقبل، ولا في تلك التي سوف تليها، وقال إن حزب الله يحاول أن يضعنا أمام خيارين، إما تسليم البلاد لرئيس يختاره، وإما الفراغ.. قبل أن يستدرك: «الفراغ أسهل من تسليم لبنان للحزب».
وشدد جعجع في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أنه ليس متمسكا بترشيحه بالمطلق، مبديا استعداده لمناقشة الأمر إذا وافق الفريق الآخر على مرشح آخر من 14 آذار يحمل نفس البرنامج والأفكار، مشيرا إلى أن الرئيس السابق أمين الجميل والوزير بطرس حرب «مرشحان على القدر والقيمة».
وقال جعجع: «وفقا للطريقة التي يتصرف بها الفريق الآخر ستؤول البلاد إلى الفراغ، فالمعادلة التي يضعون الجميع أمامها هي أنه إما أن يصل المرشح الذي يريدونه، وإما الفراغ، فيما أن التصرف الطبيعي والمنطقي هو أن يسموا مرشحهم ويضعوا له برنامجا يعرضونه على الناس، وينزلوا إلى المجلس النيابي لخوض انتخابات يفوز بها أحد الطرفين».
ورأى جعجع أن الحياة السياسية في لبنان تضرب لصالح نوع من البلطجة، مشيرا إلى أنه ثمة محاولة من حزب الله أن يفرض بالبلطجة رئيسا للجمهورية يريده هو، ويفرضه على بقية الفرقاء في لبنان.
وعن الترجمة الفعلية لموقفه الأخير القائل باحتمال تنازله عن ترشحه لصالح أحد مرشحي فريق 14 آذار، قال جعجع: «إذا كان ثمة مرشح آخر يحمل نفس البرنامج الذي طرحته، ويمكن للفريق الآخر أن يسير به، فأنا مستعد لمناقشة الأمر. المسألة ليست شخصية أبدا بالنسبة لي، فترشحي له هدف، ويخدم رؤية».
وردا على سؤال عما إذا كان المعني بكلامه الرئيس الأسبق للجمهورية أمين الجميل، قال جعجع: «هناك الرئيس أمين الجميل والوزير بطرس حرب وهما اسمان على (القدر والقيمة) ولديهما نفس البرنامج الذي أحمله وأدافع عنه. فإذا كان الفريق الآخر مستعدا للقبول بترشح أحدهما فأنا مستعد للكلام في الموضوع بالتفاصيل. هذه هي الحدود التي أقبل بها، فأنا لست مقفلا النقاش على شخصي فقط».
وردا على سؤال عما إذا كان يواجه «شبحا» من قبل الفريق الآخر حيث لا يوجد مرشح معلن، أجاب جعجع: «الأمر أبعد من ذلك، ففي عام 2008 تصرف حزب الله بالطريقة نفسها، حيث كان المرشحان لدى 14 آذار الوزير حرب والنائب الراحل نسيب لحود، فعطل عملية الانتخاب حتى حصل الفراغ، ثم جاء السابع من مايو (أيار) (العملية العسكرية التي شنها الحزب ضد معارضيه في بيروت في مايو 2008) وذهبنا إلى (العاصمة القطرية) الدوحة حيث كانت التسوية التي أتت بالرئيس ميشال سليمان. ويبدو أن هذا أسلوب للحزب يتبعه بشكل مستمر، فبدلا من أن يذهب إلى البرلمان لخوض انتخابات ديمقراطية شفافة، يدفع باتجاه الفراغ، وتحت ثقل الفراغ يفرض مرشحا ما يرتاح إليه».
وعما إذا كان الدفع باتجاه الفراغ هذه المرة يهدف إلى صيغة حكم جديدة في البلاد، قال جعجع: «لا أعتقد ذلك. هذا الموضوع يستعمل فزاعة (ضد المسيحيين)، فصيغة مماثلة تحتاج إلى إجماع وطني، وهذا الإجماع غير متوفر. وغالبية الفرقاء يقولون إنهم ضد تعديل الدستور واتفاق الطائف، وإن الأمر ليس واردا في الوقت الحاضر.. هم فقط يريدون فرض رئيس جديد».
وشدد جعجع على أنه لم يخض معركة الترشح للانتخابات الرئاسية من منطلق شخصي، معلنا استعداده للجلوس حول الطاولة من أجل مناقشة أي اسم يوافق عليه الفريق الآخر.
وأشار إلى أن الأمور حتى الساعة تؤشر إلى عدم القدرة على انتخاب رئيس في الجلسة المقبلة، وربما التي تليها. وأكد أنه مستمر في ترشحه «عمليا.. إلا إذا حصل توافق على شخص ما». وأعلن جعجع عدم قبوله بمرشح توافقي من خارج 14 آذار، قائلا: «أي مرشح يطرح، أريد أن أعرف ما هو برنامجه. التسميات لم تعد تفيد بشيء. وطالما أن العماد ميشال عون يعد نفسه رئيسا توافقيا، فلم يعد من فائدة للكلام عن مرشح توافقي».
وعن الكلام القائل بأن عون قد يكون مرشح تسوية كبرى تتضمن عودة الرئيس الأسبق للحكومة سعد الحريري إلى البلاد وترؤسه أولى حكومات العهد الجديد، يقول جعجع: «عودة الحريري ليست بيد العماد عون؛ فعندما يقرر هو العودة يستطيع أن يعود. ورئاسة الحكومة ليست منة من العماد عون للحريري، فالحريري لديه الكتلة السنية الكبرى في لبنان، من شماله إلى جنوبه. وإذا هكذا كانت التسوية، فلا يكون الحريري قد أخذ شيئا منها».
وعن مدى احتمال حصول الأمر ضمن تسوية كبرى لضبط الوضع اللبناني بشكل كامل، رد ضاحكا: «هل المقصود ترتيبه بشكل كامل، أم خربطته بشكل كامل؟».
ويشدد جعجع على أنه لا يوجد أمام قوى 14 آذار سوى خيار واحد، هو الاستمرار في النزول إلى جلسات البرلمان وحضور كل جلسات الانتخاب، مع إضافة جديدة تقول للطرف الآخر: «إذا أردتم شخصا آخر بالبرنامج نفسه، فلا مانع لدينا». ويؤكد ثقته بثبات موقف حلفائه، قائلا: «أنا واثق من دعم حلفائي. وأكبر دليل على ذلك أنه قيل منذ الجلسة الأولى للانتخابات إن تيار المستقبل مدين لي بالدعم في أولى جلسات الانتخاب، وبعدها يبحث عن مرشح آخر، لكن ما حصل هو أنهم مستمرون في دعمي حتى الآن».
ماذا لو حصل الفراغ؟ يجيب جعجع: «لا حول ولا قوة إلا بالله. فهل نستسلم تحت ضغطهم؟ إذا حصل الفراغ، يكون الفريق الآخر هو من دفع بالبلاد نحو الفراغ. لن يكون الوضع في أحسن أحواله، لكن لا يوجد لدينا خيارات كثيرة، فإما أن نستمر على موقفنا، وإما نسلم البلاد إلى حزب الله وحلفائه». ثم يضيف: «الفراغ أسهل، وأرحم من أن نخسر لبنان إلى الأبد. أفضل بعض الأيام الصعبة على أن نسلم لبنان إلى حزب الله».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.